❊ إستحداث محاكم إدارية للإستئناف ومجلس الدولة جهة نقض ❊ رقمنة مراحل التقاضي لتسهيل المهمة على المواطنين وضع مشروع القانون المتعلق بالإجراءات الإدارية والمدنية الذي تحوز" المساء" على نسخة منه، الأدوات القانونية في يد المشرع الجزائري لفك النزاعات التجارية التقنية الكبرى، وتكريس الأمن القانوني المطلوب في مجال تحسين مناخ الأعمال والتجارة، من خلال التأسيس لمحاكم تجارية متخصصة يستعين قضاتها في مداولاتهم بمساعدين خبراء في تخصصات مجالات النزاع، ونص على رقمنة مراحل التقاضي. كما استحدث محاكم إدارية للإستئناف لتمكين الأطراف من التقاضي على درجتين في المادة الإدارية، تطبيقا لأحكام المادة 165 من الدستور، بدل اللجوء إلى مجلس الدولة الذي يكتفي بممارسة مهمة التقويم والنقض في المادة الإدارية. يعد مشروع القانون الخاص بالإجراءات المدنية والإدارية، واحدا من أهم النصوص الجديدة الإصلاحية التي وضعتها وزارة العدل في يد المهنيين من محامين وقضاة، لمعالجة الدعوات القضائية، بمقاربة جديدة، تراعي التطور الحاصل على المستوى الداخلي، بحكم التعديلات التي جاء بها الدستور في مادته 165 الخاصة بالتقاضي على درجتين، وتطور النزاعات في المجال التجاري، فضلا عن الرقمنة كوسيلة جديدة لتقاضي. ففي المادة الإدارية مثلا، حدد النص اختصاصات المحاكم الإدارية وتوسعها بجعلها ذات ولاية عامة في جميع المنازعات، بما في ذلك المتعلقة بالمنظمات المهنية الوطنية والهيئات الإدارية الأخرى، وخلق محاكم إدارية للاستئناف مهمتها النظر في الاستئنافات المرفوعة ضد الأوامر الصادرة عن المحاكم الابتدائية. ولفت النص إلى أن المحكمة الإدارية للاستئناف تنظر كدرجة أولى في دعاوي إلغاء القرارات الصادرة عن الإدارات المركزية، نظرا لأهمية هذه القرارات في العمل الإداري وتنظيمه، ما يقتضي إخضاع رقابتها وتقييمها لقضاة ذوي خبرة أطول من خبرة قضاة المحاكم الإدارية. وعلى هذا الأساس مست التعديلات المدرجة على القانون 25 فيفري 2008، 11 مادة (600، 800، 801، 804، 805، 808، 809، 811 ،812، 813و814). وتحدد المادة 800، طبيعة الأطراف المعنية بالمحاكم الإدارية، وهي "جهات الولاية العامة في المنازعات الادارية باستثناء المنازعات الموكلة إلى جهات قضائية أخرى، وتختص بالفصل في أول درجة، بحكم قابل للإستنئاف، في جميع القضايا التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية أو الهيئات العمومية الوطنية والمنظمات المهنية الوطنية طرفا فيها". كما تختص المحاكم الإدارية، حسب المادة 801، في الفصل في دعاوي الغاء وتفسير وفحص مشروعية القرارات الصادرة عن "الولاية والمصالح غير الممركزة للدولة على مستوى الولاية، البلدية، المنظمات المهنية الجهوية، والمؤسسات العمومية المحلية ذات الصبغة الإدارية". أما بالنسبة للدعاوي التي ترفع أمام المحاكم الإدارية، فهي تشمل الضرائب والرسوم والأشغال العمومية والعقود الإدارية والمنازعات المتعلقة بالموظفين أو أعوان الدولة، والعاملين بالمؤسسات العمومية والإدارية وفي مادة الخدمات الطبية، وأشغال التوريدات أو تأجير خدمات فنية أو صناعة، وهذا أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان إبرام الاتفاق، إذا كان أحد الأطراف مقيما بها. وحسب النص، تفصل المحاكم الادارية للإستئناف بتشكيلة جماعية، مالم ينص القانون على خلاف ذلك، حيث تتكون من 3 قضاة على الأقل من بينهم رئيس ومساعدين برتبة مستشار. ويفصل رئيس المحكمة الإدارية للإستئناف بأمر في الارتباط إن وجد، ويحدد المحكمة أو المحاكم المختصة للفصل في الطلبات، ويكون الأمر قابلا للطعن أمام رئيس مجلس الدولة. وتكون الأوامر الصادرة عن رؤساء المحاكم الادارية للإستئناف المذكورة أعلاه، قابلة للطعن أمام مجلس الدولة، فيما تكون الأوامر الصادرة عن هذا الأخير غير قابلة للطعن. تحسين أداء القضاء الإداري عبر تقارير سنوية متدرجة من بين النقاط المهمة التي أوردها النص لتقويم وتحسين عمل المحاكم الإدارية، إعداد تقارير سنوية من قبل المحاكم الإدارية للإستئناف، تشمل تقارير