يفصل محمد بوكراس، مدير المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري، في حديثه مع "المساء"، رؤيته المستقبلية للمؤسسة التي يديرها منذ عام، إذ يرى أنها تمر بمنعطف حاسم سيغير من وجهها، وتعود إلى سابق عهدها قطبا للإشعاع الثقافي، بعد أن سطر لها ورقة طريق محكمة، من شأنها أن تلغي فكرة أن المعهد ثانوية كبيرة، بل مصنعا للأحلام والمبدعين. بناية المعهد مهترئة لا خطر على الطلبة ❊ تم تعيينكم في مارس 2020، على رأس المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري، بعد مرور عام أي حصيلة تقدمونها اليوم؟ ❊❊ عُينت على رأس المعهد بداية من 31 مارس 2020، حقيقة، مر عام من العمل في هذا المنصب، أولا ظروف التعيين كانت في ذروة الحجر الصحي، منا يعني أن الوقت المتاح للعمل تقلص، كما أن عدد الموظفين انخفض إلى خمسة، علاوة على الترخيص الذي استفادت منه الأمهات العاملات، والقاطنون خارج العاصمة. ربما يمكن أن أقول؛ رب ضارة نافعة، إذ كانت سانحة لدراسة الوضع العام للمعهد، على صعيد البناية التي تعرضت للاهتراء منذ سنوات، ولم تأخذ حقها من الترميم والعناية، وهذا ما أدى إلى تراجع رونقها السابق، خاصة أنها تقع في منطقة جميلة في برج الكيفان (شرقي العاصمة)، وتبعد عن شاطئ البحر بأمتار قليلة، وهذا الموقع الأكثر زيارة، وقد وقفت على كل شبر من المعهد. كانت الفرصة أيضا للنظر في وضعية العمال، وقد لمست تراجعا لافتا لعددهم، من 126 إلى 84 عاملا، بسبب تجميد التوظيف سنة 2014، إضافة إلى تقاعد من 6 إلى 8 موظفين سنويا، بالتالي نجد أنفسنا أمام صعوبة تعويضهم، ومناصب آيلة للزوال لا يمكن تعويضها أيضا، وكان يشتغل في المعهد حوالي 12 إلى 15 عاملة نظافة، والآن هناك 5 فقط يعملن على مساحة تفوق 8 آلاف متر مربع بمستويات عديدة. وفوق كل ما سبق ذكره، المعهد لا يتوفر على مدير الدراسات ومدير البيداغوجيا ورئيس مصلحة الوسائل العامة، يعني هناك فراغ في الهيكل التنظيمي للمعهد. كل هذا جعلني أراجع أمورا على مستوى البناية والبيداغوجيا، وكذلك البرامج التي أرى أنها أُعدت في ظروف استعجالية، وبغض النظر عن الاستعجالية، برامج نظام ال"ل.م.د" تُراجع كل ثلاث سنوات، حتى تنسجم مع سوق العمل، وكذلك مواكبة التطور الحاصل على مستوى البرامج والمراجع، وعليه لابد من إعادة النظر في عروض التكوين كل ثلاث سنوات، ونحن بصدد المراجعة، ذلك أن المعهد يكون في شعبتين؛ السمعي البصري، وفيها تخصصا التقاط الصوت والتقاط الصورة، وشعبة فنون العرض التي تضم النقد المسرحي، التمثيل، السينوغرافيا، وعلى مستوى الماستر، هناك تخصصان هما؛ الإخراج المسرحي والنقد المسرحي. كل هذه التخصصات نكوّن منها فن الممثل على مستوى الليسانس، وفن الإخراج والنقد على مستوى الماستر، بالتالي السينوغرافيا تعرف تعطلا على مستوى الماستر، والأمر يحتاج إلى إعادة النظر في برامج التكوين، وبعد عملية التشاور، فكرنا في استحداث جذعين مشتركين، الأول يسمى فنون العرض، والثاني سمعي بصري. الفكرة أن نحيل الطالب المتحصل على بكالوريا إلى سنة من الدراسة (جذع مشترك)، ليتعرف على المعهد والتكوين الفني بشكل عام، وبعد تلك السنة يختار التخصص وفقا لرغبته وتحصيله العلمي ونتائجه الدراسية. منذ وصولي إلى المعهد، وجدت الفضاءات في وضعية مهترئة، وفكرت في أن أبدأ العمل