نزل الكاتب عمير بوداود، أول أمس، ضيفا على "نادي الكتاب" بمدينته عين الصفراء، بعدما ثمن هذه المبادرة التي أطلقتها مجموعة من الشباب احتفاء بالكتاب والمطالعة، في أول نشاط أدبي لهذا النادي. حيث أشار الكاتب إلى أنه لم يتردد في قبول الدعوة، وكان سعيدا جدا بمستوى النقاش والتنظيم المحكم والحضور اللافت، بعيدا عن الرسميات والبورتوكولات. جرت الجلسة على شكل حلقة دائرية، داخل ساحة "مركز أمل لتعليم اللغات"، كما كان الحضور ملفتا بوجود العنصر النسوي الشغوف بالمطالعة. يتمثل نشاط النادي في اختيار كتاب تقرأه المجموعة وتناقشه بعد شهر، هكذا وقع الاختيار على رواية مهمة ومثيرة للنقاش "الأمير الصغير" لأنطوان دو سانت إكزوبيري؛ توصف بالرواية الأسطورية، من خلال النجاح الخرافي الذي حققته في العالم (صدرت لأول مرة سنة 1946، وترجمت إلى 400 لغة، كما بيع منها نحو 200 مليون نسخة). أدارت النقاش، المبدعة الشابة هاجر، بكفاءة واقتدار، بعد أن قرأت الرواية قراءة معمقة، كما كانت ردود الحاضرين في الصميم، حسبه، بعد أن قرأوا الرواية وأدركوا مغزاها ومعانيها، ابتداء من الإهداء، إلى النهاية الحزينة، التي أثارت نقاشا بين مؤيد ومعارض. للإشارة، طلب الحضور من بوداود عمير اقتراح كتاب يناقشونه بعد شهر، ففكر في رائعة "الشيخ والبحر" لإرنست همنغواي، لأنها، كما يرى، قصة عالمية ناجحة، قوية بمعانيها ودلالاتها الإنسانية، ولأن صفحاتها قليلة تقرأ في مدة زمنية قصيرة، وافقوا، لكنهم أخبروه أن جميع الاقتراحات، تستدعي الإجماع أولا بشكل ديمقراطي، وأحيانا بالاقتراع السري. وبعد حوالي ساعتين من النقاش المثمر، خرج الضيف سعيدا، متفائلا بجيل واع، يؤمن بأهمية الثقافة في صناعة الوعي، ويؤمن بالاختلاف، ولا شك في أنه سيحقق آماله في غد أفضل، بمفرده، بعيدا عن الوصاية والأبوية كما كتب. بعض القراء ومتابعي صفحة بوداود غلبهم الحنين للأيام الخوالي، وتذكروا زمن نادي القراء مع ثلة الأصدقاء، أيام طيب الذكر مدير النادي الثقافي الأستاذ العربي دحو. للتذكير، بوداود عمير، من مواليد مدينة عين الصفراء بولاية النعامة، قاص ومترجم، وباحث في الأدب الكولونيالي، وكاتب مقالات في العديد من الصحف والمجلات الجزائرية والعربية، ومن بين ترجماته من الفرنسية إلى اللغة العربية، مجموعة من الكتب التاريخية والأدبية، ومنها ذات الصلة بتاريخ الجنوب الغربي الجزائري، وترجم "لمحة تاريخية عن الجنوب الغربي الجزائري" عام 2008، وكتاب "النسب الشريف" عام 2009، و"سيدي الشيخ، الشخصية الخارقة" عام 2010. كما ترجم بعض المجموعات القصصية، منها "صوب البحر"، و"قصص من الجنوب"، وقصص أخرى لإيزابيل إيبرهارت، والتي صدرت في طبعتها الأولى سنة 2011 عن دار ا"لقدس العربي" في وهران، وعن كِتاب مجلة الدوحة القطرية في طبعة ثانية ومنقحة سنة 2015، وكذا "ديوان صديقتي القيثارة" للراحلة صفية كتو، صدر عام 2017، عن دار "الوطن اليوم".