خرج وزراء الطاقة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، أمس، بالجزائر، بنتائج توافقية وإيجابية عكست وحدة الرؤى بين أعضاء المنتدى، الذي تدعم بانضمام موريتانياوالسنغال كعضوين دائمين، حيث أجمع الوزراء في كلماتهم الافتتاحية في اللقاء الذي أعقب اجتماع الخبراء، المخصص لمتابعة تقدّم أشغال تنظيم القمة وتحضير برنامجها وتقارير خاصة وكذا صياغة إعلان الجزائر، على ضرورة توحيد الرؤى حول أهمية الغاز ودوره في تحقيق الانتقال الطاقوي واستمراره كمادة تضمن الأمن الطاقوي والتنمية المستدامة للشعوب، مبرزين أهمية تحقيق السيادة على الموارد المعدنية للدول، بعيدا عن الإملاءات الخارجية وكذا تنسيق العمل وتبادل الخبرات بين أعضاء المنتدى. في هذا الإطار، أكد وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب في كلمته الافتتاحية على التزام دول المنتدى ووعيها الجماعي بضرورة تكثيف التعاون والتشاور، والمضي قدما لصياغة اقتراحات وتوصيات فعّالة، لرفعها إلى اجتماع القمة، من أجل اتخاذ القرارات ورفع التحديات المستقبلية. الجزائر لن تدخّر جهدا لإنجاح القمّة وإذ ثمّن حضور الوزراء الممثلين لدول المنتدى وحرصهم على المشاركة في إثراء نقاش أعمال الاجتماع، الذي من شأنه أن يعزز ويدعم هذا الحدث، شدّد عرقاب على أن الجزائر التي تعتز باستضافتها لهذا الحدث الهام تحت القيادة الرشيدة لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، لن تدخر أي جهد لإنجاح أعمال وفعاليات هذه القمة الهامة. وقال عرقاب، إنه بناء على توجيهات السيد رئيس الجمهورية، فقد عملت الجزائر بكل عزم وتفان بغية إنجاح هذه القمة، وتمكين قادة الدول أعضاء المنتدى من مناقشة أهم القضايا المرتبطة بالتعاون، في مجال تطوير ودعم دور الغاز الطبيعي في تحقيق الرفاهية لبلداننا والمساهمة في تحقيق الأمن الطاقوي العالمي. وأضاف بأن الجزائر بصفتها عضو مؤسّس لمنتدى الدول المصدّرة للغاز، وانطلاقا من كونها دولة رائدة في صناعة الغاز الطبيعي، كانت ولازالت تستثمر كثيرا في مجالات الاستكشاف والتطوير والمعالجة ونقل وتسويق الغاز الطبيعي. كما تعمل بفضل خبرة شركتي سوناطراك وسونلغاز، على تعزيز مكانتها كمورد تاريخي وموثوق للغاز الطبيعي، ومواصلة الوفاء باِلتزاماتها، والحرص على حوار مستمر مع شركائها لإيجاد الحلول المناسبة لمواجهة التحديات التي تواجه صناعة الغاز الطبيعي. وقال عرقاب إنه انطلاقا من موارد الغاز الطبيعي الكبيرة التي تتمتع بها الجزائر، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يمنحها الأفضلية في الأسواق العالمية وامتلاكها بنية تحتية هامة في سلسلة القيمة، يمكنها تحقيق أمنها الطاقوي، والمساهمة في تلبية الطلب العالمي من خلال تصدير كميات هائلة عبر خطي أنابيب الغاز وكذا الغاز المميع نحو مختلف مناطق العالم. كما شدّد على أن الجزائر تعتبر من أهم الوجهات والدول الجذابة للمستثمرين بالنظر إلى إمكاناتها من الطاقات الأحفورية، وكذا الجديدة والمتجدّدة وفقا لإطار تنظيمي وضريبي محفز ومرن لترقية الاستثمار والشراكة. وبخصوص