باشرت مديرية الجمارك الجزائرية عملية التحضير لإنشاء رواق خاص على مستوى مختلف المناطق الحدودية والموانئ على وجه التحديد لفائدة المتعاملين الاقتصاديين والمستوردين "النزهاء" قصد تسهيل عملية جمركة السلع. وأعلن المدير العام للمراقبة البعدية بالمديرية العامة للجمارك، السيد بن عمر ريغي، أمس أن مديرية الجمارك ستعلن قريبا عن ترتيبات خاصة موجهة للمتعاملين في مجال التجارة الخارجية لإدخال المرونة في عملية الجمركة، وأوضح أن التوجه الجديد سيسمح بتكريس "صفة المتعامل الاقتصادي المعتمد" الذي يستفيد من تسهيلات في إجراءات الجمركة. وذكر مسؤول الجمارك في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، أن التدابير الجديدة موجهة لفائدة "المتعاملين المعروفين الذين ليست لهم سوابق جبائية أو بنكية قصد "الحد بشكل كبير من التدخل البشري" و"التوصل إلى المراقبة المستهدفة". ويهدف هذا الإجراء الجديد إلى تطهير التجارة الخارجية من المتعاملين الذين لا يتقيدون بالتعاملات النزيهة في مجال الجمركة من جهة، وتوفير أجواء ملائمة للذين يلتزمون بالقوانين المعمول بها. وفي هذا السياق، سيتم اقتراح دفتر أعباء على المتعاملين الذين يستوفون بعض الشروط ومنها امتلاك محلات تجارية ملائمة تسمح بمراقبة بعدية بعين المكان وفي كل وقت، ومن تتوفر فيه هذه الشروط ويقدم ضمانات في هذا الشأن سيفتح ما يعرف ب"رواق أخضر" لفائدة المتعاملين لتمرير بضائعهم المستوردة مباشرة. وسبق لوزير المالية السيد كريم جودي ان أكد في تصريحات صحفية أن الحكومة ستتخذ إجراءات لفائدة المستوردين "النزهاء" قصد تشجيع كل الناشطين في مجال التجارة الخارجية تجنب الطرق الاحتيالية في عمليات الاستيراد والجمركة، وتجنيب المتعاملين الذين يتمتعون بسمعة في التعاملات التجارية، التعقيدات التي أدخلتها الحكومة بموجب قانون المالية التكميلي لسنة 2009 لتطهير مجال التجارة الخارجية. وتعهد السيد جودي حينها بإنشاء بنك معلومات ورواق خاص بهؤلاء المستوردين "النزهاء" لإضفاء المرونة على عملية جمركة السلع التي يستوردونها. وفي توضيحه للإجراءات الجديدة، أشار السيد ريغي إلى أن مصالح الجمارك تملك حق النظر والتفتيش ومراقبة "مسار" التصريحات والبضاعة ويمكن تعليق الامتياز الممنوح في حالة الغش أو التصريح الكاذب. وفي حال ثبوت تجاوزات من طرف المتعامل وعدم التزامه ب"الثقة" التي وضعتها فيه مصالح الجمارك، فإن ذلك يفتح المجال لاتخاذ عقوبات حيث سيتم على سبيل المثال تسجيل اسمهم على قائمة الغشاشين وقد يسحب منهم السجل التجاري ويتعرضون لمتابعات قضائية. وبالنسبة لمسؤول مديرية الجمارك فإن الإجراءات الجديدة ستمكن إدارة الجمارك من الحد من التدخل البشري وتفادي كل أشكال البيروقراطية وتمكين المتعامل من تمرير بضاعته بسرعة والاقتصاد في مصاريف التخزين والاحتفاظ بالحاويات في أروقة بالموانئ. ومن جهة أخرى، سيسمح هذا الإجراء بالتخفيف من ازدحام الموانئ والمطارات وتفادي دفع التكاليف الباهظة التي يفرضها تعويض المهلة الإضافية للشحن والتفريغ المرتبطة بإقامة البواخر الراسية. وفي سياق الحديث عن الإجراءات الجديدة أعلن مدير التشريع والتنظيم بالمديرية العامة للجمارك السيد قدور بن طاهر عن مرسوم تنفيذي يوجد قيد الإعداد يحدد شروط وأحكام صفة المتعامل الاقتصادي المعتمد وكذا إجراءات التسهيلات التي تمنح له في مجال جمركة البضائع. وأوضح أن هذا المرسوم سيحدد شروط الأهلية لهذه الصفة وفئة المتعاملين الذين يمكن لهم التمتع بها وإجراءات التسهيلات الخاصة بالجمركة السريعة. كما يتعلق الأمر بتبسيط المراقبة الجمركية والأولوية لدى المعالجة وكذا التخفيف من الإجراءات التي تترجم بالتخفيف عن خزينة المتعاملين الاقتصاديين. وقال السيد بن طاهر أن هذه الصفة ستمنح أولا للمتعاملين في مجالات الإنتاج والتحويل والأشغال العمومية والمستثمرين، ويتعلق الأمر أيضا بالمؤسسات الكبرى المسجلة على مستوى مديرية المؤسسات الكبرى التابعة للضرائب. ويهدف هذا الإجراء الى تطوير شراكة مع المؤسسات "المحددة والتي تستحق صفة الإدارة على أساس أخلاقياتها وقابليتها للتسديد وسوابقها خاصة في المجال الجمركي والجبائي والتي تقوم بعمليات منتظمة" . وسيسمح هذا الإجراء الموجه ل"مكافحة فعالة ضد الغش مع تسهيل التجارة القانونية" للإدارة بتحسين وترشيد عمليات المراقبة وإعادة توجيه جهودها نحو العمليات التي تشكل "خطرا أو تهديدا" على غرار إيجار السجل التجاري او استيراد المنتوجات المقلدة أو المتعلقة بالصحة العمومية. وتسجل الخطوة الجديدة لمديرية الجمارك في سياق شروعها مؤخرا في إعادة تنظيم مصالحها لمكافحة الغش في إطار تطهير التجارة الخارجية تطبيقا للنظام الجديد للإدارة الجمركية التي قسمت مديرية مكافحة الغش الى مديريتين مركزيتين منفصلتين، الأولى مكلفة بالاستعلامات والثانية بالمراقبة البعدية. وفي سياق هذا التوجه أعلنت مصالح الجمارك في وقت سابق عن تجميد أكثر من 200 مستورد وطني وأجنبي لتورطهم في عمليات استيراد مشبوهة أو قيامهم بتحويل العملة الصعبة نحو الخارج بطريقة غير شرعية. ولا يقتصر ملف تطهير التجارة الخارجية على مصالح الجمارك وحدها بل تتكفل مصالح الضرائب هي الأخرى بمتابعة هذا الملف من خلال مراقبة الشركات التي تتهرب من دفع الضرائب وكثير منها شركات استيراد. وكشف السيد عبد الرحمن راوية المدير العام للضرائب مؤخرا عن الشروع في تحيين القائمة السوداء للمتهربين من دفع الضرائب التي تضم حاليا 12000 متعامل وشركة اقتصادية. وأوضح السيد راوية أن إدراج هذه الشركات في البطاقية يعرضها لإجراءات عقابية منصوص عليها في المادة 29 من قانون المالية التكميلي لسنة 2009 وتضم الاستبعاد من الاستفادة من الامتيازات الجبائية والجمركية المرتبطة بترقية الاستثمار والاستفادة من التسهيلات الممنوحة من الإدارة الجبائية والجمركية والإدارة المكلفة بالتجارة، وكذا الاستبعاد من المناقصة في الصفقات العمومية وعمليات التجارة الخارجية.