حققت مولودية الجزائر أول أمس تأهلا تاريخيا إلى نهائي كأس اتحاد شمال إفريقيا عقب تعادلها (0-0) في مباراة العودة من الدور نصف النهائي التي جمعتها بتشكيلة اتحاد طرابلس بملعب الرويبة، وهي النتيجة التي كانت إيجابية بالنسبة إليها بعد انتصارها في لقاء الذهاب بطرابلس. ... غير أن التأهل كان صعب المنال أمام فريق ليبي رفض الاستسلام، وتنقل إلى الجزائر من أجل انتزاع التأهل مثلما بينته الإرادة الكبيرة التي لعبت بها عناصره حيث رمت بكل قواها في المواجهة، وأرغمت ممثلنا في هذه المنافسة على التراجع إلى الوراء، لا سيما في الشوط الثاني الذي كان صعبا للغاية على العميد بعد الخروج الاضطراري لعنصرين هامين في تشكيلته هما القائد بابوش وكودري اللذان تركا فراغا كبيرا في الخط الخلفي، حيث عانى هذا الأخير من الحملات والهجومات الليبية التي لم تتوقف إلى غاية الصافرة النهائية للحكم المغربي. وقد ترك هذا التأهل فرحة عارمة لدى لاعبي المولودية وأنصارها وحتى مسيريها الذين حضروا المباراة بقوة، ذلك أن بلوغ نهائي كأس اتحاد شمال إفريقيا يضع حدا لغياب الفريق عن الساحة الكروية الإفريقية دام خمسة وثلاثين سنة، وعادت الذاكرة بالجميع إلى المشاركة الأولى في المنافسة الإفريقية سنة 1976 التي توج فيها العميد بلقب كأس الأندية البطلة، فاتحا المجال للأندية الجزائرية لنيل ألقاب قارية عديدة في مختلف المنافسات. لكن يجب الاعتراف أن تحقيق هذه الخطوة العملاقة شكلت مفاجأة كبيرة لدى أسرة المولودية بصفة خاصة، ولدى الرياضيين الجزائريين بصفة عامة، بالنظر إلى الصعوبات الكبيرة التي كان يتخبط فيها النادي والتي كانت لها انعكاسات سلبية مؤثرة على مسيرة الفريق في البطولة ومن أبرزها الصراع الداخلي بين أعضاء المكتب ومحاولة الإطاحة بالرئيس الصادق عمروس، الذي رفضت الجمعية العامة الأخيرة للنادي التصديق على حصيلته المالية، إلى جانب قلة مصادر التمويل التي لا زالت مطروحة إلى اليوم. حتى المدرب ألان ميشال اعترف بصعوبة مأموريته في ظل استمرار هذه المشاكل إلى درجة أنه لم يخف استياءه من ضعف التدعيم الذي تعززت به صفوف الفريق، واشتكى بشكل خاص من كثرة الإصابات التي مست ركائز الفريق، منها وسط الميدان محمد بوشامة والمهاجم محمد أمين دراق والمدافع سفيان حركات، فضلا عن المشاكل التي واجهت الطاقم الفني للاستفادة من كامل تعداد الفريق والراجعة إلى غياب اللاعبين الدوليين أثناء الاستعدادات التي سبقت المباراة ضد اتحاد طرابلس. ولحسن الحظ فإن المشاركة في كأس اتحاد شمال إفريقيا سمحت للفريق باستعادة توازنه بفضل النتيجة المشجعة التي حققها في طرابلس، وتبعها التأهل إلى نهائي هذه المنافسة التي تفتح له الأبواب على مصراعيها للتتويج بلقبها. وقد أظهر اللاعبون إرادة كبيرة من أجل تجاوز أزمة النتائج التي لازمت الفريق في الجولات الأخيرة من البطولة وبرهنوا على أن كل شيء يهون أمام تضافر الجهود، وأن كل ما يتمنوه الآن هو أن تكون لهذا التأهل انعكاسات إيجابية على مسيرة تشكيلتهم في البطولة من أجل الحفاظ على اللقب الذي فازت به في الموسم المنصرم. ويتوقع الملاحظون الذين يتابعون مسيرة مولودية الجزائر عن قرب، أن يلتف الأنصار من جديد حول فريقهم ويقدموا له الدعم المطلق من أجل مساعدته على انتزاع لقب كأس اتحاد شمال افريقيا والعودة بقوة إلى البطولة. كما أن بلوغ الفريق نهائي هذه المنافسة من شأنه أن يعزز موقع المكتب الذي يقوده الصادق عمروس، في وقت يواجه هذا الأخير حملة شرسة من جماعة عبد القادر ظريف التي تحاول بشتى الطرق استعادة مقاليد النادي، إلى جانب المكسب المادي، لا سيما في حال الظفر بالتاج الذي تبلع قيمته حوالي ملياري سنتيم.