رفضت الحكومة الإسبانية أمس بشكل قطعي مطالب السلطات المغربية من أجل البدء في مفاوضات مباشرة تخص مستقبل مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين من طرف اسبانيا.وأكدت السلطات الإسبانية أن المدينتين خاضعتين للسيادة الإسبانية وأن خصوصياتهما تبقى إسبانية قبل أي شيء آخر. وجاء الموقف الإسباني سريعا وحادا للرد على تصريحات الوزير الأول المغربي عباس الفاسي الذي طالب أمام نواب بلاده الشروع في مفاوضات لوضع حد للاحتلال الإسباني لهاتين المدينتين. وقالت ماريا تريزا فرناديز دو لا فيغا نائبة رئيس الحكومة الإسبانية بلغة فيها كثير من الحسم وقطع الشك باليقين أن السيادة والطابع الإسباني على مدينتي سبتة ومليلية لن يتم أبدا التراجع عنها أو إعادة النظر فيها والمغرب يعرف هذا الموقف جيدا. وقللت مصادر حكومية إسبانية لم تشأ الكشف عن هويتها من أهمية الطلب المغربي وقالت إنه موقف ليس جديدا ويتكرر في كل مرة ونحن أيضا لن نغير في موقفنا أبدا''. وطلب الفاسي أمام الغرفة السفلى للبرلمان المغربي لدى تقييمه لنشاط حكومته إسبانيا ''الدولة الصديقة البدء في مفاوضات لإنهاء الاحتلال في مدينتي سبتة ومليلية''. يذكر أن إسبانيا فرضت سيطرتها على مدينة سبتة منذ سنة 1496 أربع سنوات فقط بعد سقوط إمارة آل الأحمر في الأندلس وزوال الدولة الإسلامية في شبه الجزيرة الإيبرية سنة .1492 بينما تم احتلال مليلية سنة 1580 في ظل الحرب التي شنها الصليبيون على مدن الشمال الإفريقي وجعلوا منها مواقع متقدمة بعد انتهاء الدولة الإسلامية. وما انفكت الحكومة المغربية تطالب منذ استقلال المغرب سنة 1956 باستعادة المدينتين وكانت في كل مرة تلقى نفس الرد الرافض رغم أن عباس الفاسي استعمل عبارات استعطاف مثل النظرة المستقبلية والمصالح المشتركة وحسن الجوار بين بلاده واسبانيا. والمفارقة أن مطالبة السلطات المغربية باستعادة هاتين المدينتين المحتلتين لا تجد حرجا في تكريس احتلال الصحراء الغربية بدعوى أنها من الأقاليم الجنوبية وسط انتهاكات متلاحقة لحقوق الانسان. وعندما نعرف أن إسبانيا في عهد الدكتاتور فرانكو قايضت المدينتين بتغاضيها الطرف على احتلال الصحراء الغربية وفق بنود اتفاقية مدريد الثلاثية سنة 1975 ندرك أن مطالب المغرب ما هي إلا مجرد ذر للرماد في أعين الرأي العام المغربي لإلهائه عن مشاكله اليومية بقضايا يعلم قبل غيره أنها لن تحل معاناته.