يجمع المهندسون والمختصون في مجال الطرقات وكذا الصناعيون وحتى المسؤولون المحليون على أن 70 بالمائة من الممهلات والمنبهات المرورية المتواجدة حاليا لا تستجيب للشروط القانونية لوضعها وتثبيتها على مستوى الطرقات من جهة ولا حتى المقاييس التي تدخل في صناعتها من جهة أخرى حيث يؤكد المختصون أن كل القوانين الخاصة بوضع الممهلات غائبة ومخترقة مما فسح المجال واسعا أمام جميع فئات المجتمع لوضع ممهلات حسب المقاس وهو ما أدخل طرقاتنا في فوضى الممهلات. طرقنا أبواب عدد من الهيئات الخاصة والعمومية المختصة في مجال صيانة الطرقات وإنجازها لفتح ملف الممهلات أو ما يطلق عليها باسم'' الدودانات'' التي أصبحت مرادف للفوضى والعشوائية عبر الطرقات وهي التي لطالما أرهقت المواطن وأثارت تساؤلاته، لا سيما أصحاب السيارات الذين ينامون ويستيقظون على جديد الطرقات وكوارثها التي تتسبب في هلاك الأشخاص وإتلاف المركبات التي تواجه مشاكل بالجملة عبر الطرقات من اهترائها إلى توزيع عشوائي وغير مدروس للممهلات والمسامير التي أصبح ضررها أكبر من نفعها حسب رأي الكثيرين. ويؤكد المختصون أن توزيع الممهلات وتنصيبها على مستوى طرق البلدية وعدد من الطرق الوطنية يتم على أساس اعتبارات شخصية ومزاجية وهي في معظمها لا تستجيب لأدنى المقاييس المتعامل بها لدى وضع هذه الحواجز التي تدخل في حيز المنبهات المرورية وتعمل عمل اللافتات وإشارات المرور التي تحمل السائق على التقليل من السرعة أو توقيفها كليا. قانون شكلي.. وواقع مفروض لم تشفع القرارات الوزارية على كثرتها ولا المراسيم التنفيذية الملقاة على عاتق الولاة بخصوص تحديد المهام والصلاحيات المتعلقة بعملية منح رخص صناعة ونصب الممهلات عبر الطرق والشوارع الكبرى في تغير واقع النظام العام بمدننا، حيث كان من المنتظر أن تشرع مصالح الولايات والبلديات في إزالة الممهلات الفوضوية من شبكات الطرق الوطنية والثانوية وهي التي أصبحت محل انتقاد، بفعل ما تسببه من عرقلة في حركة المرور وأعطاب بالمركبات. وكانت الحكومة قد وضعت شروطا جديدة لوضع حد لفوضى زرع الممهلات عبر الطرقات خارج الإجراءات الإدارية اللازمة، حيث حصر قرار وزاري مشترك صلاحية دراسة والبت في طلبات وضع الممهلات في لجنة تقنية سداسية محلية يرأسها الوالي وتتولى أمانتها مصالح الأشغال العمومية ومن ثم وقع كل من وزراء الداخلية، الأشغال العمومية والنقل قرارا جديدا مشتركا بين الوزارات الثلاث يحدد كيفيات المبادرة بدراسات تحديد مواقع الممهلات وأماكن وضعها وإعدادها والمصادقة عليها، حيث فتحت هذه الإجراءات الجديدة المجال أمام المواطن لطلب وضع ممهلات إلى جانب مصالح الأشغال العمومية، مصالح الأمن، البلديات والإدارات والمرافق العمومية المعنية وبعد انقضاء فترة من الزمن جاء القرار الصادر في الجريدة الرسمية تطبيقا للمرسوم التنفيذي رقم 05-499 الصادر شهر ديسمبر من عام 2005 والخاص بتحديد استعمال الممهلات والشروط المتعلقة بوضعها وأماكنها إلى جانب قرار صدر شهر أفريل 2006 يحدد بدوره طبيعة الممهلات وأماكن وضعها وإعدادها والمصادقة عليها، ومقاييسها ومواصفاتها التقنية، وهي إجراءات وقوانين جاءت متدرجة لوضع حد لحالة الفوضى التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة في وضع الممهلات ويشير عضو من اللجنة المرورية التابعة لوزارة النقل إلى أن جملة القوانين الصادرة تعاقب كل من تخول له نفسه وضع ممهل مروري بشكل عشوائي وغير مدروس.