تميز السياق الاقتصادي الذي أعد فيه مشروع قانون المالية لسنة ,2012 بوضعية مالية ''مريحة'' على المستوى الداخلي، في حين طغت أزمة الديون السيادية لعدد من دول منطقة اليورو على المشهد الاقتصادي العالمي. واستفاد الاقتصاد الوطني من انتعاش أسواق النفط، حيث ارتفع متوسط سعر برميل البترول الخام في السوق العالمية من 6ر61 دولارا للبرميل في 2009 الى 9ر79 دولارا في 2010 ليصل الى حدود 9ر112 دولارا خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الحالية، حسب ما جاء في مذكرة مشروع قانون المالية للعام المقبل. كما عرفت إيرادات تصدير المحروقات نسقا تصاعديا لتصل في نهاية شهر جوان2011 الى 5ر35 مليار دولار، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع منتجات الجباية البترولية المحصلة خلال السداسي الأول من 2011 الى 2ر045,2 مليار دج مقابل 820,2 مليار دج في .2010 كما تميز السياق بارتفاع النمو الاقتصادي، حيث بلغ 3ر3 بالمائة خلال سنة 2010 مقابل 4ر2 بالمائة نهاية ,2009 فيما بلغ النمو خارج المحروقات نسبة 6 بالمائة في عام 2010 مقابل 3ر9 بالمائة في السنة التي سبقته. ومن جانبه، سجل الميزان التجاري خلال 2010 فائضا كبيرا قدر ب 17 مليار دولار، ناجم أساسا عن ارتفاع الصادرات الإجمالية بحوالي 12 مليار دولار وفقا للمعطيات التي تضمنها مشروع القانون. ويفسر هذا وضعية سلوك الحساب التجاري الخارجي، الذي انتقل رصيده من 410 مليون دولار في 2009 الى 7ر12 مليار دولار في ,2010 مما أدى الى ارتفاع رصيد احتياطات الصرف الرئيسية من 147 مليار دولار في نهاية 2009 الى 162 مليار دولار نهاية .2010 ومن جهة أخرى، بلغ عجز الخزينة - مقارنة بالناتج الداخلي الخام - مستويات لا يمكن تحملها - يضيف ذات المصدر - قدر ب 2ر577 مليار دج في نهاية شهر جوان، مقابل 6ر61 مليار دج خلال نفس الفترة من ,2010 لا سيما توسع نفقات التسيير التي أخذت منحى تصاعديا في السنوات الأخيرة نتيجة زيادة الأعباء المتعلقة بتسيير الممتلكات العامة، وكذا ارتفاع الأجور بعد تطبيق الأنظمة التعويضية والقوانين الأساسية. وارتفع رصيد الدين العمومي الداخلي من 808 مليار دج في 2009 الى 100,1 مليار دج في ,2010 في حين بلغ رصيد الدين الخارجي 4ر5 ملايير دولار. وتموضعت نسبة التضخم في 9ر3 بالمائة مقابل 7ر5 بالمائة في ,2009 في حين بلغت نسبة البطالة 10 بالمائة مقابل 2ر10 بالمائة خلال نفس الفترة من 2009 و3ر11 بالمائة في .2008 أما على الصعيد الخارجي، فمن أهم المؤشرات التي أخذت بعين الاعتبار في إعداد مشروع قانون المالية ,2012 أزمة الديون السيادية للولايات المتحدةالأمريكية وعدد من دول منطقة اليورو وما انجر عنها من ارتفاع في نسبة البطالة ونقص سيولة القطاع البنكي الأوروبي، الأمر الذي عزز المخاوف من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي. وإن كان المحللون قد أكدوا أن أساسيات الاقتصاد الوطني الجزائري لم تتأثر بعد بهذه الأزمة، إلا أن المخاوف من أثر الركود الذي يمكن أن يمس الاقتصادين الأوروبي والأمريكي ستكون له - دون شك - انعكاسات على النمو العالمي وبالأخص على أسعار البترول في الاسواق العالمية. كما شكلت الاضطرابات التي تشهدها بعض دول شمال افريقيا والشرق الأوسط ومخاطر التباطؤ في العودة الى الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أهم ما مميز الساحة الإقليمية خلال الفترة الأخيرة. وتوقع مشروع قانون المالية لسنة 2012 إيرادات في ميزانية الدولة ب 6ر3455 مليار دج مرتفعة ب 8 بالمائة ونفقات بلغت 7ر7428 مليار دج، متراجعة بأزيد من 10 بالمائة مقارنة بقانون المالية التكميلي لسنة .2011