تعرف أسعار الدقيق ارتفاعا مفاجئا ومستمرا منذ ما يقارب الشهر مع نقص ملحوظ لهذه المادة بالمحلات التجارية، التي بررت هذا الارتفاع بزيادة أسعاره لدى بائعي الجملة ونصف الجملة، فيما أوعزت وزارة التجارة هذه الحالة إلى تهريب مادة الدقيق عبر الحدود الشرقية للوطن، أما اتحاد التجار فقد أرجع الارتفاع والندرة إلى مصنعي العجائن الغذائية الذين استأنفوا عمليات تصدير منتوجاتهم بعد منعها من قبل السلطات. ومن خلال جولة عبر المحلات التجارية، لمسنا ارتفاعا في أسعار الدقيق من مختلف العلامات التجارية المتواجدة في السوق وصل إلى حدود ال55دج للكلغ الواحد، كما وصل سعر كيس السميد العادي ذي ال 25 كلغ إلى ألف ومائتي دينار جزائري، أما الممتاز فوصل بنفس الوزن إلى ألف وخمسمائة دينار جزائري. وهي أسعار مرتفعة جدا بالنظر إلى أن الحكومة حددت سابقا سعر السميد العادي (25 كلغ) ب 900 دينار جزائري والممتاز بألف دينار جزائري. كما تميزت الأسواق والمحلات مؤخرا بنقص ملحوظ في مادة السميد، مما طرح تساؤلات كثيرة حول أسباب الندرة والغلاء. وأجمع باعة المحلات التجارية التي وقفنا عندها على أنهم بريئون من هذه الزيادة التي أرجعوها إلى تجار الجملة الذين يبيعون الدقيق، حيث عرضوا عليهم زيادة كبيرة اضطروا بدورهم إلى دفعها لتفادي الخسارة، دون التقيد بسقف الأسعار المحدد من طرف الحكومة، الأمر الذي ساهم في حالة التذبذب في الأسعار، التي ما فتئت تزيد كل أسبوع تقريبا بنحو 5 دنانير، وهو ما أحدث تذمرا وسط المستهلكين الذين اعتبروا الزيادة غير مبررة وغير مقبولة خاصة أمام الجهود التي تقوم بها الحكومة لضبط أسعار المواد واسعة الاستهلاك. وقد أوضح مصدر من وزارة التجارة أن الارتفاع في الأسعار والندرة المسجلة تعود إلى ظاهرة التهريب التي طالت مادة الدقيق في الآونة الأخيرة، خاصة على مستوى حدودنا الشرقية نحو كل من تونس وليبيا وهو ما سبق وأن أوضحه وزير التجارة السيد مصطفى بن بادة مؤخرا بمجلس الأمة عندما أكد أن أسباب ارتفاع مادة الدقيق يعود إلى تهريبه بكميات هامة نحو تونس وليبيا التي تعرف اضطرابات سياسية وأمنية وحالات من النزوح للمواطنين عبر المناطق المتاخمة للحدود. من جهته، أكد الناطق باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين أن أسباب الظاهرة تعود إلى ارتفاع زيادة الطلب على هذه المادة مقارنة بما هو متوفر بالسوق، خاصة أمام استئناف مصنعي العجائن الغذائية لعمليات تصدير منتجاتهم مؤخرا بعد أن منعت الحكومة سابقا وتحديدا العام الماضي تصدير أي منتوج مصنوع من مواد مدعمة من قبل الحكومة على اعتبار أن المواد المدعمة موجهة نحو الطبقات محدودة الدخل وليس لأصحاب المصانع والمنتجين وقد شملت هذه التعليمة الحليب والدقيق بشكل خاص وهما المادتان اللتان تحظيان بدعم كبير من قبل الدولة. ويضيف محدثنا أن الديوان الوطني للحبوب قلّل في الآونة الأخيرة من كميات الدقيق الموجهة للمتعاملين في المطاحن على الرغم من تسجيل مخزون هام من مادة الدقيق بالإضافة إلى توقع محصول جيد للقمح بنوعيه اللين والصلب هذا الموسم. ووسط هذه الوضعية، يتخوف أصحاب المخابز من أن تطال هذه الندرة والارتفاع في الأسعار مادة الفرينة التي طالما ارتبط ارتفاع سعرها أو ندرتها بمادة الدقيق وبالتالي تنعكس مباشرة على أسعار مادة الخبز. وللإشارة، أعطت الحكومة خلال مجلس وزاري مشترك عقد بداية السنة الجارية تعليمة للديوان الجزائري المهني للحبوب برفع حصة كل مطحنة من القمح اللين من 50 ? إلى 60 ? من طاقة إنتاجها من أجل احتواء المضاربة على الفرينة لتنتقل الكمية الشهرية التي يستفيد منها المحولون وعددهم 250 من 5 ، 3 مليون قنطار إلى 3 ، 4 مليون قنطار اعتبارا من 9 جانفي الماضي وإلى غاية 31 أوت .2011