أكد وزير العدل حافظ الاختام السيد الطيب بلعيز أن الإرادة السياسية والمجهودات المبذولة في الوقاية من الفساد ومكافحته تبقى في حاجة إلى إرادة جماعية وتضافر جهود كل المواطنين وجميع الفاعلين في المجتمع خاصة الإعلام والمجتمع المدني، مضيفا أن من أولى شروط مكافحة الفساد أن يكون القضاء مستقلا ونزيها وذا كفاءة وتخصص واحترافية عالية. وأشار الوزير، أمس، بالجزائر العاصمة، خلال افتتاح الندوة الخاصة بمكافحة الفساد إلى أنه تم في إطار إصلاح العدالة تعزيز استقلالية القضاء بإصدار القانون الأساسي للقضاء والمجلس الأعلى للقضاء وكذا بمضاعفة عدد القضاة وأعوانهم وتكوينهم في تخصصات عديدة. وقال الوزير إنه تم تعزيز العدة التشريعية بمبادئ حقوق الإنسان وتم الاعتماد على المعايير الدولية ''انطلاقا من قناعة راسخة أن الأمن القضائي عامل أساسي في توفير الأمن الاجتماعي والاستقرار المستدام وحماية المجتمع من كل أنواع الإجرام والآفات الخطيرة ومنها آفة الفساد''. وفي هذا الإطار، أوضح وزير العدل في تصريح للصحافة على هامش الندوة أنه يتحدى أي شخص يثبت تدخل أي سلطة من السلطات في العمل القضائي، مؤكدا أن ''القضاء يتمتع بقدر عال من الاستقلالية''. وشدد على أن وزارة العدل تتدخل في العمل القضائي بما يخوله لها القانون عندما تحرك النيابة العامة دعوى عمومية وتصبح طرفا في القضية، مؤكدا أن ''القضاء مستقل والعدالة مستقلة أيضا''. كما اشار في كلمته خلال الندوة إلى أن الفساد من شأنه ''إثارة الفوضى وعدم استقرار المعاملات والحد من فاعلية أداء الإدارة والإخلال بالمنافسة الشريفة والنزيهة وإضعاف روح المبادرة والابتكار وانتشار الغش والتدليس قصد الربح السريع وزيادة كلفة المشاريع التنموية''. كما يؤدي الفساد إلى ''ضعف في الجودة والمردودية ويدمر التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأمم وسد آفاق التطور أمام الشعوب'' كما أضاف. إلى جانب كونه ''انعكاسا لما قد يكون من خلل في تنظيم وتسيير الإدارة العامة واختلال في آليات الرقابة وفي المناهج والإجراءات القانونية للكشف عن جرائم الفساد ومعاقبة المفسدين''. وعلى أساس ما جاء يرى الوزير أن كل استراتيجية تضعها الدولة في مواجهتها للفساد لا بد أن تراعي مختلف هذه الجوانب وتشرك المجتمع المدني وكافة أفراد المجتمع ضمانا لنجاعتها في الوقاية من الفساد ومكافحته. وأكد من جهة أخرى أن الجزائر ''تصدت دوما'' للفساد، مذكرا أنها صادقت على اتفاقيتي الأممالمتحدة في هذا الشان وأدرجت محتواهما في نصوصها التشريعية منها قانون الإجراءات الجزائية. وأشار في هذا الصدد إلى أن هذا النص يتضمن أساليب خاصة للتحري وأسند فيه اختصاص النظر في الجريمة المنظمة ومنها الفساد إلى جهات قضائية متخصصة وذات اختصاص إقليمي واسع. وأضاف انه تم توسيع الاختصاص الإقليمي لضباط الشرطة القضائية في مجال مكافحة الجريمة المنظمة والفساد، كما تم من خلال تعديل قانون العقوبات تحديد مفهوم الجماعة الإجرامية المنظمة وإقرار مبدأ المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وتجريم تبييض الأموال. وذكر أيضا بصدور قانون الوقاية من الفساد ومكافحته وتنصيب الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد واستحداث الديوان المركزي لقمع الفساد الذي وقع أمس رئيس الجمهورية مرسوما بخصوصه. وذكر كذلك انه تم تعديل عدة قوانين كقانون الصفقات والقانون المتعلق بالقرض وقانون القرض وقانون قمع جرائم الصرف وحركة رؤوس الأموال إلى الخارج والقانون المتعلق بمجلس المحاسبة وذلك كما قال ''لتطعيمها بمبادئ وآليات ضمان الشفافية والوقاية من الفساد''. وسجل السيد بلعيز بأن الجزائر صادقت أيضا على اتفاقية الاتحاد الإفريقي لمكافحة الفساد وعلى الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، كما أبرمت 37 اتفاقية ثنائية للتعاون القضائي في المجال الجزائي وتسليم المجرمين. وفيما يتعلق بالندوة اعتبرها وزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب بلعيز مناسبة لاستعراض الجهود المبذولة من قبل الدولة لمكافحة هذه الظاهرة، مشيرا إلى أن الجزائر برهنت في أكثر من مناسبة عن وجود إرادة سياسية جادة لمكافحة هذه الآفة الاجتماعية. وأكد أن السلطات العمومية لم تنف يوما وجود قضايا فساد بل سعت إلى محاربتها بجميع الطرق، مضيفا أن ''السلطات العليا في البلاد عازمة على استجماع كل المعدات والآليات لوضع حد لاستفحال الظاهرة''. ودعا في هذا الإطار إلى ضرورة تجنيد جميع أطياف المجتمع للتحسيس بمخاطر هذه الظاهرة باعتبار أن ''الردع والعقاب لا يحققان لوحدهما النتائج المرجوة منها''. وذكر أن هذه التظاهرة تهدف أيضا إلى زيادة الوعي بمخاطر الفساد والوقاية من آثاره على المجتمع بصفة عامة وعلى الاقتصاد بصفة خاصة والتأكيد على أن محاربة هذه الآفة لن تكون إلا بتكاثف الجهود وتغيير السلوك الفردي والجماعي تجاهها. وقد افتتحت أشغال الندوة التي تنظمها وزارة العدل بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد بمشاركة ما يفوق 1000 مشارك من هيئات رسمية وفاعلين في المجتمع المدني وناشطين في القطاع الاقتصادي العمومي والخاص.