احتفاء باليوم العالمي للفن الإسلامي المصادف ل18 نوفمبر من كل سنة، نظّم المتحف العمومي الوطني للخط الإسلامي بتلمسان، معرضًا تاريخيا فنّيًا حول الوثائق الأرشيفية غير المنشورة، التّي لم يسبق للجمهور الاطلاع عليها من قبل، وذلك بمناسبة صدور أحدث دراسة أثرية حول مسجد "أبي الحسن التّنسِي"، موسومة ب"مسجد أبي الحسن التّنسِي في مدينة تلمسان، دُرّة الطّراز المعماري الزّياني المبكّر ببلاد المغرب الأوسط (الجزائر)". انتهت الدراسة الأثرية إلى نتائج في غاية الأهمية العلمية، والتاريخية، والحضارية، مفادها أنّ هذا المسجد هو المدرسة الفنية الأولى التي أخذ عنها الزيانيون والمرينيون، على حدّ سواء، طرازهم المعماري لاحقا بتلمسان، وكذا بعض مدن المغرب الأقصى بأدلة وثائقية، ومخبرية لا يمكن الطعن في مصداقيتها، لاسيما فيما يخصّ صناعة الزليج على وجه الدقة والتحديد، والفن المعماري بشكل عام، مشيرة إلى أنّ مصدر زخارف هذا المسجد في مجملها تعود لتراث معماري جزائري عريق، عُرِف من قبل في قلعة بني حمّاد، وآشير وسدراتة، وغيرها من حواضر الجزائر السّابقة. وهو ما دفع بكبير المهندسين الفرنسيين "أ.راقني" في نهاية القرن التاسعة عشر ميلادي، يقول عن هذا المسجد بما ترجمته حرفيا "لم تُقدِّم العمارة العربية مُجمّعًا معماريًا على هذا القدر من الانسجام، والثّراء الزّخرفي بهذه التفاصيل الدّقيقة في أيّ مكانٍ آخرٍ، ولا يضاهيه في ذلك غير بعض مرافق قصر الحمراء بغرناطة، المعاصر له زمنيًا، حيث يمكن مقارنتها بهذا الإنجاز الرّائع". وقد تعلّقت بتاريخ وتغيّر وظائف هذا المعلم التّاريخي الهام في ظلّ الاحتلال الفرنسي، وتحديدا ما بين سنتي (1842-1907)، الموزّعة حاليا ما بين مراكز حفظ الأرشيف الفرنسي الآتية "أرشيف وزارة الحرب الفرنسية" بقصر فانسان، "أرشيف مديتاك العمارة والتّراث" بشارنتو- لو- بون، و«الأرشيف الوطني الفرنسي" بسان- دوني في الضواحي الباريسية، وكذا "أرشيف الحكومة العامّة للجزائر" بآكس-أون- بروفنس جنوبفرنسا. وتتمثّل الرسالة في هذا اليوم الدولي في التوعية والتعريف بأشكال التعبير الفني الإسلامي القديمة والمعاصرة، إذ يعدّ الفن الإسلامي أحد أشهر وأعرق الفنون بشكل عام، حيث يعبّر عن الفن الذي ظهر منذ قرابة عام مائتين واثنين وعشرين للميلاد، ويشمل الفن الإسلامي، التخطيط من العمارة والديكور، فن الكتابة وفن الزخرفة. التظاهرة عرفت أيضا إحياء أمسية فنية من تقديم الفنان حمي بن عصمان بعنوان "الأذان بين جمالية الصوت وتوظيف المقام"، وذلك بمقر المتحف العمومي الوطني للفن والتاريخ، من جهته، احتضن قصر الثقافة "عبد الكريم دالي" إمامة معرضا فنيا بعنوان "الزخرفة في المعمار الإسلامي" من تنظيم مركز الفنون والمعارض بالتنسيق مع المتحف العمومي الوطني للآثار الإسلامية.