رفع، أمس، العلم الفلسطيني فوق أسوار منظمة التربية والعلوم والثقافة ''اليونسكو'' المتواجد مقرها بالعاصمة الفرنسية باريس لتكون أول منظمة أممية يرفرف فوقها العلم الفلسطيني. وجاء رفع العلم الفلسطيني بعد موافقة الدول الأعضاء في هذه المنظمة نهاية أكتوبر الماضي على انضمام فلسطين إليها كدولة كاملة العضوية رغم المعارضة الشرسة التي أبدتها الولاياتالمتحدة وإسرائيل. وتم رفع العلم الفلسطيني على وقع النشيد الوطني الفلسطيني الذي بث داخل المنظمة وسط تصفيقات العديد من المندوبين الحاضرين في مشهد رغم رمزيته إلا أنه يشكل اختراقا دبلوماسيا فلسطينيا يحسب للقضية الفلسطينية التي بقيت طيلة العقود الماضية منسية. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس بهذه المناسبة إن الانضمام إلى منظمة ''اليونسكو'' يعتبر أول اعتراف بدولة فلسطين، معربا عن أمله في أن تكون هذه الخطوة بداية لانضمام فلسطين إلى باقي المنظمات الدولية. وعبر الرئيس عباس عن سعادته لهذا الحدث وقال في خطاب بالمنظمة الأممية ''انضمامنا اليوم هو مصدر للفخر وأن فلسطين الأرض التي التقت فيها الحضارات تولد من جديد، ورغم كل الصعوبات التي خلفها الحصار فقد حافظنا دائما على تراثنا''. من جانبه، قال عبد الناصر فكاوي مسؤول حركة فتح في فرنسا ''إن الحدث نصر لنا وننتظر الآن اعتراف الأممالمتحدة بالدولة الفلسطينية، ندرك أن ذلك أمر صعب لكنه سيحدث يوما ما''. وأكدت المديرة العامة لليونسكو ارينا بوكوفا أن ''انضمام فلسطين إلى منظمة الأممالمتحدة للعلوم والثقافة هي فرصة لإظهار أن السلام يقام أيضا عبر التربية والثقافة''. ويسمح انضمام فلسطين إلى اليونسكو بتقديم طلبات لإدراج العديد من المواقع الأثرية والدينية الفلسطينية في الإرث الإنساني العالمي. ويريد الفلسطينيون بأن تكون كنيسة المهد ببيت لحم أول موقع ديني يدرج باسم فلسطين العام المقبل إضافة إلى تسجيل قبر الرسول إبراهيم عليه السلام بالخليل موقعا دينيا للمسلمين واليهود على السواء. وكانت الولاياتالمتحدة المعارضة لانضمام فلسطين كدولة كاملة العضوية الى الأممالمتحدة قد علقت مساعداتها المالية الموجهة لليونسكو والتي تمثل 22 بالمئة من ميزانية المنظمة الأممية. وهو ما دفع المديرة العامة لليونسكو إلى الإعلان عن مخطط تقشف رغم أن هناك دولا أعلنت عن تقديمها مساهمات مالية إضافية على غرار اندونيسيا التي أعلنت عن تقديم 10 ملايين دولار والغابون مليوني دولار. ولكن إسرائيل التي ردت على الإنجاز الفلسطيني باليونسكو بتصعيد عسكري في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة اتخذت إجراءات استفزازية وعقابية بتسريع الأنشطة الاستيطانية في القدسالشرقية والضفة الغربية من جهة وتجميد الأرصدة المالية المحولة إلى السلطة الفلسطينية من جهة أخرى. وتزامن رفع العلم الفلسطيني على أسوار اليونسكو مع تنديد ما لا يقل عن 20 منظمة غير حكومية بسياسة الاستيطان التي تنتهجها حكومة الاحتلال في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وأدت إلى تهديم بيوت الفلسطينيين وتشريدهم وتهجيرهم من قراهم ومدنهم الأصلية. وطالبت هذه المنظمات اللجنة الرباعية الدولية حول السلام في الشرق الأوسط بالضغط على حكومة الاحتلال لحملها على التراجع عن سياستها الاستيطانية وتجميد كل عمليات تهديم البيوت الفلسطينية. وجاءت دعوة هذه المنظمات عشية الاجتماعات المنفصلة التي من المقرر أن تعقدها اللجنة مع المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين في إطار مساعيها لإعادة إحياء مفاوضات السلام. وقالت في بيان مشترك إنه ''ومنذ بداية العام أكثر من 500 مسكن فلسطيني وبئر وخزانات مياه وبنى تحية أخرى تم تدميرها في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية مما أدى إلى نزوح ما لا يقل عن ألف فلسطيني بحسب إحصاءات الأممالمتحدة''. وأضافت أن ذلك يمثل أكثر من ضعف عدد الفلسطينيين النازحين مقارنة بنفس الفترة من عام .2010 وهو ما يمثل الرقم الأعلى منذ عام 2005 علما نصف النازحين هم من الأطفال الذين يحرمون من أدنى متطلبات العيش الكريم. وفي هذا السياق، أكدت سارة ليح ويتسون المديرة من اجل الشرق الأوسط في منظمة ''هيومن رايتس ووتش'' أن اللجنة الرباعية الدولية مطالبة بتصنيف التوسعات الاستيطانية وتهديم المنازل الفلسطينية ضمن خروقات القانون الدولي الإنساني الذي يفرض على إسرائيل التوقف عنها. وأضافت أنه ''حان الوقت لهذه اللجنة أن تفهم أنه لا يمكن بلوغ سلام عادل ودائم دون احترام أولا القانون الدولي''.