بفضاءين مهمين؛ المكتبة التي لم يبق فيها لا مقعد ولا طاولة، وهذا الأمر غير مقبول، خاصة أن المكتبة هي القلب النابض للمؤسسات التكوينية، وهذا المعهد عريق بتاريخه، وعملنا حتى يكون هذا الفضاء لائقا، كما تدخلنا على مستوى الإقامة وفي فضاء المطعم تحديدا، وأرى أن الطالب إذا تحسن وضعه الاجتماعي يمكن أن تطالبه بالعمل. والآن نحن بصدد إعداد قاعة فخمة متعددة الاستعمالات، تدريس واجتماعات وتكوين، ستكون جاهزة في غضون عشرين يوما. تقدمنا بطلب إلى وزارة الثقافة والفنون يشمل عرض حال المعهد، وطلب آخر موجه لمصالح الحماية المدنية لتقييم الوضع العام للمعهد، ذلك أنه يحتوي على نقاط خطيرة، وكلل بتقرير مفصل، ضم تحفظا على 21 نقطة، ونعمل على حلها واحدة تلو الأخرى، حسب سلم الأولوية، حتى نطمئن على سلامة الموظفين والأساتذة والطلبة. كما راسلنا مصالح المراقبة التقنية، حتى يكون تدخلنا علميا ودقيقا. حاليا لا يوجد أي خطر بفضل الحيطة واليقظة، أعتقد أن أولويتنا موجهة لأمن وسلامة الطلبة، بتوفير كل الخدمات الضرورية، وعليه يمكن مطالبته بالأمور البيداغوجية، وأعتقد يقينا أن تحسين الظروف الاجتماعية من شأنه أن يجعل الطالب مبدعا، وهي مسؤوليته، بصرف النظر عن التحصيل العلمي كذلك. بعد مرور عام، يمكن أن أقول إنني على دراية كافية بتفاصيل المعهد، سواء على صعيد البناية أو البيداغوجيا، والجانبين الإداري والمالي. خلال الفترة الأخيرة، كان هناك تحد لوباء "كورونا"، يتعلق باستكمال السنة الدراسية، إذ كنا مطالبين بتعويض سداسي كامل للطلبة، ومنذ سبتمبر 2020، أحضرنا الطلبة على دفعات، وأنهينا الموسم الدراسي، رغم الصعوبات، في ظروف جد حسنة، ثم باشرنا في افتتاح العام الدراسي الجديد 2020-2021، في ديسمبر الماضي، الذي وفقنا فيه كذلك رغم الصعوبات التي فرضها انتشار الكوفيد. الغلاف المالي المخصص لترميم المعهد غير كاف ❊ ماذا ينتظركم في هذا الموسم الجديد؟ ❊❊ ينتظرنا عمل متعب جدا، لكن ثماره ستكون مفيدة، وربما ستكون نقطة انعطاف في تاريخ المعهد، إن لم أبالغ، ذلك أن هذا العام سيعرف المعهد تخرج دفعتي ماستر بمعدل 12 عرضا مسرحيا، يعده طلبة الإخراج، وعشرة أفلام قصيرة ينجزها طلبة التقاط الصورة، وتسعة مشاريع ينجزها طلبة التقاط الصوت، كذلك طلبة التمثيل، بالتالي نحن مقبلون على مهرجان كبير سيكون في نهاية العام الدراسي، شهري جوان وجويلية القادمين. الطلبة ليسوا ملزمين فقط بمذكرة التخرج، ولكن بتقديم مشروع فني، وإدارة كل هذه المشاريع أمر صعب، فالأمر مكلف لأنه يضم ديكورات وتصميمات وملابس وغيرها، ويحتاج طلبة الصورة والصوت إلى عتاد، كل هذا استدعى إمضاء سلسلة من اتفاقيات مع مسرح بسكرة الجهوي، وقريبا مع مسرح سوق أهراس، علاوة على إبرام اتفاقية سابقة مع المسرح الوطني الجزائري، مفادها أخذ على عاتقهم مجموعة من الطلبة المتخرجين حتى يحتضنوا إنتاجاتهم المسرحية والمساهمة في إنتاجها. أرى أنه إذا نجحنا في إنتاج هذه العروض ومرافقة الطلبة في أحلامهم، الطالب لا يفكر في التكاليف، بل في حلمه، وإذا تحقق الأمر فإننا سنخرج مؤسسة المعهد من الدائرة المغلقة إلى دائرة المؤسسة الفاعلة والمهمة التي تنتج أفكارا وإبداعا، وهذا المطلوب، فالمعهد ليس ثانوية كبيرة، بل هو مصنع للمبدعين، إذا نجحنا خلال هذه الدورة في مرافقة الطلبة في إنتاج أحلامهم، بمكن أن نقول، إننا حققنا خطوة كبيرة تتمثل في إعادة المعهد إلى مساره الطبيعي. إنشاء معاهد فنية متخصصة توجه صائب ❊ هل تعتقد أن إنشاء معاهد متخصصة، مثلا في السينما، من شأنه أن يخفف المطالب في إدراج تخصصات أخرى في المعهد؟ ❊❊ هناك تجارب في العالم، وعلينا أن نختار منها، وتجربة الجزائر في مجال التكوين عريقة، لكن اليوم، ليس من العيب أن نقتدي بتجارب أخرى، خاصة ممن يملكون باعا طويلا في التكوين الفني، نحن أمام خيارين، إما أن نتجه نحو الأكاديميات الفنية التي تجمع عددا من الاختصاصات الفنية، مثل الموسيقى والسينما والمسرح والبالي والفنون الجميلة والفنون الجديدة المعاصرة وغيرها، فالطالب عندما يكون في الأكاديمية، سيستفيد من وجود أساتذة من كل الاختصاصات الفنية في مكان واحد، وسيلقى سندا من زملائه الطلبة في تخصصات أخرى، فالاحتكاك الذي يحدث خلال أربع سنوات من الدراسة، والنقاشات التي تصدر بشكل عفوي بين الطلبة، كل حسب تخصصه، من شأنه أن يضيف لمعارفه.. هو تكوين بشكل آخر. والخيار الثاني؛ إنشاء معاهد متخصصة، وهذا هو حال الجزائر، فاليوم لدينا معهد عالي في الموسيقى، مدرسة عليا للفنون الجميلة، ومعهد عالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري. وأعتقد أنه لابد من الذهاب إلى معهد لفنون العرض، وإنشاء مدرسة متخصصة في السينما، لأن فنون العرض اليوم عديدة ولا تزال تتعدد، ثم المهن أو الحرف المتعلقة بها هي أيضا متعددة، اليوم يحسب لهذا الفن ستون أو سبعون مهنة، ومنها ما اندثر، والجزائر بحاجة إليها، على غرار مهنة مختص في الملابس الفنية، لو بحثنا في البلاد طولا وعرضا فلن نجد واحدا، إذ من شأنه أن يعود على الثقافة الجزائرية بالفائدة، ويعيد الاعتبار للباس الجزائري، وكيف يسوق له فنيا وسينمائيا ومسرحيا. أعتقد أن الذهاب في هذا الاتجاه، وأن تكون لنا مدرسة عليا للسينما وأخرى لفنون العرض، هو اختيار صائب جدا، وأرى أن الجهود المبذولة على مستوى وزارة الثقافة بخصوص دراسة خارطة التكوين في المؤسسات التابعة لها، هي جهود حثيثة، وأننا نمضي في الاتجاه الصحيح، بما أننا نفكر في إنشاء مدرسة للسينما، وإعادة معهد برج الكيفان إلى دوره السابق، وهو التكوين في مهن فنون العرض، وهو تفكير صائب. الجزائر في ظرف مناسب للذهاب لاقتصاد ما بعد البترول والصناعة الثقافية ❊ ألا تعتقد أن فكرة إنشاء أكاديمية قرار صائب أيضا؟ ❊❊ النظام التعليمي في الجزائر لا يتوفر على تشريع خاص بأكاديمية، لدينا معهد ومدارس عليا، جامعة ومركز جامعي. لو أردنا المضي في إنشاء أكاديمية، سيتطلب ذلك وقتا طويلا في وضع تشريع خاص به، وانتظار صدوره ومناقشته، لذلك أرى أنه من السهل الذهاب مباشرة إلى تعزيز المؤسسات التكوينية الفنية المختصة، بمؤسسات أخرى لا نملكها، بما في ذلك مدرسة للسينما. نهاية العام الدراسي سيكون مهرجانا ❊ في تصريح سابق لكم ل"المساء"، قلتم إنه من الضروري فتح تخصصات فنية جديدة، ما الذي تجسد من كلامك؟ ❊❊ للأسف، لم نستطع أن نحقق هذا الأمر لسببين، أولهما أننا فكرنا في تخصصات جديدة خاصة على مستوى الماستر، كان هناك نقاش في رمضان الماضي حول مستوى الدراما الرمضانية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتأكدت فكرة ضحالة المستوى، وأننا ننتج فقط من أجل الموسم الرمضاني، وكان مرد ذلك، ضعف السيناريو وكتابتها هزيلة، واستجابة لهذا النقاش أردنا أن نفتح تخصص ماستر في الكتابة الدرامية التي تتعلق بالمسرح والسينما، واجتهدنا في اتصالاتنا مع الخبراء في الكتابة الدرامية لمدة شهرين، وأودعنا طلب عرض تكوين على مستوى وزارة الثقافة والفنون، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك نائب مدير مكلف بالتكوين، لذلك تعطلت الإجراءات، وكان تفشي وباء "كورونا" سببا آخر في إلغاء الاجتماعات، وتقديمنا للعرض كان في وقت غير ملائم، لكننا نتمنى أن يكون العرض ما زال قائما، ونتمنى أن نفكر في عروض تكوينية أخرى، على غرار المناجمت الثقافي. ❊ تم تجميد التوظيف في المعهد منذ 2014، كيف يمكن منح مناصب لهذه التخصصات الجديدة في حال قبولها؟ ❊❊ في الجامعة أو المعهد، لنا الحق في الاستعانة بأساتذة مؤقتين، بمعنى أننا لسنا ملزمين بفتح مناصب مالية، وهؤلاء الأساتذة المؤقتون ينالون مستحقاتهم المالية بالحجم الساعي للتدريس، وهو المعمول به في المعهد حاليا فيما يخص بعض التخصصات، بالاستعانة ببعض الخبراء من خارج المعهد لتغطية بعض التخصصات الدقيقة، من الجامعة أو من الممارسين. الممارسون نجد صعوبة في منحهم مستحقاتهم المالية، لكننا بحاجة إليهم، هناك تخصصات دقيقة ليس لها شهادة جامعية، مثل مهنة تصحيح الألوان في السينما، بالتالي لابد من الاستعانة بالممارسين، وهذا أمر صعب، لكن هناك حلول. وأرى أنه يجب أن يدخل ضمن إستراتيجية وزارة الثقافة والفنون ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ثم هناك حل في الاستعانة بالخبرات الأجنبية، وهذا أمر مهم في المرحلة الأولى، يؤطرون الدفعات الأولى من طلبة الماستر، ثم يتم إرسال الناجحين للخارج لنيل الدكتوراه في التخصصات المطلوبة في الجزائر، أو التي تحتاجها المعاهد الفنية المتخصصة، خاصة ونحن مقبلون على فتح مدرسة للسينما، ويعودون للتكوين هنا في بلادهم، وهنا تكتمل الدورة. وفي هذا الشأن، أريد أن أنفي فكرة لا أحبذها، عن ذهاب طلبة للخارج ولا يعودون، لأن التاريخ ينفي ذلك، بل يثبت العكس، ذهبت مجموعة من الطلبة إلى الصين وروسيا وعادوا وهم يشتغلون في المعهد. أعتقد أنه بهذه الطريقة يمكن حل هذا الإشكال في خمس سنوات. ليس هناك استحالة في الموضوع، وهو ظرف ملائم للجزائر إذا كانت تفكر في اقتصاد ما بعد البترول، والصناعة الثقافية لابد لها من استثمار الإنسان، من خلال التكوين المتخصص، قبل بناء المنشآت. المعهد ليس ثانوية كبيرة بل مصنع للمبدعين ❊ هل وجدتم حلا بخصوص ترميم بناية المعهد من التشققات وحالته المهترئة؟ ❊❊ نسير على محورين، الأول يتمثل في طلب الدعم أو تخصيص ميزانية خاصة من لدن وزارة الثقافة والفنون، وقد كونا ملفا أرسلناه للوزارة المعنية، وافتككنا موافقة مبدئية، حتى وإن كانت غير كافية، لكنها ستساعد على تزيين صورة المعهد، حتى لا يبقى بهذا الشكل الذي لا يشرف المعهد ولا بلدية برج الكيفان، لكن من شدة إهمال المعهد طوال أكثر من عشر سنوات، فميزانية وزارة الثقافة والفنون لا تكفي، ذلك أننا نواجه مشكلة صيانة الأسقف، إضافة إلى حتمية إعادة تأهيل شبكة الكهرباء القديمة، التي من شأنها أن تشكل خطرا في أي لحظة، لدينا مشكل في التدفئة، ومشكل آخر في استغلال الفضاءات المهملة، وحتى تعد وظيفية يجب أن تصرف لها أموالا، ونحن نفكر