يشارك وزير الد اخلية والجماعات المحلية السيد نور الدين يزيد زرهوني اليوم بتونس وعلى مدار يومين، في أشغال الدورة ال27 لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي يحضره إضافة إلى وزراء داخلية مختلف الدول العربية، وفود أمنية رفيعة المستوى وبمشاركة ممثلين عن الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي وجامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية والاتحاد العربي للشرطة. ويتناول وزراء الداخلية العرب في دورة مجلسهم السابعة والعشرين مواضيع هامة، متعلقة بمكافحة ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة (تهريب المخدرات وتبييض الأموال) وبحث سبل تعزيز التعاون والتنسيق في هذا المجال. ومثلما أقر بها وزراء الداخلية العرب في الدورات السابقة فإن المقاربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة تبقى رائدة لأنها تجربة قائمة بذاتها، وستظل تشكل مصدر استلهام ليس للعرب فحسب بل وللدول الكبرى والتي تأتي في مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية التي لم تجد في أعقاب 11 ديسمبر سوى التجربة الجزائرية من أجل تنسيق وتعاون أمني لمكافحة الإرهاب ومحاصرة التنظيمات الإرهابية. وتستمد التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب من كون أن الجزائر هي البلد الوحيد الذي تصدى في تسعينيات القرن الماضي، وبإمكانياته الخاصة وفي ظل ظروف داخلية جد صعبة لهذه الظاهرة العابرة للأوطان مثلما كانت الجزائر تؤكد ذلك دائما. وعلى المستوى العربي، ظلت الجزائر تناضل من أجل إقناع الأشقاء العرب بمخاطر تفشي ظاهرة الإرهاب وتجاوزها للحدود القطرية، ثم قامت بنشاط دبلوماسي عربي ودولي من أجل التنسيق والتعاون في مجال مكافحة هذه الظاهرة، وكانت ترافع في كل دورات مجلس وزراء العدل والداخلية العرب إلى أن تكللت مجهوداتها سنة 1998 بالحديث العربي عن اتفاقية عربية لمكافحة الإرهاب ليتم إقرارها بعد سنة 2002. ولعل مصداقية المقاربة الجزائرية لتطويق الظاهرة الإرهابية ثم القضاء عليها، كان وراء نجاح الجزائر في إقناع الأشقاء العرب بضرورة التوصل إلى إبرام اتفاقية عربية لمكافحة الجريمة المنظمة (تجارة الأسلحة، تهريب المخدرات، وغسيل الأموال)، حيث صادق مجلس الوزراء العدل العرب في دورته بالجزائر سنة 2004 على نص هذه الاتفاقية التي عززت التنسيق العربي لمكافحة الإرهاب على اعتبارها تتصدى لمصادر تمويله وآليات ديمومته. والواقع أن التعاطي الاستيراتيجي مع هذه الآفة العابرة للأوطان، قد مكّن الجزائر من التطوير المتواصل لآليات محاصرتها والقضاء عليها، وذلك اعتمادا على النتائج النظرية والعملياتية في محاربة الإرهاب ثم تفعيل المنظومة القانونية والاجتماعية والعلمية وطنيا، قبل مباشرة أي تنسيق عربي أو دولي لمكافحة الإرهاب والظواهر المتصلة به. وقد وضعت الجزائر من أجل ذلك، تشريعات خاصة لمحاربة الفساد وتبييض الأموال ومحاربة الجريمة الالكترونية، وكان لهذا القانون الأخير، الأثر الإيجابي في توصل الدول العربية إلى اتفاقية تحظر استعمال الفضاء السمعي البصري للترويج للإرهاب والعنف. ولعل ذلك ما يجعل التجربة الجزائرية في محاربة الإرهاب وتعزيز أسس الاستقرار والأمن، محل تقدير واستئناس دائم للمسؤولين الأمنيين، وقادة قطاعات العدل في الدول العربية، وهو ما يبرز في كل دورات مجلس وزراء الداخلية والعدل العرب الذين يسعون إلى إرساء استراتيجية فعالة ومتكاملة في مكافحة الإرهاب.