يحتضن المتحف العمومي الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط، بالتعاون مع متحف الآثار الإسلامية، معرضا بعنوان "رحلة الخط على المسكوكات"، يعرض تاريخا زاخرا من الإبداع والرقي الذي صانته قطع ثمينة، تشهد على مراحل لم ينضب فيها التحضر بكل معانيه وتجلياته. يقدم المعرض رحلة عبر العصور، من خلال العملات، باعتبارها قطعة أثرية لا تقدر بثمن، تعكس معالم فنية مشرقة، تشهد على التاريخ، ويكشف المعرض على أنه كان ينظر إلى العملات أيضا على أنها زخارف تحظى بأهمية فنية وجمالية، بالإضافة إلى رمزيتها وقيمتها السياسية والاقتصادية، حيث ظهرت مجموعة واسعة من الزخارف والأيقونات والخطوط، من خلال تقنيات الصياغة المتطورة باستمرار. ويضم المعرض عملات من فترات قديمة عاشتها الجزائر خلال الحكم الأموي، وغيرها من العصور العباسية الأولى والمتأخرة، وخلال الحكم الفاطمي والعثماني وغيرها، والعديد من الممالك التي حكمت في الجزائر. يعتبر علم المسكوكات من العناصر التي تغذي الأبحاث لمعرفة الأحداث والحقائق التاريخية، وفي غالب الأحيان، تكون الوحيدة التي يمكنها إعطاء الحقبة التاريخية الخاصة بكل فترة. أشارت مديرة المتحف السيدة هجيرة نجاة ركاب، خلال حديثها مع "المساء"، إلى أنه ولأول مرة في تاريخ المتاحف الجزائرية، يقدم متحف الزخرفة والمنمنمات وفن الخط بقصر "مصطفى باشا"، معرضا تستعمل فيه تقنية الهولوغرام، الذي يسمح بعرض التحف واللقى الفنية بالتقنية ثلاثية الأبعاد، وهو المعرض الذي يسلط الضوء على موضوع تطور الخطوط على المسكوكات. يتيح المتحف للزوار، جولة تاريخية تراثية حول تطور الخط على المسكوكات الإسلامية، من خلال مجموعة من المسكوكات المحفوظة في المتحف العمومي الوطني للآثار القديمة والفنون الإسلامية بالجزائر. وتعد المسكوكات الإسلامية، ومسكوكات دويلات المغرب الأوسط خاصة، أبرز المكتشفات التي عرفتها المجتمعات البشرية، فبواسطتها تراجعت المقايضة وازدهرت عملية ضرب العملات. وتتجلى في المعروضات، نقوش أسماء الخلفاء والأماكن وأحداثها، إذ تعد أثرا للحضارة في مراحل ازدهارها وضعفها. يقدم المعرض هذه المسكوكات التاريخية أمام الجمهور، بعد رقمنة المجموعة، بهدف عرضها بتقنيات حديثة، مع تقديم الشروح للزوار، تحوم حول تاريخ هذه الكنوز النقدية ومصدرها. تتواصل رحلة الخط على مجموعات من النقود، من الفترة المدارية، وصولا إلى فترة الأمير عبد القادر، والوقوف على رقي الخط العربي واستمرار عطائه. يحوي المعرض مجسمات أنجزها الفنان أحمد سعيدي، أغلبها جرار من طين أو أرضيات رملية وغيرها، تقدم فيها المسكوكات، وكان منها "كنز الهاشمية" المكتشف سنة 1969 في وادي الحاج علي بالهاشمية، ولاية البويرة، يضم 69 قطعة ذهبية تعود للعهد الفاطمي، وهناك أيضا "هبة السيد لولو" الذي تبرع بمجموعة من القطع النقدية، تعود كلها للفترة الأموية، ثم العباسية. عرض "كنز الأمير عبد القادر" الذي اكتشف في مدينة تنس، وأيضا "كنز عين النمشة" الذي يضم 227 قطعة نقدية، ضربت في الفترة العثمانية بمدينة تونس، و"كنز تلمسان" الذي اكتشف بالرمشي من الفترة الموحدية وغيرها من المجموعات. وتوجد ضمن المسكوكات؛ الدنانير الذهبية والدراهم الفضية والفلوس النحاسية، مع نقش العبارات تكفل بها عامل بارع في الخط وعالم بأنواعه وقواعده ومراعيا لأحكامه. تنوعت الخطوط، على غرار الخط الكوفي القيرواني والخط الكوفي الفاطمي والخط الكوفي المرابطي والخط النسخي المرابطي، والخط النسخي الموحدي والخط الكوفي الموحدي المورق والخط المغربي الأندلسي وخط الثلث المغربي والخط المغربي. قدمت بالمعرض أيضا، صور لبعض القوالب، منها قالب من الحديد المحفور لضرب الدينار باسم الأمير علي بن يوسف، ضرب بمدينة نول سنة 509ه، المحفوظة بمتحف الآثار القديمة.