كشف مسؤول في وزارة التجارة أمس، أن الجزائر لن تتنازل عن القضايا السيادية في مفاوضاتها للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وأعلن عن عقد الجولة الحادية عشرة من المفاوضات نهاية شهر جوان القادم· فتح مجلس الأمة أمس نقاشا حول مفاوضات انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة شارك فيه خبراء جزائريون وأجانب وسياسيون ونقابيون إضافة إلى ممثلين عن مؤتمر الأممالمتحدة حول التجارة والتنمية·ومكّن اللقاء الذي ترأسه السيد عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة باستعراض جوانب عدة في مسار المفاوضات الذي انطلق قبل 12 سنة وبلغ جولته العاشرة· وفي هذا السياق قال السيد سعيد جلاب مسؤول وزارة التجارة وعضو الوفد الجزائري المفاوض، أن الجزائر لن تتنازل عن المسائل ذات السيادة في مفاوضات الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، ونفى في السياق أن تكون الجولة العاشرة التي جرت مؤخرا قد تناولت بعض القضايا السيادية مثل فتح المجال السمعي البصري للخواص كما تشترط بعض الدول ذلك نظير قبول عضوية الجزائر في المنظمة· وأشار السيد جلاب في تصريحات على هامش الندوة المنعقدة بمقر مجلس الأمة إلى أن الجولة الحادية عشرة ستعقد نهاية شهر جوان القادم وأن هناك عشر مسائل تبقى عالقة في هذا المسار، وهي بحاجة إلى تعميق الحوار بشأنها وتتعلق هذه النقاط ب"الشفافية"، حيث تطالب الدول بتوضيحات دقيقة بخصوص الإصلاحات الجارية في الجزائر وبالتحديد تلك المرتبطة بالخوصصة ووضع الشركات العمومية وكذا قدرتها على المنافسة· وأكد مسؤول وزارة التجارة، أن المفاوضات بلغت مرحلة متقدمة حيث شرع الوفد الجزائري في صياغة التقرير الخاص بالمفاوضات موضحا أن مرحلة إعداد التقرير من طرف فريق العمل المكلف بالمفاوضات تعتبر "إطارا قانونيا" يعكس مدى تطور المفاوضات· ويذكر أن التقرير الذي يتم إعداده يتضمن جميع جوانب المفاوضات ويوضح مدى تقدمها ويتم تحيينه مع تطور جولات المفاوضات، وسيعرض هذا النص على البرلمان بغرفتيه للتصديق عليه· وفي رده على سؤال يتعلق بمدى تقدم المفاوضات الثنائية مع الدول قال السيد جلاب، أنه موازاة مع الاستمرار في المفاوضات المتعددة الأطراف فقد شرع في دراسة العديد من المسائل في إطار التفاوض الثنائي مع الدول وأن التفاوض في هذا الشأن يدور حول تفكيك التعريفة الجمركية والخدمات، وأضاف أن هناك 120 فرعا يخص جميع القطاعات يتم التفاوض بشأنها في الإطار الثنائي أي بين الجزائر وكل دولة على حدة·وذكر المسؤول أن الجزائر وقعّت اتفاقيات مع خمس دول من أصل 16 دولة· وفي الإطار قال وزير التجارة الهاشمي جعبوب، في كلمة قرأها نيابة عنه مدير ديوانه، أن قرار الجزائر الشروع في مفاوضات الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة اتخذ "بكل حرية وسيادة ولم يكن مفروضا من أي طرف كان"، وأضاف أن الجزائر لن تتراجع عن هذا الخيار بل ستواصل المفاوضات على النحو الذي يسمح لها بالحفاظ على سيادتها، مؤكدا أن مسار المفاوضات يحظى برعاية خاصة من طرف رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الحكومة السيد عبد العزيز بلخادم· وكان رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أكد خلال زيارته إلى روسيا مؤخرا أن"انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة يشكل شغلنا الشاغل· وبالنسبة لوزير التجارة، فإن مسألة انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة يحظى بإجماع وطني وأن النقاش متصل ب"الثمن الذي تدفعه الجزائر لتحقيق الانضمام"، وأضاف أن مسار المفاوضات مبني على التنازلات التي تقدمها الجزائر وأنه في كل مرة يتم فيها رفض تقديم أي تنازل تبرز هناك مطالب أخرى من بعض الدول، وأبرز في هذا السياق أن كل تأخر في انضمام الجزائر إلى المنظمة يترتب عنه طلب تنازلات أخرى· وحسب الوزير فإنه من الطبيعي تقديم تنازلات في إطار المفاوضات "لأن بلادنا لا تمثل استثناء"، مشير إلى أن الجزائر توجد في ظرف صعب لأنها لم تقم التنازلات في الوقت المناسب· ومن جهته دافع رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح في كلمة ألقاها لدى إشرافه على افتتاح أشغال الندوة عن خيار تفاوض الجزائر قصد الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وأكد أن "قرار الانضمام قرار سيد كما أنه يأخذ بعين الاعتبار مصالح الاقتصاد الوطني· وأوضح السيد بن صالح أن الانضمام تمليه العديد من المعايير خاصة العولمة التي أدخلت تحويلات جذرية على المنظومة الاقتصادية العالمية، وأضاف أنه "لم يعد هناك من خيار للدول الراغبة في الاندماج في حركية الاقتصاد العالمي سوى القبول بقواعد اللعبة السارية المفعول، مؤكدا أن هذا الواقع يفرض علينا التعرف وعن كثب على كافة الميكانيزمات التي تحكم تسيير التجارة العالمية· وللإشارة فإن هذه الندوة تعد الثانية من نوعها التي يبادر بها مجلس الأمة، وستسمح طيلة اليومين من الأشغال بتسليط الضوء على المزايا والآثار السلبية للإنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة وكذا "تجارة الخدمات: رهانات التحرر وآثارها على التنمية"· ومن جهة أخرى أكد ممثل مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية السيد نوبار لوبال في كلمة ألقاها بالمناسبة استعداد الهيئة التي ينتمي إليها لمرافقة الجزائر في مسعاها للانضمام إلى المنظمة· وخلال النقاش الذي أعقب الجلسة الافتتاحية أجمع متدخلون من وزراء سابقون ورؤساء أحزاب ومنظمات على ضرورة عدم التسرع في الانضمام إلى المنظمة واستخلاص الدروس من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وتجنب الوقوع في نفس الأخطاء التي وقعت فيها في مسار تلك المفاوضات· وأكد السيد بختي بلعايب وزير التجارة في حكومة السيد أحمد أويحيي سنة 1998 أنه يتعين على الجزائر تجنب الوقوع في نفس الأخطاء التي وقعت فيها في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي، مشيرا في هذا السياق إلى تفكيك التعريفة الجمركية في إطار تطبيق بنود الاتفاق· وسارت الأمينة العامة لحزب العمال السيدة لويزة حنون في نفس الاتجاه وأبدت معارضة تامة لفكرة الانضمام وقالت "لماذا نتفاوض في الوقت الحالي الذي يعرف فيه الاقتصاد العالمي أزمة خانقة" وطالب بتأجيل عملية الانضمام، منتقدا في السياق الهيمنة الأمريكية على المنظمة· وشدد الأمين العام للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين السيد محمد عليوي في تدخله على ضرورة حماية القطاع الفلاحي وعدم الامتثال لإملاءات المنظمة في هذا الشأن، ودعا إلى مراعاة خصوصية القطاع في الجزائر وعدم تقديم تنازلات قد تضر بمستقبل الزراعة في البلاد·