دافع وزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب بلعيز أمس عن الجهود المبذولة من طرف المصالح القضائية لمكافحة ظاهرة الفساد على جميع المستويات، وكشف عن معالجة أكثر من 2600 قضية أدين فيها أكثر من 5 آلاف شخص في ظرف أقل من أربع سنوات. وردّ وزير العدل أمس على سؤال شفوي بمجلس الأمة حول تعامل السلطات القضائية مع ملف الفساد الذي قال عنه عضو المجلس صاحب السؤال بأنه أصبح يأخذ أبعادا خطيرة لمساسه بمؤسسات عليا في الدولة، وقدم أرقاما حول الملفات المعالجة في الفترة الممتدة من 2006 إلى السداسي الأول من العام الجاري، وذكر بأن العدالة الجزائرية عالجت في هذه الفترة في إطار تطبيق قانون محاربة الفساد 2691 قضية أصدرت بخصوصها أحكاما نهائية أدين فيها 5086 شخصا. وفي تفصيله للقضايا المعالجة في كل سنة أشار الى أن عام 2006 عرف جدولة 818 قضية، تم الفصل في 680 منها وتم إدانة 930 شخصا، أما سنة 2007 فقد تم الفصل في 861 قضية من أصل 1054 مجدولة وأدين فيها 1789 شخصا، وانخفض عدد القضايا المجدولة السنة الماضية الى 807 قضايا، تم الفصل في 739 منها وتم إدانة 1694 شخصا. أما خلال السداسي الأول من العام الجاري فقد تم جدولة 479 قضية تم الفصل في 411 منها أدين فيها 673 شخصا. وبناء على هذه الأرقام أوضح الوزير أن السلطة القضائية لم تتهاون في معالجة كل القضايا المطروحة على مستواها، مؤكدا أن هناك قضايا أخرى توجد قيد المتابعة والتحقيق نافيا أن يكون هناك تجاهل لأية قضية يتم إثارتها، وأضاف أن الدولة تقوم بدورها في أحسن الظروف وان القضاء يعمل في صمت ويتقيد بالحياد والموضوعية والرصانة والحكمة، لكنه شدد على ضرورة تجنب التهويل والترويج لمثل هذه القضايا "حتى لا يتم التأثير على القضاء". وبالنسبة لوزير العدل فإن طريقة تعامل القضاء مع ملفات الفساد تحركه أيضا ضرورة الحفاظ على كرامة الأشخاص، الشيء الذي يجعلها تقوم بعملها في صمت بعيدا عن الترويج والتهويل. وانتقد السيد بلعيز توجه بعض الأطراف إلى جعل ظاهرة الفساد في الجزائر "غولا" ينخر جسم المجتمع مؤكدا أن هذه الآفة أزلية وتعرفها جميع دول العالم وأن الجهاز القضائي يتوفر على الميكانيزمات والآليات القانونية لمواجهتها. وسئل الوزير من طرف الصحافيين على هامش الجلسة عن تاريخ الإعلان عن إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة في خطابه لدى افتتاح السنة القضائية، فقال أن العمل جار من أجل وضع جميع الترتيبات الخاصة بها، وانه سيتم تنصيبها عن قريب. ومن جهة أخرى أعلن الوزير عن إعادة النظر في قانون الحالة المدنية، مؤكدا أن النص الحالي لم يعد يساير العديد من القوانين منها قانون الأحوال الشخصية والجنسية. وجاء حديث السيد بلعيز عن تعديل قانون الحالة المدنية في سياق رده على سؤال شفوي يتعلق بأسباب تخصيص محكمة حسين داي لوحدها في استخراج شهادات الميلاد للمسجلين في القنصليات والسفارات الجزائرية بالخارج، وبخاصة حالة المولودين في النيجر ومالي. وقال أن محكمة الجزائر العاصمة هي الوحيدة دون سواها التي يمكن بها استخراج وثائق الحالة المدنية بالنسبة للمواطنين المسجلين بالقنصليات والسفارات الجزائرية بالخارج. وأوضح بأن الولادات التي لم يصرح بها لدى القنصليات الوطنية في الخارج في مدة أقصاها 10 ايام ولم تسجل بسبب عدم وجود عقود كتابية في البلد الأجنبي تثبت الحالة المدنية فإنها لا تسجل بالقنصلية إلا بموجب حكم من محكمة الجزائر. وذكر بأن القانون المتعلق بالحالة المدنية الساري المفعول سن مقتضيات وحدد آجالا للتصريح بالميلاد أو الزواج أو الوفاة لدى ضابط الحالة المدنية. وينص قانون الحالة المدنية لعام 1971 على انه يجب التصريح بالمواليد داخل التراب الوطني خلال 5 أيام من تاريخ الولادة وتمتد هذه المدة الى 10 ايام في ولايتي الواحات والساورة ولا يجوز لضابط الحالة المدنية عند نهاية هذا الأجل أن يقيد المواليد في سجلاته إلا بموجب حكم يصدره رئيس المحكمة التابع لها مكان الولادة. أما في الخارج فيتم التصريح لدى القنصليات الوطنية خلال 10 أيام من تاريخ الميلاد مع جواز تمديد الآجال في بعض الدوائر الإدارية القنصلية بموجب مرسوم يحدد إجراء وشروط هذا التمديد. وحول حالة هؤلاء المولودين في النيجر ومالي ،أوضح الوزير أن شهادات الميلاد للمعنيين بالأمر سجلت بتاريخ متأخر عن الآجال القانونية مباشرة دون حكم محكمة مدينة الجزائر. وأكد أن تصحيح الوضع يقتضي أن يسعى الأشخاص المعنيون شخصيا لتصحيح عقود حالتهم المدنية أمام المحاكم وفقا لما يتطلبه القانون. وعلى هامش الجلسة رد السيد بلعيز عن سؤال يتعلق بقرار القضاء البريطاني ترحيل الثري الفار خليفة عبد المؤمن وعبر عن أمله في أن تكون جلسة النظر في ملف الترحيل المقررة نهاية الشهر الجاري، وأضاف أن الحكم الصادر عن محكمة ويستمنستر قبل أشهر يعد انتصارا للملف الذي تقدمت به الجزائر. وحول مشاريع القوانين المنتظر أن تشرع الوزارة في إعدادها تحسبا لمناقشتها ذكر الوزير مشروع قانون خاص بالمحكمة العليا وآخر بمجلس الدولة ومشروع قانون يعيد تنظيم محكمة الجنايات. ويذكر أن الوزارة قامت منذ مباشرة عملية إصلاح العدالة سنة 2001 بمراجعة وسن 167 نصا قانونيا.