دعا المشاركون في المنتدى الجزائري الثالث للتمويل الإسلامي الذي افتتحت أشغاله أمس بالجزائر العاصمة إلى ضرورة توحيد طرق تمويل الاقتصاد والاستثمار وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية، بما يفتح المجال واسعا أمام تعميم استخدامات الصيرفة الإسلامية عبر العالم التي ثبتت نجاعتها في صون ماليات الدول من التضخم والأزمات رغم حداثة هذا النظام التمويلي. وأوضح السيد زبير بن ترديات مسؤول ومؤسس المكتب الاستشاري في الشؤون المالية الإسلامية ''ايسلا انفست'' على هامش فعاليات الطبعة الثالثة لهذه التظاهرة التي احتضنها نزل الشيراطون أهمية اعتماد معايير جديدة تتماشى مع مجال التعاملات المالية البنكية، من خلال الاعتماد على الصيرفة الإسلامية في تنويع الاستثمارات ومضاعفة الأرباح وفق ما تحدده الشريعة. وأكد بن ترديات أن هذا المفهوم المالي حديث النشأة يعد حلا بديلا في غاية الأهمية لاقتصاديات التمويل الكلاسيكية باحتوائه على الخصوصيات الكفيلة بكبح عوامل التضخم وتفادي الأزمات المالية المؤدية إلى الإفلاس الحتمي، داعيا في السياق إلى مواصلة الجهود قصد فرض التمويلات الإسلامية في ماليات الدول الأوربية. كما قال مسؤول مكتب ''ايسلا انفست'' الراعي الرسمي لهذا المنتدى أن بعض الدول الأوربية كفرنسا وإيطاليا وبريطانيا العظمى قد بدأت تدرك أهمية الصيرفة الإسلامية في حماية الاقتصاد والمحافظة على رؤوس الأموال، بدليل إنشائها عدة وكالات وهيئات بنكية ذات طابع تمويل إسلامي رغم الحملة الشرسة المعادية لرموز الإسلام بأوربا والتي لا تزال تعارض التعامل المالي وفق هذا النظام الصيرفي. ومن جهته، أبرز الأمين العام لبنك البركة الجزائري السيد ناصر حيدر أهمية نظام الصيرفة المالية في حل إشكالية البنوك الخاصة في تمويل المؤسسات الجزائرية الخاصة، علاوة على توسيع نطاق التمويل الإسلامي ورواجه في الجزائر، داعيا إلى مزيد من إجراءات تنفيذ المرابحة على مستوى البنوك لاسيما الخاصة، إضافة لتوظيف الأموال في توسيع ميادين الإنتاج وتهيئة سبل العمل. وبعد أن تطرق لمسألة تكوين المصرفيين الجزائريين في الأدوات المرتبطة بهذا التمويل الهام، أشار الأمين العام للبركة إلى النقص الكبير الذي تعانيه بعض المؤسسات البنكية في الجزائر في الإطارات والمصرفيين المختصين في تنفيذ الأدوات المطابقة لمبادئ الإسلام في تمويل الاقتصاد والعقار لاسيما بعد إلغاء القروض الاستهلاكية. ونوّه ناصر حيدر بتطور سوق التمويل الإسلامي في الجزائر بعد 81 سنة من إنشائه مع استحداث عدة بنوك ومؤسسات تأمين إسلامية رغم نقص تكوين الإطارات المصرفية في هذا المجال، مشيرا إلى اقتناع بعض الجامعات بأهمية تدريس بعض المواد المرتبطة بالتمويل الإسلامي كجامعة سطيف على سبيل المثال التي شهدت تقديم عدة أطروحات تتعلق بهذا المفهوم، إضافة إلى المدرسة العليا للبنوك بالعاصمة التي تسير وفق هذا المنهج التكويني. واستدل مسؤول ''البركة'' بالتكوينات التي تقدمها بعض المعاهد الأوربية في مجال الصيرفة والتمويل الإسلامي كما هو الشأن في فرنسا، حيث تقترح جامعتان دراسات ماستر في هذا الإطار بالإضافة إلى العديد من الندوات والدورات التحسيسية التي تصب في هذا المفهوم، مذكرا بأن بنك البركة يشترك مع بنك السلام و''أ جي بي'' إلى جانب شركة التأمين ''السلام'' في تنشيط السوق المالية طبقا لمبادئ الشريعة الإسلامية، حيث توصل إلى رفع أصوله إلى أزيد من 001 مليار دينار قصد تقديم خدمات أحسن تلبية لتطلعات زبائنه. ومن جهتهم، تناول المشاركون في فعاليات هذا المنتدى الذي حضره خبراء وممثلون للقطاع المصرفي والمالي بالجزائر عدة مواضيع تخص آفاق سوق التمويل الإسلامي في دول المغرب العربي وكيفية جعلها تتماشى مع قدرات البنوك الخاصة في تمويل مشاريع المؤسسات. كما أوضحوا بخصوص أنشطة التمويل الإسلامي في الجزائر أن بنك البركة يبقى يتربع على السوق بنسبة 49 بالمائة، فيما يتقاسم النسبة المتبقية (6 بالمائة) كل من بنك السلام و''أ جي بي'' وشركة التأمين ''السلامة''. وتم تقديم تجارب العديد من البنوك والمؤسسات التمويلية في مجال تمويل المشاريع ومنح القروض وخدمات الاكتتاب... وغيرها. وللتذكير، فقد عكف المنتدى الثاني للتمويل الإسلامي في الجزائر -طبعة نوفمبر 9002 -على دراسة كيفيات تمويل الاقتصاد الموافقة لمبادئ الأحكام الشرعية وسبل توسيعها لدول أوربية أخرى. كما أكد المشاركون في الطبعة الثانية لهذا المنتدى أن الصيرفة الإسلامية لا تزال حديثة الانطلاق، حيث لا يتعدى تمثيلها نسبة 1 بالمائة من المنظومة المالية الوطنية، وهذا رغم اعتماد الدولة لهذا النوع من التمويل في الساحة المصرفية الوطنية منذ 02 سنة.