ويمكن للمواطن العادي أو الإدارات والمؤسسات ممن يثبتون الخطر الذي يتعرضون إليه في غياب الممهلات، تحرير طلب للجهات المعنية لوضع ممهل مروري ويشترط في ملف دراسة طلب وضع الممهل، تعيين الطريق المعني وإبراز عدد الحوادث المسجلة فيه، مرفقة بمتوسط حركة المرور المسجلة على الطريق المقصود، كما يتطلب تكوين ملف الدراسة مخطط المرور إن اقتضت الحاجة إلى ذلك، بالإضافة إلى خريطة بيانية للطريق تستوفي المعلومات الضرورية لتقييم الوضعية وشكل موقع الممهل، من جهة أخرى، تتكفل لجنة تقنية تشكّل على مستوى كل ولاية ويرأسها الوالي أو أحد ممثليه بعضوية ممثلين عن مدير النقل، الأشغال العمومية ومدير السكن، بالإضافة إلى ممثل عن الأمن الوطني، الدرك ورئيس البلدية، بدراسة وضع الممهل وإقراره، وتتقرر إزالة الممهل إذا أصبح عديم الجدوى أو لتحسن حركة المرور والأمن. غير أن جملة هذه القوانين لا تعدو أن تكون حبرا على ورق، مما أدى إلى الفوضى المسجلة في زرع الممهلات.. فلا البلدية تهتم لوضعها وفق المقاييس والشروط التقنية ولا المواطن يطيق صبرا حتى تتحرك الجهات المعنية لتجسيد طلبه ليبادر بنفسه بوضع ممهلات دون مقاييس في الطرقات العمومية... كما أن إرضاء المواطنين وأصحاب السيارات أصبح غاية لا تدرك فالكل يغني على ليلاه والكل يقول ''تخطي راسي'' بعد أن أضحت هذه الممهلات الموجهة أصلا لحماية الراجلين بالدرجة الأولى في المناطق الآهلة بالسكان مصدر إزعاج بالنسبة لسائقي السيارات ليس فقط بسبب عدم احترام مواقع وضعها ولكن أيضا بسبب انعدام مقاييس مضبوطة تحكمها. حماية المواطن والمركبات.. مسؤولية من؟ لم تستثن القوانين الصادرة في ملف الممهلات تفصيلا إلا وأشارت إليه من حيث المقاييس التي تدخل في وضع الممهلات وشروطها وردع المخالفين بخصوصها إلى تفاصيل صناعتها بالإضافة إلى معالجة القرارات الصادرة إلى مشكل انعدام اللوحات والإشارات الخاصة بالممهلات، والتي تتسبب في أغلب الأحيان خصوصا مع السرعة في تضرر المركبة خاصة في حالة ما إذا تصادف السائق بوجود ممهل بطريقة مفاجئة، حيث يشترط القرار وجود نوعين من اللوحات، الأولى إشارات مقدمة للفت الانتباه على بعد 40 إلى 50 مترا والثانية إشارات موقعية على يمين موقع الممهل.وتوضح طبيعة الممهلات العشوائية والأماكن التي نصبت فيها وكذا المواد الخطيرة المستعملة في إنشائها كالحجارة وأنابيب الإسمنت ومواد أخرى إلى تغييب واضح وانتهاك صارخ للقوانين، مما تسبب في تحويل معظم الطرقات الرئيسية والثانوية إلى مساحة لتنصيب الحواجز والعراقيل المباشرة لمستعملي الطرق من راجلين وأصحاب السيارات. وقد كشف لنا الاستطلاع الميداني غياب أية جهة مسؤولة عن تطبيق القانون أو ردع المخالفين وهو دليل واضح على عجز السلطات المحلية وفي مقدمتها البلديات عن تطبيق القرارات الصادرة بهذا الشأن بحجة أنه ليس من صلاحياتها ردع المخالفين والتي تعود حسب مسؤولي بلديتي براقي والحراش إلى الجهات الأمنية وبينهما تقاذف في المسؤولية و تداخل في الصلاحيات المتعلقة بالجهة المخولة في الفصل في القضية.. وإلى حين الفصل لا يقيم المواطن للتشريع القانوني أي اعتبار وهو يضطر في غالب الأحيان إلى حماية نفسه وأبنائه من إرهاب الطرقات عبر تصرفات يراها مجدية إلى حين تبدد بيروقراطية الإدارة. ''جبال'' أو ممهلات؟! يؤكد المختصون بأن نسبة عالية من الممهلات المنجزة لا تتطابق والمقاييس على الرغم من وجود مخابر وهيئات مختصة في إنجازها ووضعها محملين البلديات مسؤولية تردي الوضع بسبب عدم إيلائها الأهمية اللازمة بوضع الممهلات فهي بالنسبة لها غير ذات أهمية حتى أنها وإن قررت وضع الممهلات فإنها لا تلجا إلى المخابر والمراكز المختصة في الطرق والمنشآت القاعدية أو حتى مخططات المرور والواقع يؤكد