الاجتماع، لفت الوزير إلى أنه يأتي في سياق تغيرات جيوسياسية وهيكلية كبيرة تشهدها أسواق الطاقة خاصة الغاز، ما يوجب دراسة ومعالجة القضايا الرئيسية، ومن بينها التحوّل التدريجي إلى اقتصاد عالمي يعتمد على مصادر طاقة نظيفة، لمواجهة التغير المناخي الذي يمثل تحديا وفرصة في نفس الوقت. وتوقع أن يلعب الغاز الطبيعي الذي يعتبر طاقة المستقبل دورا أساسيا في تحقيق انتقال طاقوي سلس وعادل على المدى البعيد، كما تبرزه وتؤكده عديد الدراسات، لاسيما تلك المنجزة من قبل منتدى الدول المصدرة للغاز. بالإضافة إلى ذلك، قال عرقاب إن الاستثمار في موارد الغاز الطبيعي يتطلب كثافة عالية لرأس المال، ولذا كان من الضروري "إجراء حوار مستمر وجاد بين المنتجين والمستهلكين، لبناء رؤية استشرافية مشتركة تقر بالدور المتنامي للغاز الطبيعي في مزيج الطاقة العالمي، باعتباره مصدرا مستداما وتنافسيا، يضمن الأمن الطاقوي". وأعرب الوزير عن اقتناعه بأن التكنولوجيا ستكون حاسمة بالنسبة لمستقبل الغاز الطبيعي، "لذا تتشرف الجزائر باستضافة المقر الرئيسي لمعهد أبحاث الغاز التابع للمنتدى والذي سيشكل أداة رئيسية لتحفيز التعاون العلمي في ميادين البحث والابتكار التكنولوجي من أجل تطوير صناعة الغاز الطبيعي، لاسيما من خلال المشاريع ذات الأولوية المشتركة التي تهدف إلى بناء أنظمة طاقوية مرنة ومستدامة". قطر تدعو لمواجهة الأهداف غير الواقعية لإلغاء الغاز من جهته، أكد وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، الرئيس التنفيذي ل«قطر للطاقة" سعد شريده الكعبي على ضرورة العمل المشترك لضمان إمدادات الطاقة واستقرار الأسواق من خلال استمرارية توفير مصادر الطاقة، مشيرا إلى وجود حاجة ماسة لرؤية مشتركة لانتقال عادل ومستدام إلى طاقة منخفضة الكربون، "لاسيما في مواجهة الأهداف غير الواقعية" لما وصفها ب«الخطابات العاطفية" التي تدعو إلى إلغاء النفط والغاز. وقال إن التحوّل إلى طاقة منخفضة الكربون مسؤولية مشتركة تتطلب من جميع الأطراف المعنية بما فيهم المستخدمين النهائيين الذين تؤثر أنماطهم الاستهلاكية على معدلات الطلب وخيارات توليد الطاقة. كما جدّد التأكيد على موقف قطر الثابت الداعم للغاز الطبيعي، "باعتباره عنصرا محوريا في أي مزيج طاقوي على الطريق نحو تحوّل واقعي إلى طاقة منخفضة الكربون"، معربا عن دعم بلاده لرؤية المنتدى الرامية إلى تعزيز دور الغاز الطبيعي باعتباره الوقود المفضل في المزيج وكمصدر طاقة موثوق وعملي ونظيف. روسيا تؤكد أن قمة الجزائر مفتاح لتطوير صناعة الغاز بدوره أكد وزير الطاقة الروسي نيكولا شولجينوف أن العلاقات التي تجمع بلده مع الجزائر متينة، وأن التعاون في مجال الطاقة سيزيد من توطيدها، مشيرا إلى أن روسيا عملت بجدية من أجل إثراء "إعلان الجزائر" للتنسيق حول البنية التحتية للغاز وكيفية حمايتها قصد تطوير سياسة المنتدى وإمكانية انضمام دول جديدة لهذه الهيئة. وأضاف أن بلده يولي اهتماما بالغا لأشغال المنتدى ولنتائج قمة الجزائر التي اعتبرها بمثابة أرضية ومفتاح لانطلاق المشاورات المتعلقة بمسائل تطوير صناعة