أكّد المخرج أحمد راشدي على أهمية مواصلة السينما والعمل على الذاكرة وتمجيد الثورة التحريرية التي مكّنت الجزائريين من استعادة صورتهم التي عمل المستعمر على تشويهها بغرض البقاء والاستمرار، وأضاف راشدي الذي كان ضيف لقاء ''موعد مع الكلمة'' بقاعة الأطلس أنّه سيعمل شخصيا على تمجيد الثورة التحريرية في أعماله والتي سبق وأن تناولت موضوع الثورة منذ فيلم ''العفيون والعصا'' سنة ,1969 مشيرا إلى أنّ مهمة السينمائي ليست كتابة التاريخ ولكن طرح أسئلة. أبرز مخرج ''طاحونة السيد فابر'' ضرورة إثارة السينما لمواضيع الحرب التحريرية في الوقت الذي تستعد فيه الجزائر للاحتفال بخمسينية الاستقلال، حيث اعتبر أنّه رغم تركيز السينما الجزائرية في بداية مشوارها على حرب التحرير، إلاّ أنّ الكثير من جوانب هذه الثورة لم تستغل سينمائيا مثل ''مؤتمر الصومام'' و''المعارك الكبرى'' التي خاضها جيش التحرير ضدّ المستعمر، كما أكّد على أهمية إعداد أفلام عن الأبطال الذين لعبوا أدوارا حاسمة في اندلاع الكفاح المسلح، مشدّدا على أنّه من واجب السينما أن تقدّم هذه الشخصيات ''كآدميين لهم إيجابياتهم وأيضا نقائص بعيدا عن التقديس''، مضيفا أنّ كلّ واحد من هؤلاء الشهداء يستحق أكثر من عمل سينمائي، وأشار في هذا الصدد إلى أنّ فرنسا أنتجت 93 فيلما عن نابليون، ''إنّ مهمة العمل على التاريخ والذاكرة لا تتوقّف عند التاريخ المعاصر -كما قال راشدي- بل يجب أن تعالج أيضا تاريخ الجزائر القديم والفترة العثمانية، وعلى السينما أن تعمل على اقتحام مواضيع كانت تعتبر من الطابوهات". وتطرّق راشدي أيضا خلال اللقاء إلى الصعوبات التي يلاقيها من يرغب في تصوير فيلم عن هؤلاء الأبطال لغياب الوثائق المكتوبة والكتب التاريخية، مشيرا إلى أنّ مصطفى بن بولعيد الذي كان موضوع أحد أفلامه لا يوجد عنه أيّ كتاب كما أنّ كريم بلقاسم الذي يشكّل موضوع مشروعه الجديد لا يوجد عنه سوى كتاب واحد، وأضاف أنّ الأعمال السينمائية التي قدّمت كانت تعتمد في الغالب على شهادات البعض والذين تقدّمت بهم السن اليوم وقد يغادرون دون ترك شهاداتهم، وتساءل المخرج، في هذا السياق، عن عدم انجاز لحد الآن لمشاريع الأفلام التي تناولت العقيد لطفي، كريم بلقاسم، العربي بن مهيدي وكريم بلقاسم مشروعه الذي لم يحدّد مصيره بعد. وقال بهذا الصدد ''أنا لا أعرف ما هو المشكل، حيث قرأ المشروع من لجنتي القراءة في وزارتي الثقافة والمجاهدين وتمت الموافقة على السيناريو مع المطالبة ببعض التعديلات الطفيفة التي أخذت بعين الاعتبار، وأضاف أنّ الجهة المنتجة من حقها رفض أيّ مشروع على أن تشهر بذلك، وتساءل أيضا في سياق آخر عن الجدوى من الإعلان عن قائمة من حوالي 230 مشروعا بمناسبة الخمسينية لم يحقّق لحدّ الآن حسبه سوى مشروع ''زبانا". وعاد راشدي ليؤكّد على أهمية العمل على الذاكرة خاصة والجزائر تستعد للاحتفال بخمسينية الاستقلال، قائلا ''علينا كجزائريين أن لا نترك جانب الذاكرة للخصم الذي يسعى إلى توجيه الأمور لما يخدم أغراضه''، وذكر أنّ هناك نشاطا إعلاميا ووثائقيا مكثّفا في الضفة المقابلة من المتوسط بمناسبة خمسينية الاستقلال في محاولة للمساواة التي يقدّمونها عن الثورة بين المستعمَر والمستعمِر (بكسر الميم). وفي استعادة للمسار الذي عرفته السينما الجزائرية خلال 50 سنة من الوجود، تأسّف المخرج لكون هذه السينما التي عرفت انطلاقة مبهرة وحقّقت نجاحا لم تعرفه غيرها من السينما العربية والإفريقية لم تواصل بتلك الخطى، وأرجع نجاح الأفلام الجزائرية في فترات الستينات والسبعينات وأواخر الثمانينات إلى حسن اختيار الموضوع ومعالجته بجرأة وحرية، مذكّرا بصفته كان مسؤولا عن إحدى أهمّ مؤسسات الإنتاج السينمائي في الجزائر لأكثر من 15 سنة أنّ ''السينما الجزائرية قبل حلّ مؤسّسات الإنتاج كانت تموّل بأموال السينما لأنّ الميكانزمات كانت واضحة''، وختم بالقول إنّ ''السينمائي اليوم لا يعرف لأيّ جهة يتوجّه بمشروعه'' مشيرا إلى أنّ دور الوصاية ليس الإنتاج وإنّما المساعدة والدعم والتوجيه-.