في استرجاع كل هذه الفضاءات واستغلالها لصالح طلبة المعهد، إذ منذ قدومي إلى المعهد تعاملت مع أزيد من 10 إنتاجات، منها تصوير جزء من الفيلم السينمائي "يد مريم" ليحي موزاحم، وإنجاز مسرحية لقدور زحفون، والفنانة ريم تاكوشت تتدرب على عملها الجديد في المعهد، وكذلك الفنان محفوظ بركان لإنجاز فيلم بعد شهر رمضان، يتدرب فريق على الكوريغرافيا، وكلها ضمن اتفاقيات، مثل ما اتفق مع المخرج يحيى موزاحم على توفير العتاد السمعي البصري للطلبة المتخرجين، أو أن يشرف على ورشات تدريبية في المعهد لمدة 15 يوما لفائدة الطلبة، بالنسبة للمسرحيين تم الاتفاق على ضم طلبة ممثلين في أعمالهم، وعرض أعمالهم عندنا بهدف تنشيط الحركة الثقافية في المعهد. ❊ لقد سُرق العتاد السمعي البصري سابقا، ما هي الإجراءات التي تضعونها تحت إدارتكم الحالية لتفادي حوادث مماثلة؟ ❊❊ الإشكال في عتاد السمعي البصري، أنه عتاد باهظ الثمن ووجوده في مقربة من شاطئ البحر يعرضه لرطوبة عالية، بالتالي يتعرض للتلف بسهولة، لذلك لابد له من صيانة دائمة ودورية، وحقيقة المعهد يعاني من هذا المشكل. فخلية السمعي البصري يشرف عليها مختصان، والطريقة المعمول بها هي أي عمل سمعي بصري لابد أن يمر على الأستاذ لاستعمال العتاد بيداغوجيا، ويمنع استعماله خارج هذا الإطار، ثم على الطالب أن يمضي على تصريح شرفي يتحمل مسؤوليته الكاملة إزاء العتاد، في حالة ضياعه أو عطبه، يوقعه الأستاذ أيضا، ويذكر الغرض منه، حتى نلغي تلك الذهنية السابقة في أخذ عتاد لاستعماله خارج المعهد لمدة شهور. أعتقد أنها الطريقة الوحيدة للحفاظ على هذه التجهيزات، أولا حتى يكون في متناول الطلبة، فلا جدوى من بقائه في المخزن، هذه الأجهزة موجودة لتؤدي وظيفة، وليس حتى تخزن مع حسن استعمال هذا العتاد. ❊ حدثنا عن سلسلة الاتفاقيات التي وقعتموها خلال عام؟ ❊❊ بالنسبة لسياستنا في إبرام الاتفاقيات، المعهد مؤسسة تكوين عالي، ومركز إشعاع ثقافي، لأنه تابع لوزارة الثقافة والفنون، وكما أقول دائما، لا يجب أن يتحول إلى ثانوية كبيرة، نعطي الدروس والعلامات ونسلم الشهادات وانتهى الأمر، بل لابد أن يتحول الطالب إلى كائن مبدع يحمل الهم الثقافي، لذلك يجب أن يتشرب من النشاط الثقافي ويعيشه، وعندما يخرج للمجتمع يعرف كيف ينظم اللقاءات والندوات والعروض المسرحية، يتحول إلى مشاهد جيد أو مستمع جيد، كل هذا لا يتلقاه داخل قاعة الدراسة، إنما في الحياة الثقافية داخل المعهد، لذلك حتى نعيد المعهد إلى الواجهة وأن يتحول إلى فضاء للإشعاع الثقافي والعلمي، أبرمنا سلسلة من الاتفاقيات، على رأسها المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري، باعتبارها مؤسسة مهمة جدا تزخر بخبراء في مجال السمعي البصري، سيزودوننا بخبرتهم حتى نضعها في يد الطالب، خاصة في بعض التخصصات الدقيقة، مثل المونتاج والديكور وأخرى، وحاليا يزاول بعض الطلبة تربصا ميدانيا على مستوى التلفزيون الجزائري، ونستفيد من تغطيات صحفية لنشاطات المعهد الثقافية والعلمية، في المقابل، يستفيد صحفيو التلفزيون العمومي من تخصصات تتوفر فقط في المعهد ولا توجد في التلفزيون، مثل فن الأداء والتمثيل، على اعتبار أن المنشط التلفزيوني ممثل يؤدي دورا، بالتالي يحتاج إلى لغة الجسد، ويتعلم كيف يسير الضغط النفسي الذي يعيشه في التقديم خاصة