صدر، مؤخرا، للكاتبة والباحثة نسيمة شرلاح، كتاب بعنوان "سد النهضة وتحوّلات السياسة الإقليمية في حوض النيل"، عن دار الأديب للنشر والتوزيع والترجمة، بجمهورية مصر العربية، يضم 190 صفحة. سلّطت المؤلفة الضوء على قضية الصراع على الموارد المائية التي تُعد موضوع الساعة في حوض النيل، وبالأخص بين دول حوض النيل الشرقي. وركّزت الدراسة على قضية مهمّة، وهي الأمن المائي في منطقة حوض النيل. كما سلّطت الضوء على الأمن المائي، وارتباطه بالأمن الغذائي والإنساني والقومي؛ حيث سعت من خلال هذا البحث، إلى بلورة وطرح بعض القضايا المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي؛ باعتباره تجسيدا لمفهوم الهيمنة المائية المضادة، وانعكاساتها على مجمل التفاعلات الإقليمية بين دول حوض النيل. وتناولت الدراسة منطقة حوض النيل انطلاقا من أخذ بعين الاعتبار، الإحدى عشرة 11 دولة، وهي مصر، وشمال السودان، وجنوب السودان، وإثيوبيا، وإريتريا، وبوروندي، وكينيا، والكونغو الديمقراطية، وتنزانيا، ورواندا وأوغندا، حيث يُعد حوض النيل من أكبر الأحواض في العالم بمساحة تقدر ب 3 ملايين كم مربع. وبحكم تطرقها لسد النهضة ركّزت الباحثة في دراستها، على ثلاث دول، هي: أثيوبيا ومصر والسودان. وترجع أهمية الموضوع لأهمية المياه كإحدى أهم الموارد الاجتماعية والاقتصادية؛ إذ المياه محور اهتمام الجميع بصفة عامة، ودول حوض النيل بصفة خاصة. البحث في تحليله انصب بصفة عامة، على مشكلة الصراع الإثيوبي – المصري حول سد النهضة، وما يسبّبه من تأثير سلبي على حصة مصر والسودان المائية. وقد سعت الدراسة إلى تحقيق العديد من الأهداف؛ أهمها معرفة الأسباب الحقيقية لمشكلة سد النهضة في دول حوض النيل الشرقي، وتتبّع مسارها التاريخي، والتعرّف على سلوك إثيوبيا مع مصر والسودان، في ظل قواعد القانون الدولي التي تنظم استغلال المياه في الأنهار الدولية، بما يضمن حقوقهما المائية. ويهدف البحث إلى وضع حل لمشكلة علمية، وتحليل الصراع المائي السياسي بين دول حوض النيل الشرقي بشأن سد النهضة، وكذلك التعرّف على سياسة وإدارة الموارد المائية في دول حوض النيل، وعرض السياسات المائية في دول حوض النيل، وارتباطها بالظروف الداخلية والإقليمية والدولية، وكذا التعرّف على نمط جديد من الهيمنة المضادة في حوض النيل؛ إذ حاولت المؤلفة استشراف مستقبل الأمن المائي في دول حوض النيل، وإبراز انعكاساته المستقبلية على العلاقات فيما بينها، وعلى أمنها في ضوء المتغيرات الحالية الداخلية الإقليمية والدولية. وتدور أحداث الموضوع بشكل رئيس، بعد أفريل 2011؛ إذ يُعد هذا التاريخ الأبرز في منطقة حوض النيل؛ لارتباطه بوضع حجر الأساس في مشروع سد النهضة؛ حيث قامت إثيوبيا بإرادتها المنفردة ودون إخطار مسبق، بالبدء في بناء مشروع سد النهضة بالرغم من انعكاساته السلبية على مصر والسودان، إلى غاية عام 2021، وهو سنة الانتهاء من بناء سد النهضة. أما عن أسباب ودوافع اختيار موضوع نهر النيل بالدراسة والتحليل، فقد أوضحت نسمة شرلاح ل"المساء"، أن الدوافع الذاتية تعود بالدرجة الأولى، إلى اهتماماتها الشخصية بموضوع الصراع حول الموارد المائية، ورغبتها في البحث في قضية الأمن المائي، الذي أضحى من أهم التحدّيات الاستراتيجية التي تواجه الأمن القومي العربي في العصر الراهن، خاصة أن أزمة سد النهضة تمثل نموذجا لهذا التحدّي الخطير الذي يشغل الرأي العام العربي، والإفريقي والدولي، في حين تعود الدوافع الموضوعية والعلمية إلى مجال تخصّصها العلمي، وهو العلوم السياسية والعلاقات الدولية تخصّص دراسات إفريقية. وانصبّ اهتمامها على جوانب الأمن وأبعاده، خاصة الأمن المائي. أما من حيث الأهمية العلمية، فقالت الأستاذة نسيمة شرلاح إن الدراسة هي محاولة لإثراء المكتبة الجامعية الجزائرية لتكون مرجعا لطلاّب العلم في نفس مجال التخصّص، ونقطة بداية لإشكاليات أخرى تتعلق بالصراع على الموارد المائية، ونشر الرغبة وسط المجتمع العلمي للاهتمام بالشؤون الإفريقية، وخاصة موضوع النزاع حول الموارد المائية، وتشجيع الطلبة والباحثين على مزيد من الالتزام المعرفي، والبحث العلمي.