منحت جامعة الدول العربية فرصة أخيرة للسلطات السورية للتراجع عن موقفها الأولي والامتثال لبنود المبادرة العربية لتسوية أزمتها قبل الشروع الفعلي في تطبيق العقوبات التي فرضتها مؤخرا ضد دمشق. وقال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي إن ''العقوبات الجديدة التي اتفق عليها ستدخل حيز التنفيذ يوم السبت ما لم تلتزم سوريا بتعهداتها'' واعتبر أن ''موافقة الجامعة العربية على عقوبات غير مسبوقة ضد الحكومة السورية ترسل رسالة سياسية شديدة الجدية لدمشق''. واعتبر العربي أن الحكومة السورية غير قادرة على مواصلة نفس السياسة السابقة بما يضعها في مأزق حقيقي في ظل تشديد الخناق من حولها إقليميا ودوليا. وجاءت تصريحات نبيل العربي في نفس الوقت الذي بدأت فيه أعمال الاجتماع الأول للجنة الفنية التنفيذية المكلفة بمتابعة تنفيذ قرار وزراء الخارجية العرب بشأن العقوبات على سوريا الذي سيتم من خلاله تحديد قائمة أسماء كبار الشخصيات والمسؤولين السوريين الذين ستطالهم العقوبات من خلال منعهم من السفر إلى الدول العربية وتجميد أرصدتهم المصرفية. وتدرك الحكومة السورية مدى خطورة الوضع الذي تتواجد فيه لكنها تصر على عنادها بدليل أنها سارعت لتشكيل لجنة وزارية لإدارة الأزمات لبحث تداعيات وانعكاسات العقوبات التي فرضتها الجامعة العربية ووضع خطة كاملة للتعامل مع هذه التطورات. وقال وزير الإعلام السوري عدنان محمود إن اللجنة ستقوم إلى جانب مهامها بعقد اجتماعات مع جميع الفعاليات الاقتصادية والتجارية والصناعية والاجتماعية والمنظمات الشعبية المعنية من فلاحين وعمال وغيرهم بهدف التشاور معهم والأخذ بمقترحاتهم وآرائهم لاتخاذ الإجراءات وتحديد آثار العقوبات والحد منها على مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية. كما أشار انه وفي إطار عملية الإصلاح الإداري والوظيفي وبهدف مكافحة الفساد ناقشت الحكومة السورية مشروع قانون يقضي باستحداث هيئة مستقلة تسمى هيئة مكافحة الفساد، على أن يعرض المشروع على المجلس خلال عشرة أيام لاستكمال مناقشته وفق المقترحات والملاحظات المقدمة حوله. ولكن هل يمكن لسوريا مواجهة الانعكاسات التي سيخلفها تطبيق العقوبات العربية وهي المستهدفة بعقوبات أوروبية وأمريكية وحتى في محيطها الإقليمي بعد إصدار تركيا سلسلة عقوبات ضد جارتها الشرقية. فعلى نفس نهج الجامعة العربية سارت أنقرة التي أعلنت أمس على فرض عقوبات اقتصادية ضد النظام السوري تضمنت بالخصوص تجميد المبادلات التجارية مع الحكومة السورية مع تجميد الأرصدة المالية في البنكين المركزين في كلا البلدين. وقال وزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلو ان ''تركيا التي تنفذ تهديداتها بفرض عقوبات على سوريا قررت تعليق تعاونها الاستراتيجي مع دمشق وتجميد كل عمليات التزويد بالأسلحة والقروض المالية الموجهة إلى سوريا''. وأضاف انه و''إلى غاية أن تتولى السلطة في سوريا حكومة شرعية في سلام مع شعبها ستعلق آلية التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى''، مشيرا في الوقت نفسه إلى ان ''حكومة بشار الأسد أضاعت كل الفرص ووصلت إلى نهاية الطريق''. وتتواصل الضغوطات على النظام السوري من كل الجوانب بحيث من المقرر ان يعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة غدا الجمعة جلسة خاصة حول الوضع في هذا البلد بناء على طلب من الاتحاد الأوروبي.