أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة على ضرورة أن تبقى الإصلاحات التي تتطلع إليها الجزائر مراعية للمصلحة الوطنية في المقام الأول وحامية للحريات الجماعية والفردية، مشيرا إلى أن هذه الإصلاحات لن تكون اندفاعا غير محسوب بل تهدف إلى الحسم في المسلمات التي تكرس الطريق الديمقراطي وتقوي أداء سلطات المؤسسات الدستورية. واغتنم رئيس الجمهورية إحياء اليوم الوطني للشهيد المصادف ليوم 18 فيفري في الرسالة التي وجهها بهذه المناسبة للتذكير بمقاصدها، انطلاقا من الأهداف التي رسمها الشهداء من أجل أن تعيش الجزائر في ظل سلطان القانون. مشيرا إلى أن الغاية من الإصلاح هو ''تمكين كل المواطنين من أن يستظلوا بأفيائه في حدود الموازنة الواجبة التي أصبحت تفرض نفسها أكثر من أي وقت مضى بين الحقوق و الواجبات''. وإذ أشار إلى أن الإصلاح الذي تخوضه الجزائر ''جاد وشامل يعيد الرشادة إلى جميع المجالات وفي مقدمتها تعبئة الكوامن الراكدة في بعض القطاعات وإجبارها على التجدد والإبداع والتخلص مما علق بها من الرتابة والجمود''. فقد أوضح أن بلادنا التي تمتلك رصيدا متميزا من التجربة والخبرة تدرك مرامي الإصلاح وغاياته وبما يخدم مصلحة الأمة. وفي هذا الصدد، ركز رئيس الجمهورية على ضرورة أن يسير هذا الإصلاح ''جنبا إلى جنب'' مع محاربة الفساد، مضيفا في هذا السياق ''فما لم ننتصر على هذا الصعيد فإن الإصلاح الذي نقوم به سيبقى مبتورا وبلا فاعلية''، ليتقرر في انتظار هذه النتائج الفصل في دستور البلاد ليغدو أكثر دقة في التعبير عن ارادة الأمة والمرجعية التي يحتكم إليها. ومن باب إبراز الاستثنائية الجزائرية التي سبق وان تحدث عنها خلال افتتاح السنة القضائية شهر اكتوبر الماضي، أكد القاضي الأول في البلاد أن ثمة قواسم مشتركة من المبادئ والقيم والمحددات التي تشترك فيها الجزائر مع الشعوب الأخرى رغم أنها في نفس الوقت ''تمتلك من الخصوصية والوسائل ما يجعلها قادرة على خوض غمار التجديد وتقوية مؤسساتها''. ولعل لهذه الخصوصية بعدا تاريخيا في الشخصية الجزائرية، حيث أشار الرئيس بوتفليقة الى القيم التي دافع من أجلها الشهداء والتي من بينها أن الذات المستقلة مهما كان حجمها لا يمكن أن تتعامل مع الآخر بلا ندية كاملة وهي تعرف نفسها منطلقة من نفسها وما يصدر عنها من عمل ينبع منها. إذ يمكنها أن تتبادل ''التأثير مع الغير ولكنها ابدا لن تذوب في أحد منهم ولن تكون تابعة لأحد ولا إمعة''. وبما أن الانتخابات التشريعية القادمة تفرض نفسها كحدث سياسي هام، فقد أكد على وجوب أن تكون ''حجر الزاوية'' في استكمال البناء الديمقراطي الذي بادرت به الجزائر، لا مجرد حدث عارض بين المتنافسين، إذ ''على ضوء تلك النتائج المنتظرة -يضيف الرئيس بوتفليقة- سيتقرر الفصل في دستور البلاد ليغدو أكثر دقة في التعبير عن إرادة الأمة والمرجعية التي يحتكم إليها ويرسم كل المعالم السياسية والاجتماعية لمستقبل البلاد. وألقى بالمسؤولية لإنجاح هذا الموعد الانتخابي على الناخب والمنتخب على السواء من باب الوفاء لذاكرة الشهداء والإخلاص لرسالتهم التي ضحوا في سبيلها بأرواحهم ليحيى أبناؤهم وأحفادهم وذووهم في ظل دولة الحق والقانون تحت سيادة إرادة الشعب. وبخصوص إحياء الجزائر للمناسبة أشار رئيس الجهوية إلى أن ذلك ''دليل'' على ''إرادة التواصل والوفاء'' بالرغم من صعوبة ''المفاضلة'' بين أيام تاريخها الحافل بالأحداث والعبر، مضيفا أن الشعب الجزائري الذي خاض الكفاح المستميت وافتك حريته من براثن الغزو ''بحاجة إلى استحضار شهدائه ليظلوا في كيانه كما كانوا سيوف الحق ونبراس السلام ينيرون بأرواحهم الطاهرة المسالك الآمنة والخيارات المجدية''. وإبرازا لبشاعة ما اقترفه المستعمر الغاشم، توقف رئيس الجمهورية عند المحطات الأليمة التي ميزت تاريخ الجزائر في شهر فبراير، كتنفيذ الإعدام أمام المواطنين لمجموعة كبيرة من أبناء البلاد البررة وتنفيذ التجارب النووية البشعة يوم 13 فيفري 1960 في حمودية بمنطقة رقان وإنشاء المناطق المحرمة وإقامة الأسلاك الشائكة المكهربة وزراعة ملايين الألغام المضادة للأفراد. كما أضاف رئيس الدولة أن الجيش الاستعماري و''بذريعة مطاردة الثوار قام في هذا الشهر باعتداء سافر على ساقية سيدي يوسف الآمنة بوابل من القنابل جعلها بمن فيها أثرا بعد عين إلى غير ذلك من الأحداث التي مرت بها امتنا في هذا الشهر''.