أخذت الأزمة في دولة مالي الناجمة عن الإنقلاب العسكري الذي أطاح بنظام الرئيس أمادو توماني توري قبل أزيد من أسبوع بعدا دوليا إثر طرح ملفها أمس على طاولة مجلس الأمني الدولي لبحث سبل احتوائها. وجاء عقد هذا الاجتماع الأول من نوعه منذ الإنقلاب بطلب من فرنسا القوة الاستعمارية السابقة لهذا البلد الإفريقي الذي يعيش بين فكي كماشة الفقر والحرب الأهلية. وقبل انطلاق أشغال الاجتماع؛ قال مصدر دبلوماسي أمريكي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن خلال الشهر الجاري أنه من المقرر أن تتبنى الدول ال 15 الأعضاء بيانا حول الوضع في مالي. ورغم أن المصدر الأمريكي لم يعط المزيد من الإيضاحات بشأن هذه الوثيقة، فالمؤكد أنها ستضاف إلى جملة الضغوط التي تمارسها دول الجوار والمنظمات الجهوية التي أدانت بشدة عملية الاستيلاء بالقوة على السلطة من قبل مجموعة من العسكريين بقيادة النقيب أمادو سانوغو. وطلبت فرنسا تدخل مجلس الأمن الدولي بعد تدهور الوضع في هذا البلد بشكل متسارع وخطير إثر سقوط شمال مالي في أيدي متمردي الطوارق والجماعات الإسلاموية المسلحة المتصلة بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي. وفي ظل عجز الإنقلابيين عن مواجهة زحف المقاتلين الإسلاميين ومتمردي الطوارق؛ هددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ''إيكواس'' بالتدخل عسكريا في هذا البلد، وأعلنت حصارا تاما على السلطة العسكرية التي التزمت بإعادة النظام الدستوري والعمل بمؤسسات الدولة. وقال الرئيس الإيفواري الحسن واتارا الذي يضمن الرئاسة الدورية للمجموعة في ختام قمة دكار أول أمس إن كل الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية والمالية وغيرها ستطبق اعتبارا من يوم أمس ولن يتم رفعها إلا بعد إعادة العمل بالنظام الدستوري، وأضاف أن القمة طلبت ''تطبيق حظر شامل'' على الحكام العسكريين في مالي. وكانت مجموعة إيكواس قد ذكرت خلال الأسبوع الماضي أنها ستفرض هذه العقوبات بعد الإطاحة بالرئيس أمادو توري في الإنقلاب العسكري ما لم يتم تسليم السلطة في غضون 72 ساعة. وتم تفعيل القرار رغم إعلان مجلس الإنقلاب قبل يومين إعادة العمل بدستور 25 فيفري 1992 تمهيدا لعملية الانتقال من أجل إجراء انتخابات رئاسية. كما أعلنت إيكواس السبت الماضي عن تشكيل قوة مسلحة قوامها ألفا رجل ووضعها في حالة استنفار لمواجهة أية تطورات قد تطرأ بمالي. بالتزامن مع ذلك؛ تزداد خطورة الوضع في شمال مالي بعد سقوط أهم مدنه الرئيسية تباعا في أيدي المتمردين بدءا بكيدال مرورا بغاو وصولا إلى تومبوكتو، المدينة التاريخية المصنفة ضمن التراث العالمي منذ عام .1988 وهو ما جعل غيرينا بوكوفا، المديرة العامة ''لليونيسكو''، تعرب عن بالغ ''انشغالها الكبير'' إزاء الأخطار التي تهدد موقع تومبوكتو، مذكرة بوجوب الحفاظ على التراث خلال الحروب. من جانبها؛ أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها حيال أمن المدنيين المقيمين في المناطق الشمالية من مالي التي يسيطر عليها متمردو الطوارق، وقالت المنظمة في بيان لها إنها تلقت تقارير من شهود عيان في مدينة غاو تفيد ب''قيام رجال مسلحين بنهب المنازل ومستشفى.. مطالبة المتمردين بالعمل فورا على وقف أعمال النهب حتى يؤمن المواطنون المقيمون في البلدة على أرواحهم''.