تتوجه العائلات خلال هذه الأيام، التي تشهد ارتفاعا شديدا في درجات الحرارة، ورطوبة جو غير محتملة، نحو الشواطئ والمتنزهات، بحثا عن لطافة الجو، التي تريحها من تعب الحرارة، ويكون بذلك منتزه "الصابلات" واحدا من أكثر الوجهات التي يفضلها الجزائريون، نظرا لموقعها المحاذي للبحر، وقربها من "جامع الجزائر"، وبفضل موقف ركن السيارات الضخم الذي يمكنه أن يستوعب آلاف السيارات، كل ذلك جعل من هذا المنتزه، وجهة مثالية لعشاق الجلوس والانتعاش ولو قليلا بلطافة الجو والاستمتاع بزرقة البحر. تجد العائلات، خلال موجة الحر التي تشهدها الجزائر في هذا الموسم، متنفسا في منتزه "الصابلات"، ليس الشاطئ فقط أو الحديقة، بل جمع هذا المنتزه بين المنظرين، ما جعله من أكثر المعالم استقطابا للعاصميين، أو حتى الزوار القادمين من ولايات مجاورة، والمغتربين، حيث يحمل مقومات تجعله "مثاليا" للتجوال والراغبين في تخفيف ضغط الصيف. بحر في الشمال، و«جامع الجزائر" جنوبا، ومنتزه وادي الحراش شرقا، والعاصمة البيضاء غربا، هي حدود المنتزه التي تزيده جمالا وروعة للاستمتاع، ويضفي "الأمن" المتوفر في كل ركن، وأكشاك الأكل السريع، والألعاب والأنشطة الرياضية، لمسة خاصة على المنتزه، الذي يوفر لقاصديه، ما يبحثون عنه وما يحتاجونه لتمضية أمسية كاملة، أو حتى ليلة تحت النجوم. وإن كان الإقبال على هذا المنتزه، الذي يمكن الوصول إليه بسهولة عبر مختلف وسائل النقل، لا يتوقف طيلة أيام السنة، إلا أنه يتضاعف أكثر خلال العطل المدرسية، لاسيما الصيفية، وأيام نهاية الأسبوع وفي السهرات الصيفية، خصوصا وأن هذا الفضاء الفسيح الممتد على أكثر من 4 كلم من ميناء النزهة، وصولا إلى منتزه وادي الحراش، يمكّن العائلات من السهر في الهواء الطلق، دون الشعور بضيق المكان أو ازدحامه، خصوصا وأن طاقة استيعابه جد كبيرة، ويمكن ركن السيارة بكل أمان، دون التفكير في الانشغال الذي كثيرا ما يعكر صفو الخرجات العائلية. وفي جولة قادت "المساء" إلى المنتزه، حاولت لمس مدى إقبال المواطنين على هذه المحطة في العاصمة، بالتحديد ببلدية المحمدية، عبر العديد من المواطنين الذين قابلناهم، وقدموا من مختلف ولايات الوطن، عن ارتياحهم للتواجد هناك، بفضل الأمن، ومستوى الخدمات الموفرة، ومرافق الراحة، وتنويع الأنشطة، وزرقة الماء التي تمنح نسبة من الانتعاش، حتى وإن كانت رطوبة الجو جد عالية. يتغير ديكور تلك الساحة الشاسعة، من فصل لآخر، فبين شتاء تغيب فيه تقريبا الحركة، وصيف أكثر ضوضاء، يجد دائما المنتزه عشاقه، ويختلف الهدف فقط من التردد على هذا الفضاء الخلاب، الذي تم افتتاحه قبل سنوات، ويشهد منذ ذلك الحين، إقبالا كبيرا من ربوع الوطن. وأجمع الكثير ممن تحدثوا مع "المساء" من زوار هذا الموقع من هواة رياضة المشي، أو عائلات رفقة أطفالهم، أو حتى أزواج، أو شباب في شلة، أن منتزه "الصابلات"، ممشى جميل وممتع، وعلى طوله يمكن الاستمتاع بجمال المكان، فديكوره المحيط به من كل جنب، يجعله مثاليا للترويح عن النفس وأخذ أجمل الصور، والاستمتاع بانتعاش البحر، وتناول وجبات خفيفة، وغير ذلك من الأنشطة، كركوب الدراجة الهوائية أو لعب الكرة، أو الركض وغير ذلك. وأكثر ما أثار انتباهنا هناك، الحلقات العائلية المنتشرة هنا وهناك، التي زادت المكان جمالا، فبين أركان المنتزه، وعلى كامل طوله، لا يشعر الجالس أبدا بضيق المساحة، مع وجود أطفال يحومون حول أوليائهم، وآخرون يتنزهون هنا وهناك، يلتف من حين لآخر البعض على وجبات خفيفة، وآخرون ينصبون سلة وسطهم، تحمل قهوة وشاي وحلوى مشكلة، وغيرها من الأكلات اللذيذة، إذ تحرص الكثير من العائلات على إعداد مختلف الأطعمة وحملها معها للمنتزه، حيث تفترش الحصائر في المساحة الخضراء أو على الموائد الخشبية المثبتة هناك. مأدبات في الهواء الطلق .. مناظر تتكرر بالمنتزه ما تكاد الشمس تغيب، وتختفي عن أنظار الزوار، تكتظ مداخل المنتزه، وتشكل السيارات طوابير طويلة، حيث يفضل البعض التوافد على المنتزه بعد غروب الشمس، اعتقادا منهم أن حرارة الجو تخف نسبيا، حتى وإن كان غير ذلك في بعض الأيام، هذا ما أوضحه البعض في حديثهم ل"المساء"، وأكدوا أن توافدهم في تلك الفترة هو للهروب من حرارة الشمس الحارقة، فينظمون حينها مائدة عشاء في الهواء الطلق، وسط أجواء عائلية ممتعة، وديكور يختلف عن البيت، وهو التقليد الذي ما فتئ يترسخ سنة بعد أخرى لدى بعض العائلات، التي تعيد الكرة مرة في الأسبوع على الأقل. وما يرسم بهجة ذلك المنتزه بالأخص، فرحة الأطفال، الذين يتسابقون في كل مكان راكضين في كل اتجاه، تعبيرا عن فرحتهم وراحتهم بالمكان، فالصرخات التي تتعالى والضحكات العفوية تزيد من بهجة المكان ومتعة للجالسين هناك، خاصة وأن المكان يتوفر على مساحات للعب والتسلية، إلى جانب الشاطئ الذي يمنح أفقا لا حدود له، بل تصطف فيه بعض البواخر من أحجام مختلفة، ترسم لوحة شبيهة بصورة من بطاقة بريدية جميلة.