يقوم وزير الخارجية الصيني يانغ جايشي بزيارة إلى الجزائر الأسبوع القادم في إطار جولة تقوده إلى أربع دول إفريقية أخرى إضافة إلى العربية السعودية. وكشفت وزارة الخارجية الصينية في بيان لها نشر على موقعها على الانترنت أمس أن الوزير جايشي ستكون له عدة لقاءات مع مسؤولين جزائريين يبحث خلالها سبل ترقية وتعزيز العلاقات الثنائية. ومن المنتظر أن يصل الوزير الصيني إلى الجزائر بعد زيارته لكل من كينيا قادما إليها من مولدفيا، يتوجه بعدها الى نيجيريا وسيراليون وستكون آخر محطة له في إفريقيا المملكة المغربية ليحل بالمملكة العربية السعودية يوم 12 جانفي الجاري. وأكّدت وزارة الخارجية الصينية أنّ زيارة السيد جايشي الى الجزائر تأتي استجابة لدعوة وجهها له نظيره السيد مراد مدلسي. وتندرج كذلك في إطار برنامج دأبت الخارجية الصينية على تسطيره كل سنة يتضمن تدشين جولاتها الخارجية بزيارات يقوم بها الى القارة الإفريقية لما للعلاقة بين بكين وعواصم افريقية عدة من أهمية سياسية واقتصادية. وتربط الجزائر وجمهورية الصين الشعبية، علاقات تعود الى مرحلة الثورة التحريرية حيث أحيت الجزائر والصين العام الماضي الذكرى الخمسين لقيام علاقاتهما الثنائية التاريخية، وأبدت الصين والجزائر طوال ذلك الوقت تعاطفا متبادلا وتمتعتا بتفاهم متبادل ودعمتا بعضهما البعض سياسيا واقتصاديا. ففي الخمسينيات من القرن العشرين قدمت الصين الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري لكفاح الجزائر من أجل التحرر من النظام الاستعماري، واعترفت بالحكومة الجزائرية المؤقتة على الفور بعد فترة وجيزة من تشكيلها في سبتمبر عام 1958، لتصبح أول دولة غير عربية تمنح الاعتراف الدبلوماسي لهذه الحكومة، فيما لعبت الجزائر من جانبها في بداية السبعينيات دورا هاما في إطار الجهود الرامية إلى استعادة المقعد الشرعي للصين في الأمم المتّحدة، وكانت إحدى الدول الهامة الراعية لمشروع قرار يدعو إلى إعادة جميع الحقوق المشروعة للصين فى هذه المنظمة الدولية. وتطوّرت العلاقات الجزائرية الصينية في السنوات العشر الأخيرة بفضل حرص قيادتي البلدين على تنميتها وتكثيفها وتقويتها أكثر على مختلف الأصعدة، حيث شهدت هذه العلاقات حركية قوية ترجمت بالزيارات المتبادلة لرئيسي الدولتين السيدين عبد العزيز بوتفليقة وهو جينتاو، أثمرت في نوفمبر 2006 بالتوقيع على اتفاق الشراكة الاستراتيجية، الذي أعطى بعدا متميّزا لعلاقات الدولتين ولتطلّعات الشعبين الصديقين. ومنذ إقامة هذه العلاقات الاستراتيجية شهد التعاون الاقتصادي والتجاري تطورا سريعا، وظهر المزيد من التكامل الاقتصادي بين البلدين، حيث بلغ حجم المبادلات التجارية بين الجزائر والصين 9,1 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من 2009 بزيادة تقدر ب5 بالمائة مقارنة بعام 2008، في حين تجاوزت قيمة الاستثمارات الصينية بالجزائر 800 مليون دولار، في ظل تنامي الاهتمام الصيني بالعديد من المشاريع المعلنة بالجزائر، خاصة بعد إشراكها في برامج الإنعاش الاقتصادي وبرنامج دعم التنمية، في مشاريع تخص قطاعات البناء والعمران والأشغال العمومية والنقل والموارد المائية وتكنولوجيا الإعلام والاتصال والطاقة وغيرها من الورشات الضخمة التي فتحتها الجزائر في إطار خططها التنموية. ولازالت الحكومة الصينية التي تعتبر الجزائر بمثابة بوابة السوق الإفريقية الواسعة، مع احتلالها أكثر من 30 بالمائة من الاستثمارات الصينية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تشجع متعامليها على الاستثمار في الجزائر، خاصة بعد تشغيل الخط الجوي المباشر الرابط بين الجزائروبكين في فيفري 2009 بمعدل رحلتين أسبوعيا، ما أعطى دفعا جديدا للعلاقات الاقتصادية، وسهل تنقل المتعاملين المهتمين بالسوق الجزائرية، ورفع عدد الرعايا الصينيين المتواجدين بالجزائر إلى أكثر من 30 ألف صيني يعملون في مختلف القطاعات. كما رفعت المؤسسات الصينية تحدي الأزمة الاقتصادية العالمية بإبدائها اهتماما متواصلا بزيادة وتيرة الاستثمار والتعاون المشترك مع الجزائر، وتجلى ذلك في حضورها القوي بمناسبة معرض الجزائر الدولي الأخير، حيث وصل عددها إلى 140 مؤسسة صينية وهي مشاركة قياسية في المعارض الدولية بشهادة سفير الصين بالجزائر.