في إطار إحياء شهر التراث، يُنظم المتحف العمومي الوطني للآثار الإسلامية لمدينة تلمسان، بالتعاون مع مخبر التراث الأثري وتثمينه، ملتقى دوليا بعنوان "العمارة الإسلامية في شمال أفريقيا.. الواقع والتحديات"، في 17 و18 ماي المقبل، بمركز الدراسات الأندلسية "إمامة" بتلمسان. يسعى المنظمون، من خلال هذه الفعاليات العلمية، إلى التعرُّف على الأبعاد الشكلية والإنشائية والرمزية لفن العمارة الإسلامية في شمال إفريقيا بشكل عام، بالتالي محاولة الوصول إلى تحديد الاختلافات من حيث الأساليب، والتقنيات المعمارية، والخصوصيات الفنية. كما يرمي إلى معرفة واقع التراث المعماري الإسلامي بالمنطقة، ومحاولة إيجاد سبل لإرساء بُعد توافقي وانسجامي بين التراث المعماري الإسلامي، والممارسات المعمارية المعاصرة والمستقبلية، في قالب يحاكي الطابع الاجتماعي الإسلامي للمنطقة. يشير المنظمون في تقديمهم لهذا الموعد الأكاديمي، إلى أن مفهوم العمارة الإسلامية يُحيل إلى الإنتاج الفني والمعماري، في الفترة الممتدة بين القرنين السابع والتاسع عشر للميلاد، حيث بدأت ملامح هذه العمارة تتشكل، وباحتكاك المسلمين بالحضارات الأخرى، كالبيزنطية والساسانية والقبطية والقوطية، تكونَ مزيج من الفنون المعمارية، وطعم بطابع الدين الإسلامي، فنشأت عمارة ذات خصائص ومميزات تحمل هوية هذا الدين، ثم انتشرت في أنحاء العالم الإسلامي، لتندمج بالتقاليد المعمارية المحلية، فأنتجت مدارس وطرزا معمارية مختلفة، لكنها ظلت متمسكة بروح الإسلام، كما استقبلت، مع مرور الزمن، تأثيرات وافدة انسجمت مع المحلي، فأعطت عمارة جديدة مبتكرة. يؤكد الملتقى أن المعماريين المسلمين شيدوا منشآت متنوعة في منطقة شمال أفريقيا، أذهلت العالم من حيث تصميمها وجمالها الفني، مثل المساجد والمدارس والقصور والحمامات والتحصينات العسكرية. وبعد تعرُّض بلدان شمال أفريقيا للاحتلال، هُدم العديد من العمائر القديمة تحت غطاء "عصرنة المدن"، وفي الوقت نفسه، أُدخلت التأثيرات الأوروبية في المنجزات الحديثة، لتصبح هي السائدة، واستمر الوضع كذلك حتى بعد نيل هذه البلدان استقلالها. وحسب ديباجة الملتقى، هناك بعض التجارب المعمارية التي حاولت المزج بين الأصالة والمعاصرة، واستفادت من الأساليب المعمارية الأصيلة؛ فقدمت نماذج معمارية تستدعي التنويه والإشادة، وهذا ما يطرحُ أسئلة على الباحثين والمعماريين والأثريين والمهتمين بالموروث المعماري، حول كيفيات حفظ هذا التراث المعماري وحمايته من الاندثار والزوال، فضلا عن الاستفادة من أساليبه وتقنياته لحل الإشكالات التي يعاني منها ميدان العمارة والعمران.