أحصى صندوق النّقد الدولي، 19 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى، تبحث حاليا إصدار بنوكها المركزية لعملة رقمية من بينها الجزائر. وهو ما يقارب ثلثي بلدان هذه المنطقة التي تدرس اعتماد العملات الرقمية للبنوك المركزية، كوسيلة لتعزيز الشمول المالي وتحسين كفاءة المدفوعات العابرة للحدود. سمح القانون النقدي والمصرفي الصادر العام الماضي، مستبدلا قانون النقد والقرض القديم، لأول مرة لبنك الجزائر بإصدار عملة رقمية، في إطار سياسة الشمول المالي والتكيف مع التكنولوجيات الحديثة في هذا المجال، حيث أدرج أدوات جديدة للسياسة النقدية بهدف جعلها أكثر فاعلية، كما فتح المجال لدخول فاعلين جدد يقدمون خدمات ومنتجات مصرفية ترتكز على التكنولوجيات الحديثة، خصوصا من خلال السماح بإنشاء بنوك رقمية وشركات مقدمي خدمات الدفع. واعتمد القانون شكلا رقميا من العملة النقدية تسمى "الدينار الجزائري الرقمي"، تحت رقابة البنك المركزي الذي يعد السلطة النقدية الوحيدة. واعتبر صندوق النّقد الدولي، في دراسة أعدها خبراؤه، أن خيار إصدار البنوك المركزية لعملات رقمية يساعد في تحسين كفاءة خدمات الدفع عبر الحدود، مشيرا إلى أن ذلك يعد من الأولويات بالنسبة للبلدان المصدرة للنّفط لأنه يساهم في خفض تكاليف المعاملات بصفة كبيرة. وتمت الإشارة إلى مساهمة العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية في تعزيز الشمول المالي، عن طريق تشجيع المنافسة في سوق المدفوعات والسماح بتسوية المعاملات بصورة مباشرة أكبر وبوساطة أقل، ما يؤدي بدوره إلى خفض تكاليف الخدمات المالية وتسهيل الحصول عليها. وعلى عكس البنوك التجارية، يمكن أن تساعد البنوك المركزية أيضا وفق محللي الأفامي على الحفاظ على انخفاض التكاليف نظرا لعدم اكتراثها بتحقيق الأرباح عكس البنوك التجارية. كما تم إبراز أهمية زيادة المنافسة في سوق المدفوعات بفضل العملات الرقمية للبنوك المركزية، في تطوير المنصات التكنولوجية ورفع كفاءة خدمات الدفع، ووصول الخدمات المالية للمزيد من المواطنين، حيث لفت إلى أن بلدان المنطقة ومنها الجزائر تولي اهتماما خاصا بهذه الميزة. بالمقابل، شدد خبراء صندوق النقد الدولي على أن اعتماد العملات الرقمية للبنوك المركزية يتطلب "دراسة دقيقة" لتقييم الظروف الخاصة بكل بلد، معتبرين استخدام العملات الرقمية للبنوك المركزية قد يحقق مزايا هامشية، ما لم تتم إزالة بعض الحواجز المفروضة على زيادة استخدام الحسابات والمدفوعات الرقمية مثل تدني مستوى المعرفة الرقمية والمالية، والافتقار إلى أدوات تحديد الهوية. وسجل هؤلاء أنه يمكن التخفيف من آثار المخاطر المحتملة من إطلاق العملات الرقمية على الاستقرار المالي، بالاعتماد على شرطين أساسيين هما "سلامة النظامين المصرفي والقانوني و«قوة القدرات الرقابية والتنظيمية"، فضلا عن أهمية "الخصائص التصميمية" للحد من المنافسة مع الودائع المصرفية، مثل المعايرة الدقيقة للقيود المفروضة على أرصدة ومعاملات العملات الرقمية للبنوك المركزية. فتصميم عملات رقمية للبنوك المركزية يمكن استخدامها دون الاتصال بالإنترنت وفقا للخبراء وبإمكانه تعزيز الشمول المالي في المناطق التي تشهد انقطاعات في خدمة الهاتف المحمول كالبلدان منخفضة الدخل والدول الهشة والمتأثرة بالصراعات.