ذلك. وتضطر البلديات إلى إنجاز ممهلات بطريقة عشوائية وغير مدروسة جراء وقوعها تحت طائلة الاحتجاجات والمطالب الملحة من طرف المواطنين خاصة عند تسجيل وقوع أي حادث مميت بإحدى المسالك أو الطرق.. فهي تضطر إلى إطفاء غضب المحتجين عن طريق ''البريكولاج'' على الرغم من توفر البلديات على مصالح تقنية كان من المفروض أن تعمل بالتنسيق مع فروع ومصالح الأشغال العمومية لتوجيهها ومساعدتها على وضع الممهلات ولعل هذا ما أدى بالبلديات إلى إنجاز ''جبال'' وليس ممهلات. وحسب المختصين فإن الشروط التقنية لوضع ممهلات يجب أن تستجيب لمعايير دقيقة على غرار الارتفاع الذي يجب أن لا يتجاوز ارتفاعها ال10سنتيمتر ويمتد نفس العلو إلى عرض لا يتجاور مترا واحدا كما أن أفضل المواد المستعملة هي المطاط والمواد البلاستيكية الصلبة والمعدلة وهي المواد المستعملة أساسا بالدول الأوربية التي لا تستغني عن هذه الأنواع من الممهلات المطاطية أو المسامير التي تؤدي دور الممهلات والتي توضع عادة عند حافة الطريق لتجنيب السائقين الانحراف عنه أو تجاوز حواف معينة. وحسب السيد ''صنهاجي'' وهو مسؤول مخبر المواد السوداء بالمخبر المركزي فإن المطاط من أحسن المواد التي تدخل في صناعة الممهلات وهي نموذج حقيقي على الرغم من عدم صمودها الطويل لاعتبارات طبيعية ومناخية بفعل الحرارة التي تتسبب في تلف هذه الممهلات بشكل سريع. ''المسامير'' حل آخر بين الانتقاد والتأييد وتعد المسامير إحدى المنبهات والممهلات المرورية التي تم اللجوء إليها مؤخرا والتي تأخد قياسات وأحجاما مدروسة لا يمكن لأي طرف التلاعب بها على عكس الممهلات الأخرى ولعل اعتماد مصالح الأشغال على هذا النوع من المنبهات ليس من قبيل الصدفة بل جاء بناء على دراسة وتجارب أكدت مدى نجاعتها لدى الكثير من الدول على الرغم من انتقاد الكثير من الأطراف لهذه المسامير بدءا بأصحاب السيارات الذين لا يرغبون في أن يتسبب أي غبار في المساس بسلامة سياراتهم ولو كان ذلك على حساب حياة البشر. فبين ضارة ونافعة احتار الكثير من سائقي السيارات بشأن ''الممهلات المسمارية'' التي نصبتها السلطات المسؤولة على طول طرقات العاصمة والولايات الأخرى، فبينما ذهب خبراء في شأن الطرقات وأمنها وسلامتها إلى القول بأن الممهلات ضارة وخطيرة للغاية، وأنها قد تتسبب في وقوع حوادث المرور تنفي أطراف مسؤولة الأمر وتتعجب للاحتجاجات المسجلة حول الموضوع. والأكيد أن هذه الممهلات ليست من اختراع الهيئات الجزائرية المعنية بوضع إشارات المرور، وإنما هي ممهلات بمواصفات دولية تستعمل في كافة بلدان العالم وما على السائقين إلا احترامها بالتقليل من السرعة عند اجتيازها.. وما فهمناه لدى إجرائنا لهذا الاستطلاع أن وضع المسامير يجد انتقادا كبيرا ليس من قبل السائقين بل من قبل لوبيات الاستيراد التي حرمت من تزويد السوق وتهيئة الطرقات بمساميرهم المستوردة بعد أن برز في السوق منتج وطني تكفل بإنتاج نفس نوعية المسامير المستوردة والمتداولة في أوروبا.. بل أكثر من ذلك فإن أسعارها منافسة للغاية والطلب عليها تجاوز حدود الوطن. للعلم فإن سوق الممهلات والمنبهات المرورية والمسامير يشهد تنافس نحو خمسة مستوردين مقابل منتج وطني واحد ووحيد يحاول وبكل ما أوتي من إمكانيات تغطية متطلبات السوق الوطنية من الممهلات والمنبهات التي يتم إنجازها محليا وبإمكانيات وخبرات جزائرية محضة بالإضافة إلى المادة الأولية التي تدخل في صناعة المسامير والممهلات وهي المطاط المتوفرة محليا.. وقد أثبتت الخبرة والميدان مدى متانة ونجاعة المنتوج الوطني الذي أضحى ينافس المنتوج المصنوع في دول أوروبا.