أسدل الستار أول أمس على ركح المسرح الروماني العتيق جميلة إيذانا باختتام الطبعة الخامسة لمهرجان جميلة العربي وذلك بعد عشرة أيام بأكملها ارتوى خلالها جمهور كويكول بكؤوس من الطرب الأصيل والموسيقى الراقية التي جادت بها حناجر نجوم الأغنية العربية من المشرق إلى المغرب العربي. وقد وقعت السهرة الختامية للتظاهرة التي امتدت فعالياتها من 5 على 14 أوت الجاري جوهرة الغناء العربي وسفيرة الأغنية اللبنانية، صاحبة الصوت الجبلي القوي الفنانة اللبنانية ديانا حداد التي كانت مسك ختام الطبعة وسط جمهور قياسي لم يشهده المهرجان منذ إعادة بعثه في 2005، تدفق على مدرجات المسرح الروماني من مختلف ولايات الوطن حتى من أقصى نقطة بالغرب الجزائري، الشيء الذي أجبر المشرفين على هذه التظاهرة الثقافية إلى غلق الأبواب أمام المئات من العائلات. وقد استهلت الفنانة اللبنانية وصلتها بالأغنية الشهيرة "لا والله ماني" لتمتع جمهورها وعشاقها بالجزائر ببعض أغاني ألبومها الجديد على غرار "سحر عيونك جذبني" ، "دلعوني" والأغنية الشهيرة "على دلعونة" التي سبق وأن أداها العديد من نجوم الأغنية العربية، "لقيتك والدنيا ليل" و" يا عيبو" بالإضافة إلى الدبكة اللبنانية "عذاب الهوى" التي أرقصت الحضور وتفاعل مع دقاتها. كما أطربت ديانا محبيها ممن حضروا السهرة ب"لو جابولي ماس ولوي.." التي أدتها ديو مع ملك الراي خالد ورددتها معها مئات الحناجر الحاضرة، لتنحني الفنانة في ختام وصلتها التي امتدت إلى الساعات الأولى من صباح يوم السبت لجمهورها عرفانا له على الاستقبال والتفاعل المميز الذي حظيت به ابنة لبنان التي تقف لثاني مرة على ركح جميلة بعد مشاركتها في طبعة "2006 جميلة بعلبك" التي نظمت تضامنا مع الشعب اللبناني الشقيق. ولم تخف العديد من العائلات التي عاشت السهرة أنها جاءت خصيصا لمشاهدة هذه الفنانة اللبنانية كما أبدت استمتاعها بالسهرة وأكدت على نجاح الطبعة الخامسة لهذه التظاهرة السنوية والحدث الثقافي "الهام" سواء من حيث المشاركة الواسعة للفنانين العرب أو الجانب التنظيمي. أما الجزء الثاني من السهرة الختامية للتظاهرة فقد أحيته كوكبة من الأصوات الجزائرية حيث تفاعل الشباب من عشاق الطابع السطايفي كثيرا مع الفنان الصالح العلمي الذي أدى باقة من أغانيه بإيقاع عصري يغلب عليها الطابع العرائسي يعكس مدى الثراء والزخم الفني الذي تزخر به منطقة سطيف والناحية الشرقية للهضاب العليا. ومن بين ما غنى الصالح العلمي أغنية "مرحبا " و" أنا اللي هويتك" و"راني متحير" تفاعل معها الجمهور وصفق لها وتمايل مع ضرباتها رغم سوء الأحوال الجوية والرياح التي سادت المنطقة خلال تلك الأثناء. وواصل السهرة في حدود الساعة الثانية من فجر اليوم السبت الشاب خلاص الذي ألهب سماء المدينة الأثرية بمجرد صعوده المنصة وحول مدرجات المدينة الأثرية إلى فضاء للرقص حيث تفاعل معه الجمهور بشكل كبير وردد مجموع أغانيه. كما تأثر الجمهور كثيرا بعد أن أدى الشاب خلاص مقاطع من أغنية "ياي دمي دمي" للفنان المرحوم كاتشو الذي غادرنا قبل ايام. ليفسح المجال بعد ذلك لمطرب الرومانسية هواري دوفان الذي استطاع رغم تأخر الوقت من دغدغة أحاسيس الجمهور الكبير الذي غص به ركح كويكول ولم ينل منه العياء ولا النعاس بل راح يطلب من هذا الفنان بإمتاعه أكثر. وقد أدى الفنان باقة متنوعة من ألبوماته الغنائية القديمة والجديدة على حد السواء منها "مالها عمري تبكي وغيضانة" و"عاجبك حالي" و"شحال نبغي نقلش عمري" و"نكري لعمري في الشيراتون" التي تجاوب معها الحضور من الشباب الذي لم يتوان في ترديد كلمات كل الأغاني التي أداها هذا الفنان. وقبل ذلك كان مدير الديوان الوطني للثقافة والإعلام لخضر بن تركي قد نوه في كلمة ختامية أن طبعة مهرجان جميلة العربي لهذا العام التي نظمت تحت شعار "القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية" هي "منبر لإيصال صوت الجزائر لمناصرة القضايا العادلة ووقفة تضامن وحب مع الشعب الفلسطيني". كما اعتبر هذا الحدث الثقافي السنوي تكريما وتشريفا لنضال هذا الشعب الصامد مشيرا إلى أن "المحنة التي يتكبدها الشعب الفلسطيني الشقيق بتألم ويتحسر لها أيضا الشعب الجزائري". كما استغل الأمين العام لولاية سطيف من جهته الفرصة لتقديم تعازيه الخالصة باسمه وباسم جميع مواطني الولاية لعائلة الفنان المرحوم كاتشو الذي وافته المنية منذ أيام قليلة إثر حادث مرور، راجيا من الله عز وجل أن يتغمد روح الفقيد برحمته ويسكنه فسيح جنانه. ونوه بما قدمه هذا الفنان خلال مسيرته الفنية وهو الذي غنى بابتسامة للوطن والوئام وللمحبة وأفراح الجزائر كما كرس فنه لإغناء ولإثراء التراث والأصالة. وتوجت الطبعة الخامسة لمهرجان جميلة العربي بحفل سلم خلاله درع المهرجان لبعض الصحافيين وممثلين عن الحماية المدنية والأمن الوطني والتقنيين وذلك عرفانا لما قدموه من مجهودات لإنجاح التظاهرة التي شهدت هذه السنة مشاركة العديد من الأصوات العربية على غرار ملحم زين، الفنان المصري حمادة هلال، واللبنانية كارول صقر وفلة عبابسة.