ستكون قرية الأطفال بدرارية كعادتها في الموعد مع الاحتفالات الخاصة بعيد الطفولة المصادف للفاتح جوان من كل سنة، وسطرت لذلك نشاطات مختلفة على رأسها تنظيم قافلة من الجزائر نحو بسكرة يشارك فيها أطفال القرية الذين سيتقاسمون أشياءهم مع أطفال من بسكرة، في مبادرة يريد منها أصحابها تعليم الأطفال أسس المشاركة والتضامن مع الآخرين، كما تنظم ابتداء من 10 جوان الجاري معرضا لرسومات أطفال القرية بقصر الرياس. ذلك ما أعلن عنه ممثل منظمة ''أس أو أس كيندردورف'' الدولية التي تشرف على القرية السيد جيرار عيسى رويو في ندوة صحافية عقدها بالقرية، والتي كانت فرصة للحديث عن دور ومهام قرية درارية والمشاريع المستقبلية. للتذكير تعد قرية درارية النموذج الوحيد في الجزائر الذي يتم فيه التكفل بالأطفال عن طريق تشكيل عائلات تتكون من الأم والخالة والإخوة والأخوات، ويؤكد السيد عيسى رويو أن هذا الاسلوب عرف نجاحا، وهو مايؤكده زيادة الطلب على خدمات القرية مما دفع المنظمة العالمية الى إنشاء قرية أخرى في وهران العام المقبل. وتعتمد القرية حسب المتحدث بنسبة تتجاوز ال50 بالمائة في ميزانية تسييرها على المانحين المحليين، وهو ماجعله يقول إن ''الجزائريين كرماء'' مشيرا إن الجزائر هي البلد الوحيد على المستوى الإفريقي الذي يساهم فيه المانحون المحليون بهذه النسبة الهامة في ميزانية تسيير القرية التي تبلغ حوالي 50 مليون دج سنويا. وإذ أشاد ممثل المنظمة العالمية بالجهود التي تبذلها الدولة الجزائرية للتكفل بالمشاكل الاجتماعية لاسيما تلك المتعلقة بالطفولة، فإنه دعا الحكومة إلى رفع مساهمتها المالية في ميزانية تسيير ''أس أو أس كيندردورف - الجزائر'' والتي لا تتعدى حاليا مبلغ 3000دج سنويا لكل طفل متمدرس، واعتبر أن هذا الدعم من شأنه تخفيف العبء عن الدولة التي تخصص مبالغ كبيرة للتكفل بالفئات الهشة في المراكز العمومية تفوق بكثير تلك التي تنفقها القرية. هذه الأخيرة تتكفل حاليا بحوالي 170 طفلا داخل القرية تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و,18 وتكفلت ب450 طفلا منذ إنشائها، وعكس المراكز الأخرى فإنها تواصل عملية التكفل الى غاية ''الإدماج الاجتماعي لنزلائها''. ويقصد بالاندماج كما قال السيد عيسى رويو استقلال الطفل عن القرية بعد أن يواصل تكوينه ويتحصل على عمل، أو الزواج. وفي السياق لاحظ المتحدث أن بنات القرية هن الأسرع اندماجا في المجتمع، إذ يحدث ذلك بين سن ال22 و,23 بينما يظل الاولاد في القرية إلى غاية سن 25 و27 أحيانا. من جانب آخر فإن المسجل هو إعادة ادماج 60 بالمائة من اطفال القرية في وسطهم العائلي الاصلي. حيث نعلم أن القرية تستقبل الاطفال الذين يتم توجيههم اليها من طرف قاضي الاحداث، وهي بالتالي ليست ملجأ للأطفال مجهولي الهوية فقط والذين يمثلون نسبة 12 بالمائة من نزلاء القرية، لكنها تستقبل ايضا اطفالا تعرضوا للعنف داخل أسرهم من طرف أوليائهم أو الذين يعانون من أي خطر معنوي يحتم إبعادهم عن أسرهم. وتحدث مسؤول القرية بإسهاب عن الجو العائلي الذي يطبع العيش في القرية لاسيما أن بعض الأسر تتكون من إخوة وأخوات حقيقيين، فيما تتكون أسر أخرى من أطفال جاءوا من أسر مختلفة... في كل الأحوال فإن هؤلاء يتعودون على بعضهم البعض لدرجة ان الفراق يصبح صعبا في أحيان عدة. وروى في السياق قصة احد الأطفال الذي جاء والده البيولوجي لأخذه من القرية بعد أن عقد قرانه بأم الطفل، وحل المشاكل العالقة بينهما... حيث رفض الطفل الاعتراف بأبيه والأدهى من ذلك أنه وجه اليه سؤالا لم يتوقعه احد إذ قال له ''إذا جئت لتأخذني فماذا عن إخوتي هل سنتركهم هنا؟'' وتطلب الأمر عامين كاملين لإقناع الطفل بالعودة الى والديه الحقيقيين. للإشارة فإن كل عائلة في القرية تتكون من ''الأم'' وهي امرأة يتم توظيفها بعد التزامها بالبقاء مع الأطفال لمدة تفوق ال15 سنة، و''الخالة'' وهي مساعدة الأم والتي تحل محلها في غيابها، وبين ستة وثمانية أطفال وهم الإخوة والأخوات. وتعطى للأم إضافة إلى أجرها ميزانية تخصصها لاقتناء حاجيات البيت... وتوفر القرية متجرا تجمع فيه تبرعات مختلف الشركات من المواد لبيعها للأمهات بسعر أقل من ذلك المطبق خارج القرية. وبمناسبة عيد الطفولة تم خلال الندوة الصحفية الإعلان عن بدء التعاون بين القرية وشركة ''حياة'' التركية المتخصصة في انتاج مواد التنظيف ومنتجات خاصة بالأطفال والنساء، حيث أكدت ممثلتها الشروع في برنامج دعم مع القرية يمتد الى نهاية السنة ويتضمن تقديم تبرعات من منتجات الشركة للقرية. كما نظمت الشركة برنامجا خاصا بيوم الطفولة تضمن نشاطات تربوية وفنية ورياضية ومسابقة تغيير الحفاضات للأمهات، ومسابقات أخرى لأطفال قرية درارية. نشير إلى أن ''أس أو أس كيندردورف'' الدولية منظمة غير حكومية تتواجد في الجزائر بموجب اتفاقية وقعت سنة 1985 مع السلطات الجزائرية، وتنشط منذ 1992 من خلال قرية الطفولة المسعفة بالدرارية.