تعود ذكرى الراحل عز الدين مجوبي بقاعة الموقار من خلال برنامج سينمائي يمتد من 3 الى 15 فيفري الجاري، حيث سيستمتع العاصميون ببعض روائع هذا الفنان السينمائية، التي تعكس تعدد مواهبه وقدراته وتؤكد أن اسمه لم يرتبط فقط بأبي الفنون. البرنامج من تنظيم الديوان الوطني للثقافة والإعلام بالتعاون مع المركز الوطني للسينما الجزائرية، وهو وقفة لإعادة اكتشاف بعض أعمال الراحل. اليوم الأول من البرنامج يتضمن عرض الفيلم السينمائي ''لحن الأمل'' للمخرج جمال فزاز، وذلك بمعدل 3 حصص في اليوم، يتابع فيها الجمهور أحداث كوميديا غنائية أنتجت عام 1993 أي سنتين قبل اغتيال الراحل مجوبي، الذي شارك في الفيلم رفقة كوكبة من الممثلين منهم طه العامري وفريدة صابونجي وأرزقي نابتي وغيرهم، أما دور البطولة فكان للمطرب عبد الرحمن جلطي الذي أدى شخصية شاب ميكانيكي بسيط يهوى الغناء اثناء فترات فراغه الى أن تدخل مستودعه فتاة حسناء تطلب منه تصليح سيارتها ليدخل معها في قصة حب جميلة ارادها ان تكلل بالنجاح، لكن والدي الفتاة الثرية رفضا الزواج وزوجاها اكراها من شخص آخر لتعيش حياة تعيسة وتدخل في عزلة، وفي هذه الأثناء يتوجه الشاب الميكانيكي الى الغناء ويصبح نجما معروفا ليقرر في آخر المطاف الاتصال بحبيبته... ''لحن الأمل'' سيعاد عرضه هذا الأربعاء بمعدل حصتين، أما يوم الثلاثاء فسيكون الموعد مع فيلم آخر شارك فيه الراحل مجوبي بعنوان ''الاختطاف''، وهو من نوع ''الأكشن'' لجمال بن ددوش. والأكيد أن عودة صورة الراحل مجوبي الى الشاشة الفضية، ستفتح سجلا من الذكريات التي لن تمحى من وجدان الجمهور الجزائري. شهر فيفري وبالضبط في 22 منه سنة ,1995 شهد اغتيال الفنان الرمز مجوبي وهو في أوج عطائه وتشاء الأقدار ان يسقط برصاص الغدر الذي مزق جسده أمام المسرح الوطني، الذي لا يزال يحتفظ بصور مجوبي على جدرانه وبصدى صوته المدوي الذي لا يعلوه صوت آخر أثناء مدة العرض. فنان سلب عقول الجزائريين، فهو من أبكاهم وأضحكهم في رمشة عين وجعلهم يتفرجون على عيوبهم ومآسيهم، وبقدرة خارقة يزرع الأمل فيهم في وقت كان الامل مغيبا، بل ومقتولا، مجوبي سيد الخشبة والمبشر بالمستقبل المشرق وتحققت نبوءاته وملك جمهوره الى الابد الى حد لم يعد هناك فرق بين مجوبي والمسرح، فكلاهما واحد وحضور الواحد يعني بالضرورة حضور الآخر، فمن يعوض المسرح هذا الغياب؟ عز الدين مجوبي من مواليد سنة 1947 بولاية سكيكدة، انطلق نشاطه المسرحي في الستينيات لتتفتق براعته ومن ثم يتقلد عدة ادوار في المسرح والسينما. صاحب ''حافلة تسير'' و''غابو الأفكار'' و''عالم البعوش'' و''قالوا العرب قالوا'' وغيرها من الروائع، استطاع أن يفتك الإعجاب والجوائز في المحافل الوطنية والدولية. شغل الراحل عدة مناصب إدارية، حيث عين مديرا للمسرح الجهوي بباتنة ثم مسرح بجاية ليستلم في الأخير إدارة المسرح الوطني محي الدين بشطارزي وذلك في ظروف صعبة عاشتها الجزائر، ورغم ذلك رفع التحدي من خلال تقديم مسرحية كل شهر فجابه العشرية السوداء الى ان اغتيل امام باب المسرح. مجوبي كان فنانا متكاملا تجده أينما وجد الفن والكلمة والفكرة، لذلك خاض تجربة إعلامية جميلة مع جمال عمراني حيث نشطا معا حصة إذاعية خاصة بالشعر على القناة الثالثة. حارب الإرهاب بالكلمة والصورة وظل يزرع الأمل عند الجزائريين البسطاء، كما كانت له قدرات عجيبة في النقد السياسي البناء وفي تسجيل مراحل سياسية مختلفة مرت بها الجزائر دونما اسقاط الإطار الفني اللازم. اسم الراحل سيظل منقوشا في ذاكرة المسرح والجمهور كما هو منقوش الآن على بناية المسرح الجهوي بعنابة.