الغاز. فنزويلا تقترح تحويل منتدى الدول المصدّرة للغاز إلى منظمة اقترح وزير الطاقة الفنزويلي ترقية منتدى الدول المصدرة للغاز إلى منظمة لضمان استقرار الأسعار في الأسواق العالمية. وقال المتحدث إن المنتدى مدعو ليكون فاعلا رئيسيا في المجال الطاقوي، من خلال التموقع كفاعل مؤثر لتجسيد الاستقرار الطاقوي في مجال الغاز ومختلف استعمالاته في الاقتصاد العالمي. واعتبر الوزير الفنزويلي هذا اللقاء فضاء للتبادل حول مسائل الغاز على المستوى العالمي، مضيفا أن أسواق الطاقة تمر بوضعية جد معقدة ومنافسة غير نزيهة بسبب هيمنة بعض الدول ضد الدول المصدرة، مؤكدا أن هذا اللقاء يجمع الدول المصدّرة كمموّنين للطاقة مهمين لضمان النمو الاقتصادي والاجتماعي لتجسيد التنمية ببلدانها عن طريق الاهتمام بمواضيع الأمن الطاقوي والبيئة والاقتصاد. إيران : قمة الجزائر محط اهتمام أصحاب المصلحة في مجال الطاقة بدوره، أكد وزير البترول الإيراني جواد أوجي أن قمّة الدول المصدرة للغاز بالجزائر ستصبح إشارتها محط اهتمام أصحاب المصلحة في مجال الطاقة في العالم. وأشار إلى أن تطوير صناعة الغاز وتحقيق أمن العرض والطلب في السوق مرهون بتجسيد السلام العالمي وعدم تسييس تجارة الطاقة، مبرزا بأن التوترات الجيوسياسية وتطبيق أي عقوبات أحادية ومتعدّدة الأطراف تتعارض مع مبادئ ومعايير القانون الدولي وتعرض أمن الطاقة للخطر. واعتبر المتحدث تأكيد مكانة المنتدى في أسواق الغاز والقيام بدور أكثر فعالية في ضمان أمن الطاقة العالمي، ضرورة حتمية لتنمية الدول النامية، داعيا إلى تعزيز الحوار وتقاسم التجارب والتعاون الجماعي بين أعضاء المنتدى على المستويات الاستراتيجية والإدارية والفنية. العراق: الظروف الدولية تستدعي التشاور حماية للمصالح من جهته، أكد نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة وزير النفط حيان عبد الغني أن القمة الجزائر جاءت تزامنا مع مرحلة جديدة يساهم فيها الغاز في رسم طريق أكثر استدامة، ما يبرز، حسبه، أهمية المنتدى بالنظر للأهمية التي تحتلها صناعة الغاز الطبيعي في العالم كطاقة نظيفة أصبح تأثيرها يشمل المصالح الاقتصادية للدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء. وأضاف أن الظروف الصعبة التي يواجهها العالم حاليا تستوجب تبادل الأراء حول المبادئ والأهداف التي قام عليها المنتدى لحماية المصالح الاقتصادية للدول الأعضاء، مشيرا إلى أن دخول الغاز في سوق الاستثمارات الطاقوية أضاف مسؤوليات جديدة للدول الأعضاء في المنتدى، حيث أصبح الغاز موردا حيويا في الكثير من الصناعات. في ذات السياق ذكر المسؤول العراقي بأن صناعة الغاز تلعب دورا مهما في الانتقال الطاقوي، ما يدفع الدول المنتجة إلى تطوير الاستثمارات والصناعات في مجال الغاز لمواكبة هذا التحوّل ومرافقته. وأكد أن العراق يتقدّم بخطى ثابتة في مجال الغاز من خلال تسطير برنامج للاستثمار لرفع إنتاجه إلى 3 آلاف متر مكعب خلال السنوات القادمة، بالإضافة إلى إطلاق جولة الترخيص الخامسة التكميلية والسادسة التي تتضمن 33 حقلا نفطيا و4 استكشافات