في المباشر، وقد خضع عدد من الصحفيين لهذا التربص على مستوى المعهد، ينتهي يوم 27 مارس الجاري. بالنسبة للاتفاقية التي تجمعنا مع المسرح الوطني الجزائري، وهي مؤسسة عريقة، وأعتبرها أبا للمعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري، ذلك أن مصطفى كاتب في 1964، لما أنشأ المعهد، كانت ميزانيته تصرف من المسرح الوطني، بالتالي فهي علاقة تاريخية. تحمل الاتفاقية مع المسرح الوطني مجموعة من البنود المهمة، تتعلق بالإنتاج المشترك، وتبنى عدد من المشاريع المسرحية لطلبة الإخراج مستوى ماستر حوالي أربعة عروض، ومخبر الأبحاث المسرحية، من جهتنا نلتزم بالمرافقة الأكاديمية، والمسرح يتكفل بالإنتاج. بالنسبة للمحافظة السامية للأمازيغية. نسقنا مع بعضنا البعض ضمن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، ومُنحت لنا مجموعة من الكتب المتعلقة بتعليم حروف اللغة الأمازيغية وثقافتها وضعناها في المكتبة، أردنا أن ننظم جناحا بمكتبة المعهد خاص بالثقافة الأمازيغية، وكان الاتفاق مهما جدا حول العديد من المشاريع في المستقبل، لاسيما إقامة محاضرات تتعلق بالتراث الأمازيغي، وهو ريبرتوار غني جدا يضم الكثير من التفاصيل لم ندرسها ولم تحظ بالعناية، كيف نحول الحكايات الشعبية إلى أعمال فنية، لا نكتفي فقط بالتمثيل والتقديس، إنما يجب أن نحولها إلى أعمال فنية واسعة الانتشار، على شكل عروض مسرحية، أفلام قصيرة، لوحة فنية أو حتى قطعة موسيقية، وهذا الأمر الذي من شأنه أن يخرج الثقافة من دائرتها المغلقة إلى الدائرة الواسعة. هناك اتفاقية أخرى في الأفق، مع متحف السينما الجزائرية، الذي سيضع تحت تصرف الطلبة كل التراث السينمائي الجزائري والعالمي، والاتفاقية الثانية ستكون مع المركز الجزائري لتطوير السينما، للاستفادة من تجاربهم السينمائية، وسيتم إبرام اتفاقية مماثلة مع المركز الوطني للسينما والسمعي البصري. لست راضيا على مستوى التكوين ❊ هل تعتقد أن مستوى التكوين في المعهد بحاجة إلى مراجعة؟ ❊❊ طبعا، أول الأمور مراجعة البرامج، لأن نظام ال"أل أم دي" يفرض أن تكون عروض تكوين مراجعة ومتجددة كل ثلاث سنوات، حتى تكون منسجمة مع سوق العمل والتطورات الحاصلة في البرامج والمراجع والمصادر. ثانيا، نحن نسعى دائما إلى توسيع التكوين الفني ولا نبقى محصورين في ثلاث أو أربع تخصصات لست راضيا عنها. رغم أن مجال السينما على سبيل المثال واسع، خاصة مع دخول الرقمنة ونحن لم نصل إليها بعد، إذ نحن بصدد الحديث عن الصناعة السينمائية أو الصناعة الثقافية، فالأمر يستدعي تطوير عروض التكوين بما يكفي، وأرى أنها يجب أن تتطور على مستوى البرامج والمناهج وعلى مستوى الأدوات والوسائل، وعلى مستوى التأطير، الذي يجب أن يكون عالي الجودة، بإشراك الخبرات الأجنبية وألح على هذا الأمر، لأنه ليس عيبا، وأعتقد أنه يجب أن نفكر بجدية في كيفية الاستفادة من تجربة الآخر، إذا رغبنا في غلق دورة التكوين، فنحن حاليا نخرج طلبة ماستر، ولا يوجد في الجزائر مكونون لتخريج طلبة دكتوراه في التخصصات الدقيقة، لذلك سنبقى في مستوى الماستر، بالتالي لم نغلق الدورة، وأعتقد أن بإرسالهم للخارج ونيلهم الدكتوراه ونهلهم للمعارف، سنغلق الدورة التكوينية، وبهذا الشكل فقط تكون لدينا خبرات جزائرية بالمعارف المطلوبة، ودون هذه الخطوة سنبقى نراوح.