المحاكم الإدارية الابتدائية التابعة لها، ترسلها إلى مجلس الدولة، وتتناول جميع إشكالات ومسائل التنفيذ مع اقتراح الحلول لتسويتها، وهي التقارير التي يتم استغلالها لاحقا في إعداد التقرير السنوي الذي يرفعه مجلس الدولة إلى رئيس الجمهورية من أجل استدراك كل الاختلالات. الرقمنة لتسهيل إجراء التقاضي أمام المواطن وتم إدخال الوسائل العصرية للرقمنة في جميع مراحل التقاضي أمام الجهات القضائية الإدارية ابتداء من إمكانية تسجيل الدعوى إلكترونيا، ثم تبادل المقالات بنفس الشكل إلى غاية تبليغ الأحكام بالطرق الإلكترونية من أجل تجنيب المواطنين عناء التنقل إلى الجهات القضائية، وعواقب ذلك عليهم وعلى مرفق القضاء. حيث نصت المادة 840 على "تبلغ كل الإجراءات المتخذة و تدابير التحقيق إلى الخصوم بكل الوسائل المتاحة بما فيها الإلكترونية". وكان وزير العدل حافظ الاختام، عبد الرشيد طبي، قد أكد أن العدد الابتدائي للمحاكم الادارية للإستئناف سيكون 6 توزع عبر جهات الوطن، موضحا أنها ستسير من قبل قضاة متخصصين وذوي خبرة في القضاء الإداري ومن قضاة مجلس الدولة، حتى يكونوا في مستوى القضايا التي ترفع أمامهم. المحاكم التجارية المتخصصة تعالج قضايا التجارة الدولية، الإفلاس والتأمينات من ناحية أخرى، لفت المشرع في عرض الأسباب، إلى أن الغرض من إنشاء محاكم متخصصة يكمن في جعل القضاء يلعب دورا أكثر فاعلية في ميدان التجارة والاستثمار، من أجل تكريس الأمن القانوني المطلوب في مجال تحسين مناخ الأعمال، عبر إشراك الخبراء في الفصل في النزاعات بصفتهم مساعدين ويكون لهم دور تداولي بالأقسام المكونة للمحاكم التجارية المتخصصة. وفصل المشروع في نوعية القضايا المعنية بالقضاء التجاري المتخصص، إذ تشمل المنازعات المعقدة وذات الطابع التقني والدولي، وقد شملتها المادة 536 مكرر، وهي منازعات الملكية الفكرية، منازعات الشركات التجارية، لاسيما منازعات الشركاء وحل وتصفية الشركات والتسوية القضائية والإفلاس، المنازعات البحرية والنقل الجوي ومنازعات التأمينات المتعلقة بالنشاط التجاري، والمنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية. وتضم المحاكم التجارية المتخصصة أقساما، يترأسها قاضي بمساعدة 4 مساعدين ممن لهم دراية واسعة بالمسائل التجارية ويكون لهم رأي تداولي. وتنعقد المحكمة بصفة صحيحة في حال غياب أحد المساعدين، وفي حال غياب مساعدين اثنين أو أكثر يتم استخلافهم على التوالي، بقاضي 1 واحد أو قاضيين 2. و تنص المادة 536 مكرر 3، بأن توكل لرئيس المحكمة التجارية المتخصصة بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية، عدد من الأقسام بموجب أمر، وذلك حسب طبيعة وحجم النشاط القضائي. وجوب الصلح في حالة الخصومة من النقاط الإيجابية التي تناولها النص، التسوية الودية للمنازعات التجارية، من خلال التقيد بوجوب الصلح قبل أي دعوى أمام المحكمة التجارية المتخصصة، وهو الإجراء الذي من شأنه التقليل من المنازعات وتسويتها في أجال معقولة، حيث تنص المادة 536 مكرر 4، على أنه يسبق قيد الدعوى إجراء الصلح، الذي يتم بطلب من أحد الخصوم، يقدم إلى رئيس المحكمة التجارية المتخصصة الذي يعين في مدة 5 أيام، بموجب أمر على عريضة، أحد القضاة للقيام بإجراء الصلح في أجل لا يتجاوز 3 أشهر، ويبلغ طلب الصلح لباقي أطراف النزاع في جلسة الصلح، كما يمكن للقاضي المعين الاستعانة بأي شخص يراه مناسبا لمساعدته لإجراء الصلح، الذي ينتهي بتحرير محضر يوقع من القاضي وأطراف النزاع وأمين الضبط، يخضع للقواعد المنصوص عليها في هذا القانون. وفي حالة فشل محاولة الصلح، ترفع الدعوى أمام المحكمة التجارية المتخصصة بعريضة افتتاح الدعوى تحت طائلة عدم قبول الدعوى شكلا بمحضر الصلح"، ويتم الفصل في الدعوى أمام المحكمة التجارية المتخصصة بحكم قابل للإستئناف أمام المجلس القضائي. يذكر أن وزير العدل حافظ الأختام، كان قد أشار أن المحاكم التجارية المتخصصة لن تكون منتشرة على المستوى الوطني، وإنما ستكون متمركزة في المناطق الآهلة بالنشاط التجاري كتلك التي تضم الموانئ.