يعد سوق "زقاق السوافة" التاريخي من أعرق الأسواق الشعبية بولاية خنشلة، ولا يزال يحتفظ برونقه التاريخي وطابعه القديم لقرابة 200 عام، وبقي السوق مقصداً تجارياً مهماً لآلاف المواطنين لا سيما خلال شهر رمضان، ولا يزال السوق منذ ذاك الزمن ينعقد في موقعه القديم يوميا حتى يومنا هذا، إذ يجتمع فيه الباعة والمشترون ليتحول صباح كل يوم إلى فضاء مفتوح لبيع مختلف المواد الاستهلاكية من أغذية ولحوم وحلويات شرقية وتوابل وخضر وفواكه وحليب ومشتقاته ومشروبات غازية، مما يضفي على هذا الفضاء حركية تجارية تنتهي عند اقتراب غروب الشمس ودقائق قبل الإفطار. احتفظ السوق الشعبي المعروف باسم "زقاق السوافة" بعاصمة ولاية خنشلة بتاريخ المكان والزمان الموغل في القدم مختزنا بداخله قصصاً وحكايات ترويها عراقة التراث القديم، وشعبية المكان ذي الإرث الكبير الذي حافظ عليه أهالي المدينة، ويعود تاريخ ظهور هذا السوق الذي يتخذ من طرقات وأرصفة شارعي ابن باديس ولحسن مرير بوسط مدينة خنشلة فضاء لعرض مختلف سلع التجار الدائمين والموسميين إلى ستينيات القرن الماضي. ويقول الباحثون في تاريخ المنطقة أن أصل تسمية السوق ب"زقاق السوافة" يعود إلى كون ملاك أغلب المحلات المتواجدة في شارع نهج بن باديس آنذاك ينحدرون من ولاية وادي سوف، وكان التجار "السوافة" مقصدا لمواطني الولاية من خلال توفيرهم مختلف المواد الغذائية والسلع الأخرى على غرار الألبسة، الأقمشة وأدوات الخياطة والتوابل ومواد البناء بأسعار معقولة، ليحافظ السوق على هذه التسمية "زقاق السوافة" رغم قدوم تجار آخرين من ولايات أخرى وحتى من دولة تونس الشقيقة، وامتلاكهم لمحلات بالسوق الذي أضحى مع مرور السنوات سوقا شعبيا متفردا ومقصدا للآلاف من المواطنين. إقبال كبير على البوزلوف والكرعين يشهد سوق "زقاق السوافة" المفتوح في الهواء الطلق إقبالا كبيرا من المواطنين في شهر رمضان لاسيما خلال الفترة المسائية، أين يقبل الآلاف من سكان عاصمة الولاية وحتى من البلديات الأخرى على اقتناء ما لذ وطاب من مواد لاسيما الأطباق المنوعة من "قلب اللوز"، "البيتزا" ومختلف أنواع الحلويات، فضلا عن رؤوس "البوزلوف" المشوية على الفحم و"الكرعين" بالإضافة كسرة "الرخساس" وأوراق "البوراك" إلى جانب الحليب بأنواعه ومشتقاته من أجبان بنكهات مختلفة والتي ورغم عرضها على قارعة الطريق إلا أنها تأسر أعين الصائمين الذين يأتي بعضهم فقط من أجل تمضية الوقت. ويقول عبد الرزاق وناس، أحد مرتادي هذا السوق إنه يتنقل إلى "زقاق السوافة لأجل اقتناء الكرعين"، مضيفا بأنه يقصد هذا السوق تقريبا عصر كل يوم لتمضية وقته بمشاهدة مختلف الأطعمة والألبان والمأكولات التقليدية التي يعرضها مئات الباعة ولا يمضي يوم حسبه إلا ويقتني منتجا من المنتجات المعروضة. بيع ملابس العيد بأسعار في المتناول وبحلول الأسبوع الأخير من شهر رمضان، ورغم ان الباعة الموسميين بسوق "زقاق السوافة" يواصلون عرض المأكولات التقليدية ومختلف الأطعمة التي كان يتهافت عليها زبائنهم طيلة الشهر الفضيل، إلا ان الكثير منهم يتحول إلى بيع ملابس عيد الفطر سواء ما تعلق منها بالكبار أو بالأطفال بما في ذلك مستلزمات العيد على غرار مختلف الألعاب النارية والمفرقعات وحتى اللعب. ويقول عبد الرزاق، إن "الكثير من الأسر الخنشلية محدودة الدخل تقصد هذا السوق طيلة شهر رمضان لاقتناء ما لذ وطاب من مأكولات وأطباق، فضلا عن مختلف أنواع الخضر والفواكه كون الأسعار المعروضة في المتناول وتشهد تنافسا بين التجار الذين يحاول كل واحد منهم استمالة قاصدي السوق". "زقاق السوافة" مصدر دخل لمئات العائلات ولأن سوق "زقاق السوافة" مقصد للآلاف من المستهلكين بشكل يومي، فقد أصبح مصدر رزق ودخل لمئات الأسر الخنشلية من التجار الموسميين والدائمين الذين يعرضون منتوجاتهم المختلفة على أرصفة الشارع وعلى قارعة الطريق التي تبقى موصدة في وجه حركات السيارات طيلة شهر رمضان من منطلق الإقبال الكثيف لمرتادي السوق والذين يجدون صعوبة كبيرة في التجول في أرجائه. ويقول نسيم، محمد ورياض إن عشرات الشباب البطال مثلهم يقصدون سوق "زقاق السوافة" طيلة أشهر السنة وبشكل أكبر خلال مناسبة شهر رمضان ليلتحقوا بتجار السوق الدائميين لبيع مختلف السلع والمنتجات والمأكولات التقليدية، لينهوا يومهم بدخل لا بأس به يساعدهم في إعالة عائلاتهم وذويهم قائلين "كل يوم وبراكتوا"، ليبقى هذا السوق محافظا على شعبيته وصامدا في وجه التغيير الحاصل ومقصدا للآلاف من المواطنين ومصدر قوت لمئات العائلات خاصة خلال الشهر الفضيل.