بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة لوفاة العلامة الشيخ عمر أبي حفص الزموري، طرحنا على نجله الأستاذ عبد الرحمن، سؤالين عن مراحل دراسة العلامة وآثاره الفكرية ومكانته العلمية والدعوية تعريفا بهذا العالم الرباني... - هل لكم أن تذكروا لنا الأماكن التي درس فيها الشيخ عمر أبو حفص رضي الله عنه وأرضاه والكتب التي ألفها والآثار التي خلفها عموما؟ * كان للوالد، رحمه الله، انتقال وتجوال في كثير من جهات الوطن المفدى وذلك بغية لقاء الرجال ورغبة منه في إشاعة المعارف من مخزون ما أفاض الله سبحانه وتعالى به عليه من علوم لدنية وهبية وكسبية على مريديه والمتلقين عنه والمصلين بإمامته من مختلف طبقات المجتمع الجزائري. بعد حفظه القرآن الكريم وهو في حدود الثانية عشرة من عمره وملازمة شيخه سيد أحمد بن قدور رحمه الله زهاء عامين ونصف العام، اشتغل بإمامة مسجد جده سيد أحمد المجدوب رحمه الله بزمورة، ثم انتقل الى الزاوية العلوية في الجعافرة، ثم مسجد توررين ببني عيذل، ثم زاوية الحاج حسن الطرابلسي العلوية بعنابة، وزاوية شلاطة بأقبو ولاية بجاية، وهناك نظم قصيدا في مدح أشراف الزاوية المنسوبة إلى سيدي بن علي شريف ولم نعثر عليه، ثم انتقل الى زاوية سيدي موسى بتنبذار ولاية بجاية ومدح صاحب الزاوية بقصيد عثرنا على 29 بيتا منه وهو اليوم معلق في المقام الشريف لصاحب الزاوية رضي الله عنهما. وانتقل الى واد الزناتي ولاية قالمة في مسجد العائلة الشريفة مهري، حيث عاش أحداث الثامن ماي 1945 مع المرحوم العلامة مولود مهري رحمهما الله تعالى، وبعد ذلك انتقل الى مسجد عين فكرون بولاية أم البواقي قبل أن يعود الى زمورة مسقط رأس أجداده. وتواجد بالعاصمة في مسجد براقي قبل استقراره بمسجد سيدي رمضان رضي الله عنه بأعالي القصبة من 1965 الى 1990 تاريخ وفاته قدس الله سره. وبخصوص آثاره المطبوعة إلى اليوم نذكر منها : 1 فتح اللطيف في التصريف على البسط والتعريف (طبع ثلاث طبعات). 2 فضل الدعاء ومطلوبيته (طبع طبعتين). 3 أبواب الجنان وفيض الرحمن في الصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد ولد عدنان (صلى الله عليه وآله وسلم) طبع طبعتين. 4 المجموعة الأولى من رسائله. 5 المجموعة الثانية من رسائله. 6 من آثار ومآثر العلامة عمر أبي حفص الزموري. 7 الحج على مذهب الإمام مالك رحمه الله. وطبع عنه قدس الله سره : 1 العلامة الشيخ عمر أبو حفص الزموري للأستاذ بلقاسم أيت حمو. 2 من ثمرات المجالس النورانية مع العلامة الشيخ عمر أبي حفص الزموري للأستاذ بلقاسم أيت حمو. 3 من مآثر العلامة عمر أبي حفص الزموري في خدمة لغة القرآن للمجلس الأعلى للغة العربية. وقد أسهم في طبع هذه الآثار مشكورين ومأجورين، أصحاب دور النشر : الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية، دار الهدى في عين امليلة، دار هومه، دار حواركم. كما قام بتقديم دراسات أكاديمية عن الوالد رحمه الله، دكاترة وأساتذة جامعيون، منهم على وجه الخصوص: الدكتور إبراهيم قلاتي من جامعة قسنطينة، الدكتور عبد الجليل مرتاض من جاعة تلمسان، والدكتور بن سديرة من جامعة فرحات عباس بسطيف. ومعلوم أن ما نشر من آثار الوالد وما نشر عنه، كان باستشارتنا والتنسيق معنا كأبناء الشيخ وأعرف الناس به، ولدى كل واحد من أبناء وبنات الشيخ رحمه الله، نسخ عن كل ما طبع عنه، فجزى الله عز وجل كل وفي للشيخ وحريص على طبع آثاره وإحياء ذكرياته الجزاء الأوفى في الدارين. - كلنا يعلم أن العلماء الربانيين هم أحباب الله وأصفياؤه، يرضى عمن يحبهم ويقدرهم حق قدرهم ويعادي من يؤذيهم ويسيئ إليهم، لكن نريد أن نعرف إذا كانت هذه العناية تشمل كذلك آثارهم سواء منها ما هو مكتوب أو ما هو منقول عنهم شفاهة؟ * إن أولياء الله هم الصفوة من خلقه بعد أنبيائه ورسله، إذا أخفاهم عن خلقه فلحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه، وإذا أذن لهم بالظهور فإنه يتولى حفظهم ونصرهم، كما يتولى إظهار ما يفيضه عليهم من الواردات والإشراقات وما يخصهم به من الإلهامات والفيوضات، ولذلك نقول جوابا عن سؤالكم، إن آثار العلماء الربانيين سواء منها ما دونوه بأناملهم الشريفة أو ما روي عنهم ونقل عنهم شفاهة، محفوف بالعناية الإلهية، يحفظه سبحانه ويهيئ له أسباب الظهور والشيوع، ويسخر له من عباده من يريد أن يجزيهم خير الجزاء في الدنيا والآخرة يجعله إياهم سببا في جمع هذه الآثار وطبعها ونشرها وإذاعتها بين الناس، إن آثار الشيخ عمر أبي حفص الزموري رضي الله عنه وأرضاه، جمع الكثير منها وطبعت ونشرت والحمد لله، كما صحت عنه ونقلت عنه لم يلحقها تبديل ولا تحريف ولم تعترها زيادة أو نقصان؛ حفظا من الله سبحانه، فلا مانع لما يعطي ولا معطي لما منع، ولا مخفي لما أظهر ولا مظهر لما يخفي سبحانه وتعالى. وعليه، فإن كل مسعى يرمي صاحبه من ورائه إلى استغلال آثار الشيخ عمر أبي حفص الزموري رضي الله عنه وأرضاه، وتوظيفها لتحقيق مآرب شخصية والعياذ بالله، لتكوين سمعة أو تحقيق شهرة، فإن هذا المسعى يفضحه الله سبحانه ويحبطه ويطمسه ولو هيأ له صاحبه ما يشاء من اللمعان الدنيوي المزيف، فكما أن لحوم الأولياء مسمومة فكذلك آثارهم التي هي ثمرة تقواهم وجهادهم.