غازية، ما سيجعل العراق ينتقل من بلد مستورد إلى بلد مكتفي ذاتيا مستقبلا، داعيا دول المنتدى للاستثمار في هذا المجال لتطوير إنتاج وتصدير الغاز. ليبيا تؤكد التزامها بمبادئ وأهداف المنتدى وتشجيع التعاون وزير الطاقة الليبي، جدّد في مداخلته، التزام بلاده بأهداف المنتدى للتعاون والتنسيق وتشجيع تبادل الرؤى حول ظروف السوق وأبحاث الغاز، معتبرا إنشاء معهد أبحاث الغاز بالجزائر، تأكيدا على الدور الهام للتكنولوجيا في جعل الغاز مصدر طاقة أكثر نظافة. واعتبر الوزير أن حضور هذه القمة تأكيدا لاستعداد ليبيا للمساهمة في تعزيز أمن الطاقة العالمي واستقرار السوق وضمان التنمية المستدامة. وذكر بأن ليبيا تحتل الترتيب السابع في إفريقيا في مجال الغاز ب90 مليون متر مكعب، وهي تستعد للبدء في تطوير عديد الاستكشافات للوصول إلى إنتاج 4 آلاف متر مكعب في اليوم، مشيرا إلى أن بلده مستمر في التعاون والانفتاح على الشركات العالمية لضمان استمرار إمدادات الغاز من أجل استقرار سوق الطاقة العالمية، من خلال الانطلاق في اكتشافات جديدة خلال السداسي الثاني من السنة. موريتانيا ترحّب بقبول عضويتها الكاملة في المنتدى تقدّم وزير البترول والمعادن والطاقة الموريتاني الناني ولد أشروقة بالشكر لكافة أعضاء المنتدى لقبول عضوية موريتانيا في هذا الفضاء الذي تشارك فيه منذ 3 سنوات كعضو مراقب. وأكد أن بلاده تتبنى كافة اهتمامات المنتدى وتلتزم بالعمل على تحقيق أهدافه المتمثلة في دعم صناعة الغاز وتعزيز التحول الطاقوي، والتأكيد على سيادة الدول في استغلال مواردها الطبيعية وعلى رأسها الغاز كمحرك أساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأشار إلى أن موريتانيا تزخر بموارد طبيعية معتبرة وتتشارك مع السنغال في تطوير حقل غاز سيبدأ الإنتاج قريبا. وكذا موارد أخرى قال إن بلاده ستضعها رهن الشركاء لاستغلالها، مؤكدا التطلع إلى المشاركة الفاعلة في المنتدى وتبادل الخبرات. كما ثمّن عاليا إنشاء معهد البحث في الغاز بالجزائر، آملا في الاستفادة عبره من خبرة الجزائر التاريخية في صناعة الغاز. السنغال تطلب خبرة الجزائر لتطوير صناعة الغاز من جانبه، قال وزير البترول والطاقة السنغالي أنطوان فيليكس عبدو اللاي ديومي، إن بلده يريد الاستفادة من تجربة وخبرة البلدان الغازية الرائدة في هذا المجال ومن بينها الجزائر، من أجل تطوير صناعة الغاز في السنغال، التي قال إنها تحتكم على احتياطات مهمة لاسيما في عرض البحر. وأكد على ضرورة الاستلهام من هذه الدول لاستغلال هذه الموارد لفائدة الشعوب باحترام المعايير البيئية، وجعل الغاز موردا هاما وأساسيا في التحوّل الطاقوي. مصر ترافع لعدم المساس باستقرار إنتاج الغاز صرح وزير البترول والثروة المعدنية لمصر طارق الملا بأن الدول الأعضاء في المنتدى أكدوا على أهمية التعاون في مجال البنى التحتية للغاز وفي مجال محاولة عدم المساس باستقرار هذه التجارة والإنتاج، مع ضرورة الاستثمار في هذه الطاقة كاختيار أول للوقود الانتقالي، مشيرا إلى أن التوافق في رؤى هذه الدول يؤكد التزامها واتفاقها على هذا النهج.