أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في مداخلة له أمس بمالابو (غينيا الاستوائية) خلال جلسة خاصة للجنة رؤساء الدول والحكومات المكلفة بتوجيه المبادرة الجديدة من اجل تنمية إفريقيا (النيباد) بمناسبة إحياء الذكرى ال10 لهذا البرنامج الإفريقي للتنمية. إليكم النص الكامل لهذه المداخلة: ''سيدي الرئيس السادة رؤساء الدول والحكومات السيد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي السيد الأمين التنفيذي لوكالة التخطيط والتنسيق للنيباد أصحاب الفخامة السيدات والسادة إن فكرة المبادرة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (النيباد) انبثقت عن حتمية اعتماد الأفارقة على أنفسهم للخروج من التخلف والتهميش في ظرف يتميز بعولمة مسارات إنتاج السلع والخدمات وتيارات التبادلات وحركات رؤوس الأموال. لقد تم إبراز القيود الهيكلية للإرث الاستعماري وعدم تكييف السياسات التي غالبا ما تكون مجزأة ونقص قدرات التسيير وكذا الآثار السلبية للمحيط الاقتصادي العالمي. كما تطلب الأمر استخلاص الدروس من فشل العديد من البرامج التنموية ومحاربة الفقر التي نفذتها إلى حد الآن الهيئات الجهوية والدولية. وتمثلت الحدود الجوهرية لهذه البرامج في أن تصورها وتسييرها لم يشرك فيهما الأفارقة وعليه فإنها لم تكن تعكس بشكل كاف واقع وحاجيات إفريقيا ولم تشجع لا الجهد ولا الإمكانيات الداخلية ولا حتى التركيز على الميادين التي تكتسي أهمية بالغة للشروع في مسار حقيقي للتنمية. ويرى التصور الذي دعت إليه النيباد في التنمية مسارا شاملا يدمج كليا متطلبات الديمقراطية ودولة القانون والحكامة. كما حدد هذا التصور أيضا نظاما جديدا للأولويات بهدف القيام بطريقة فعالة بإنعاش النشاط الاقتصادي وتهيئة الفضاءات الإقليمية للتنمية بغية ترقية التكامل القاري وتحقيق اندماج أفضل في الاقتصاد العالمي. وبعد عشرية من تطبيق النيباد كبرنامج للاتحاد الإفريقي فان الحصيلة مشجعة على أكثر من صعيد. لقد اجتازت إفريقيا مراحل هامة نحو تقويم ذاتها وقد أصبحت قطبا جديدا لتنمية الاقتصاد العالمي علما أن التقدم الذي حققته إفريقيا في مجالات السلم والأمن والديمقراطية والحكامة والإنعاش الاقتصادي تعد جميعها نقاطا تمهد لجهود جديدة على المستوى الوطني والإقليمي والقاري وكذا في إطار شراكة مع المجتمع الدولي. إن انضمام ثلاثين بلدا للآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء والوتيرة المتواصلة لتقييم البلدان '' تؤكد أيضا التزام'' البلدان الإفريقية بترقية الحكامة. وساهمت النيباد التي فرضت نفسها كإطار مرجعي لنشاطات البلدان والمؤسسات الدولية الرئيسية الشريكة لإفريقيا في بعض التقدم على الصعيد الدولي. وقد شهد الدعم الخارجي لإفريقيا ارتفاعا محسوسا سواء تعلق الأمر بالمساعدة العمومية أو الاستثمارات الأجنبية المباشرة حتى وإن لم تكن هذه التدفقات لا تستجيب بعد لحاجيات إفريقيا وكذا الفرص التي توفرها. وأصبحت الفلاحة من جديد محل اهتمام بحيث استعادت وزنها في التعاون من أجل التنمية بعد فترة طويلة من الانحطاط. وعلى الصعيد النوعي جعلت الجهود التي تم بذلها في إطار النيباد التنمية البشرية تحتل مرتبة أولوية استراتيجية تستفيد من موارد متزايدة على المستوى الوطني أو برامج المؤسسات الدولية على حد سواء. وشكلت مؤخرا مجالات الهياكل القاعدية والإدماج الإقليمي وهي من أولويات النيباد منذ تأسيسها محل تلاقي إرادات مع الشركاء الدوليين من أجل القيام بأعمال واسعة النطاق لأنها تشكل عراقيل حقيقية لتحقيق القدرات الاقتصادية لإفريقيا. ندخل في عقد جديد لتنفيذ النيباد الذي وضع أسس تقويم إفريقيا في كافة المجالات وتجديد التعاون الدولي من أجل تنمية القارة. وينبغي على مسار النيباد وهو برنامج يتطلب نفسا طويلا أن يتواصل ويتكثف. كما يجب أن يكون نشر المعلومة والحوار مع كافة الأطراف في كافة بلداننا ممارسة دائمة لأن أحد العوامل الرئيسية للنتائج الايجابية التي تم تسجيلها إلى يومنا هذا في تنفيذ النيباد هو انضمام كل المعنيين بهذا التصور ومشاركتهم في برامجه كفاعلين ومستفيدين. كما ينبغي على كل واحد مواصلة تقديم مساهمته في هذا الصرح لأن الاستقرار والازدهار في العالم سيتعززان عندما يكون بإمكان إفريقيا أن تشارك على أكمل وجه في الرقي العالمي''.