وضعت الحكومة ضوابط للإنتاج السينمائي تتضمن حظر وتمويل وإنتاج واستغلال كل عمل سينمائي يسيء إلى كافة الأديان أو الثورة التحريرية ورموزها التاريخية أو يمجد الاستعمار أو يمس بالوحدة الوطنية. وصوّت أعضاء المجلس الشعبي الوطني أمس بالأغلبية على نص المشروع المتضمن القانون المتعلق بالسينما الذي جاء لسد فراغ قانوني في العمل السينمائي دام لأكثر من عشرين سنة. وعرفت جلسة التصويت على المواد المعدلة من طرف اللجنة وعددها 34 مادة حالة من الشد والجذب بين نواب أحزاب التحالف الرئاسي من جهة ونواب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الأرسيدي) من جهة أخرى، الذين امتنعوا عن التصويت على كل المواد المعدلة من طرف زملائهم النواب وصوتوا ضد المشروع عندما تم عرضه بالكامل. وقادت كتلة الحزب في المجلس الشعبي الوطني باعتبار أنها هي من يترأس لجنة الثقافة حملة لإسقاط المشروع دون بلوغ هذا الهدف، وبرر الحزب موقفه بكون النص القانوني الجديد يحد من الإبداع كونه يضمن للدولة حق الرقابة الكلية على الأعمال السينمائية. لكن وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي وفي ردها على هذا الانشغال أوضحت أن المادة الخامسة التي تنص على الدور الرقابي للدولة على كل إنتاج سينمائي جاءت بغرض ضبط هذا النشاط وضمان احترام مختلف الضوابط المنصوص عليها في القانون. وقالت إن الدولة التي تساهم في ميزانية كل إنتاج سينمائي لها كامل الصلاحيات لمراقبة أي إنتاج وحتى الإنتاج الخاص، لما للسينما من تأثير على المجتمع. ويتضمن مشروع القانون المتعلق بالسينما حظر تمويل وإنتاج واستغلال كل عمل سينمائي يسيء إلى الأديان بدون استثناء أو يسيء إلى ثورة التحرير الوطني ورموزها وتاريخها أو يمجد الاستعمار أو يمس بالنظام العام أو الوحدة الوطنية أو يحرض على الكراهية والعنف والعنصرية. والجديد في القانون كذلك هو أنه جاء ليضع حدا للنشاط غير المرخص له الذي تقوم به بعض الممثليات الدبلوماسية المعتمدة بالجزائر والمراكز الثقافية، من خلال عرض أفلام لا تخضع للرقابة الرسمية. ويشترط النص التشريعي الجديد على تلك الممثليات والمراكز الحصول على ترخيص مسبق من وزارة الثقافة. وبغرض السهر على ترقية الإنتاج السينمائي وتثمين كل الأعمال المنجزة فإن الدولة تعود لها مهمة السهر على إيجاد وسائط لبث الإنتاج، وعليه فإن القنوات التلفزيونية الوطنية مطالبة ببث الإنتاج السينمائي الوطني. أما بخصوص قاعات العرض فإن وزارة الثقافة هي من يتولى ترميم واستغلال قاعات العرض غير المستغلة. ورفض النواب في هذا الشأن الطرح القائل بإمكانية إسناد عملية التسيير إلى البلديات. كما جاء المشروع بإجراءات جديدة تخص تمويل الإنتاج السينمائي وذلك عن طريق اقتطاع نسبة من عائدات الإشهار، توجه لتنمية الإنتاج السينمائي. وأدخل النواب مادة جديدة تشير إلى ''تخصيص نسبة من عائدات الإشهار كل سنة توجه لصندوق تنمية الفن السينمائي وتقنياته وصناعته''. ومن مهام دور السينما حسب مشروع القانون ترقية القيم الوطنية والإسلامية والعربية والأمازيغية. ومن جملة ما ينص عليه المشروع عدم إخضاع الأفلام غير الموجهة للتسويق وأفلام الهواة إلى مواد القانون الجديد، ويشدد كذلك على موضوع ترشيد المال العام المخصص للسينما وتنظيم حفظ الأرشيف إضافة إلى إلزامية الإيداع القانوني للأفلام. وفي تدخلها بعد تصويت النواب على نص المشروع اعتبرت السيدة خليدة تومي تبني الغرفة الأولى للبرلمان لهذا النص ''حلما'' تحقق لفائدة العاملين في الحقل السينمائي، لأنه يضع حدا لحالة الفراغ التي سادت القطاع لفترة تجاوزت العشرين سنة. وأوضحت أن المصادقة على النص يشكل منعرجا تاريخيا هاما في العمل السينمائي في الجزائر وتوقعت أن تكون للقانون الجديد انعكاسات إيجابية على الحقل السينمائي. وذكرت بأن القانون الجديد عصري ويواكب التطورات ويضفي الشفافية على التعاملات ويكرس الحقوق والواجبات. وتعهدت السيدة تومي بالعمل على الإسراع في إصدار النصوص التنظيمية المتفرعة عن القانون والأخذ بعين الاعتبار كل المقترحات التي قدمها النواب.