حانت ساعة الحقيقة بالنسبة للرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بعد أن لاحقته العدالة التي سيمثل أمامها بعد غد الثلاثاء في قضية قد تضع حدا لطموحه في خوض سباق الرئاسيات الأمريكية المقررة عام 2024 وهو الراغب للعودة مجددا الى البيت الأبيض في ثاني عهدة رئاسية. وسيكون الرئيس 45 للولايات المتحدة مضطرا للمثول أمام محكمة مانهاتن بمدينة نيويورك بعد أن تم إخطاره الخميس الماضي رسميا بالتهم الموجهة إليه على إثر تصويت هيئة كبار المحلفين بولاية نيويورك في قرار مفاجئ على إصدار لائحة اتهام بحقه، تتعلق بدفع أموال لشراء سكوت ممثلة أفلام إباحية، أو ما كان يعرف ب "الأموال الصامتة"، ليكون ترامب أول رئيس للولايات المتحدة يواجه تهما جنائية. وكشفت وسائل إعلام أمريكية أمس، أن الملياردير الجمهوري سيغادر مقر اقامته الفخمة بفلوريدا ليتوجه الى نيويوركمسقط رأسه للمثول بعد غد أمام محكمة مانهاتن لتقديم رده على الاتهامات الموجهة إليه.وتعد هذه الاتهامات الأولى في تاريخ الولاياتالمتحدة لرئيس سابق والتي قد تفتح عليه الكثير من الأزمات وتسليط الضوء على عدد من القضايا التي ربما تؤثر على ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة نهاية سنة 2024. ولم يتم إلى غاية الآن رفع السرية عن لائحة الاتهام الجنائية الموجهة للرئيس ترامب والتهم التي حددتها اللائحة التي تؤكد دوائر مقربة من هذه القضية التي وصفت ب "التاريخية" بأنها تتعلق بدفع أموال نيابة عنه إلى الممثلة وصانعة الأفلام الإباحية، ستورمي دانيلز، عام 2016 قبل وقت قصير من يوم الانتخابات بغية منعها من إثارة حينها عبر وسائل الإعلام ما قالت إنها "علاقة غرامية" كانت جمعتها بترامب قبل عشر سنوات. وأثار إصدار لائحة الاتهام ضد ترامب انقسامات داخل الولاياتالمتحدة بين مندد ومتحفظ، حيث استنكر البرلمانيون الجمهوريون عبر موقع "تويتر" ما وصفوها ب "الاضطهاد السياسي" و«الفضيحة المطلقة" وقالوا إنه "يوم حزين بالنسبة لأمريكا". وحتى منافسه داخل الحزب الجمهوري، رون ديسنتيس، الذي يسعى للترشح لانتخابات 2024، استنكر لائحة الاتهام التي قال إنها "تتعارض مع قيم أمريكا". وبينما رحب الديمقراطيون ولو بطريقة محتشمة بإصدار اللائحة بالتأكيد على أنه "لا أحد فوق القانون"، التزم الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الصمت إزاء هذه القضية التي ألقت الضوء عن انقسامات حزبية عميقة في بلد طالما تباهى بديمقراطيته.والمؤكد أن الرئيس بايدن، تفادى التعليق رسميا على هذه القضية الحساسة لعلمه المسبق بأن كل تعليق يمكن أن يغذي حجة استغلال العدالة التي رفعها الملياردير الجمهوري ليكسب تعاطف الرأي العام الأمريكي معه وبأنه ضحية حسابات سياسية هدفها حرمانه من خوض سباق رئاسيات 2024 والقضاء نهائيا على مستقبله السياسي.وقد عمل ترامب بنفسه على تعبئة أنصاره وتأجيج التوتر من خلال شبكة "تروث سوسيال" الخاصة به، متهما الديمقراطيين بأنهم "أعداء الرجال والنساء المجتهدين في هذا البلد". وأضاف على صفحته على هذا الموقع ، الذي يستخدمه ترامب لإطلاق تصريحاته بعد حظره في باقي المواقع الأخرى على خلفية أحداث مقر الكونغرس الدامية في السادس جانفي 2021، بأنه ليس هو المستهدف و«لكن انتم، أنا فقط في طريقهم". وهي كلمات يرى الكثير من المحللين بأنها تغذي الأوهام حول "الطلاق الوطني" التي ينادي بها بعض أعضاء اليمين المتشدد على غرار النائبة مارغوري تايلور غرين. وفي انتظار مثول ترامب أمام القضاء تتوالى الأسئلة حول كيفية صياغة العدالة للائحة الاتهام وماذا سيحدث بعد غد وكيف ستتم المحاكمة وماهي التحقيقات الجنائية الأخرى التي يواجهها وغيرها من التساؤلات التي يطرح الشارع الأمريكي في الآونة الأخيرة بقوة وينتظر الاجابة عنها بداية من هذا الثلاثاء. لتبقى القضية محل اهتمام ومتابعة ليس فقط في الولاياتالمتحدة ولكن في كل العالم.