تغذية الرضيع من المسائل الجديرة بالمعرفة لتلبية احتياجات المواليد اللازمة لنموهم السليم، لاسيما وأن بعض الأمهات يقدمن للرضع مواد غذائية تنصح بها الجدات، على غرار زيت الزيتون أو العسل الطبيعي على أساس أنها مفيدة للصحة، أو يجبرن صغارهن على تناول كميات من الحليب تفوق نسبة احتياجاتهم، وهذه التصرفات من جملة الأخطاء الشائعة التي يجب الحذر منها، لأنها قد تسبب مشاكل صحية للطفل. يحتاج غذاء الأطفال الرضع إلى العناية والحرص الشديدين من الأم، والأبحاث بشأن تغذية الرضع كلها تجمع على أن الحليب هو الغذاء الوحيد الذي يحتاجه الرضيع حتى سن خمسة شهور، لأنه قادر على تغطية حاجته الغذائية كاملة. ويشرح في هذا الإطار الدكتور عفري، مختص في طب الأطفال، أن أفضل أنواع الحليب بالطبع هو حليب الأم، إلا أن معدلات الرضاعة الطبيعية تراجعت كثيرا وسط الأمهات الجزائريات نظرا لغياب الإعلام الصحيح، مقابل شكوى بعض الأمهات من قلة إدرار الحليب وآلام الإرضاع. كما يعتقد بعضهن أن المرأة التي يقل عمرها عن 20 سنة لا يمكن أن يدر ثديها الحليب، في حين هناك من يعزفن عن الإرضاع على أساس أنه متعب، ومنه يلجأن إلى الإرضاع بالحليب الاصطناعي، وهو البديل الذي يفتقر إلى المناعة التي يوفرها الحليب الطبيعي، علما أن العلماء مازالوا يبحثون عن سر مكوناته.. والمهم أيضا هو أن تدرك الأم أنه بلجوئها إلى الحليب الاصطناعي تحرم طفلها من النمو السليم، لأن اقترابها منه من خلال عملية الإرضاع تساهم في تطوره الحركي والذهني. وبإمكان الأمهات اللائي لا يرغبن أو ليس بوسعهن إرضاع أولادهن رضاعة طبيعية الاعتماد على الأنواع الجيدة من الحليب، والتي يطلق عليها حليب الجيل الأول التي تضمن حصولهم على نوعية جيدة من التغذية، مع مراعاة اختيار الحليب المناسب، حيث أن بعض أنواعه خاصة بالأطفال الذين يعانون من مشاكل الإسهال والقيء والحساسية. وإلى جانب الحليب الذي يجب أن يكون الغذاء الأساسي الوحيد للطفل خلال الأشهر الستة من حياته، لا يحتاج الرضيع سوى إلى إضافة واحد فقط من الفيتامينات، ألا وهو فيتامين (د)، خاصة بالنسبة للأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية، فيجب أن يحصلوا على الكمية التي يحتاجونها من فيتامين (د) كاملة من المكملات الدوائية في كل من الشهر الأول والسادس، لأن حليب الأم خال تمامًا من هذا الفيتامين، علما أنه عندما يبلغ الرضيع شهره السادس يمكن الاستغناء عن وجبة الحليب التي يتناولها في منتصف النهار وتستبدل بوجبة، بينما يستحسن أن تتمثل وجبة العشاء في الحليب لتسهيل عملية الهضم. إلا أن بعض الأمهات بحسب الدكتور يبدأن بعد سن الشهر السادس في ارتكاب بعض التجاوزات، متخطيات كافة المحاذير بدافع غريزة الأمومة الفياضة، حيث يبدأن تدريجيًا في تقديم الخضروات والفواكه بكميات غير مدروسة ثم يتبعنها بكميات من اللحوم والأسماك وبعض المواد الغذائية الأخرى كزيت الزيتون والعسل الطبيعي على أساس أنها مفيدة للصحة. وعندما يتقبل الطفل هذه المحاولات تبدأ الأم في النظر إليه كشخص بالغ. وينبه طبيب الأطفال الأمهات إلى أنه لا يجب أن تحتوي وجبات الرضيع المتمثلة في الحليب ومشتقاته على السكر خلال عامه الأول لتفادي إصابته بالسمنة وتسوس الأسنان. مع مراعاة أن مشتقات الحليب لا تعوض الحليب الذي يجب أن يرضع الطفل منه بمعدل قارورة أو قارورتين بعد الشهر السادس، فضلا عن تفادي إطعامه بالعصيدة ''الفرينة'' قبل الشهر السادس إذا لم يكن نحيفا، لأنها قد تسبب السمنة التي يصعب علاجها عند الأطفال. ويقول الطبيب إنه يمكن للطفل تناول الفواكه المطبوخة والخضار المهروسة جيدا ابتداء من الشهر السادس، شرط أن يتناول نوعا واحد من الخضار في كل مرة للتمكن من معرفة مصدر الحساسية بسهولة إذا حدثت عند الطفل، وإلى جانب ذلك ينبغي تفادي وضع الملح في وجبة الصغير إلى غاية بلوغه سنة واحدة، وبناء على ذلك فإن كمية الجبن المسموح بها للطفل لا يجب أن تتعدى ربع حبة خلال عامه الأول لأنه جد مالح. ويستحسن أيضا أن يبدأ الطفل في تناول صفار البيض بكميات قليلة ليتمكن من تناول حبة بيض كاملة انطلاقا من الشهر التاسع، وبالنسبة إلى اللحوم البيضاء المفرومة - ماعدا الأسماك - يجوز أن تنضم إلى الوجبات الغذائية للطفل ابتداء من الشهر السادس أو السابع ثم تتبع باللحوم الحمراء المفرومة ابتداء من الشهر الثامن، وذلك بمقدار ملعقة صغيرة أو ملعقتين، أما الأسماك فيفضل إطعام الطفل بها عندما يبلغ عامه الأول نظرا لمشاكل الحساسية التي قد تنجم عنها. ويستطيع الطفل أن يأكل الشوكولاتة انطلاقا من الشهر الحادي عشر، في حين يؤجل الخبز والأرز والحلويات والخضر والفواكه النيئة إلى حين بلوغ العام الأول، أما التوابل فلا يجب أن تنضم إلى قائمة وجبات الطفل إلا بعد سن الثالثة، حيث يمكن للطفل أن يأكل مثل الأشخاص البالغين، كما لا ينبغي أن يشتمل غذاء الطفل على الفاصولياء والعدس وباقي البقوليات قبل الشهر الثامن عشر.