أكد رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي المستشار مصطفى عبد الجليل امس بالجزائر العاصمة تطلع بلاده الى مستقبل واعد مع الجزائر، مبرزا بأن زيارته الى الجزائر تهدف الى توطيد اواصر الصداقة والاخوة بين الشعبين الجزائري والليبي. وفي تصريح للصحافة عقب المحادثات التي أجراها مع رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أوضح المستشار عبد الجليل قائلا: ''جئنا الى الجزائر لتوطيد أواصر الصداقة والاخوة بين الشعبين الجزائري والليبي واننا نتطلع الى مستقبل واعد مع الجزائر''. وبخصوص فحوى محادثاته مع الرئيس بوتفليقة، ذكر المستشار عبد الجليل انه تم التطرق الى العديد المواضيع من أهمها المحور الأمني وتأمين الحدود الجزائرية -الليبية وذلك -كما قال- ''حماية لأمن الجزائر وليبيا من خلال الموقف الداعم للحكومة الجزائرية لهذا الامر، باعتبار أن ليبيا مازالت في طور التنشئة والإعداد لجهازي حرس الحدود والامن الوطني''. وذكر في هذا الاطار بالزيارة التي قام بها مؤخرا الى الجزائر وزير الداخلية الليبي السيد فوزي عبد العال الذي تباحث مع نظيره الجزائري السيد دحو ولد قابلية حول اوجه كثيرة من التعاون منها اتاحة فرص التدريب للأمن الوطني الليبي داخل ليبيا وفي الجزائر. كما ذكر بالزيارات التي قام بها الى ليبيا كل من وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي ووزير الداخلية والجماعات المحلية السيد دحو ولد قابلية للمشاركة في الندوة الوزارية الاقليمية حول امن الحدود. وأضاف رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي ان محادثاته مع الرئيس بوتفليقة تناولت أيضا مسالة تواجد أفراد من عائلة القذافي في الجزائر. ''نحن نقدر الموقف الإنساني للجزائر بشأن إيواء الأسر خاصة النساء والأطفال ولكننا على يقين بأن الجزائر سوف لن تحتضن من يشكل خطرا على أمن ليبيا وبالتالي انتهينا إلى أن كل من يشكل خطرا على ليبيا سواء بالتمويل أو التحريض سوف لن يكون له مكان في الاراضي الجزائرية''. وقال في نفس الاطار: ''هذا ما توصلنا إليه ستكون هناك إتفاقيات قضائية ستفعل في هذا الشأن في حق من تطاله المطالبة الجنائية''. وذكر المستشار عبد الجليل من جهة اخرى بالعلاقات التاريخية ''الراسخة'' التي تجمع الشعبين الليبي والجزائري، مبرزا أن الجزائر وليبيا تشتركان في امور عدة هي الإسلام والعروبة والانتماء الى الفضاء المغاربي. كما صرح المسؤول الليبي ان زيارته للجزائر مناسبة لتقديم تعازي بلاده في وفاة أول رئيس للجزائر المستقلة احمد بن بلة. وقد اختتم رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي زيارته الرسمية للجزائر التي دامت يومين. وكان في توديع السيد مصطفي عبد الجليل بمطار هواري-بومدين الدولي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بحضور مسؤولين سامين في الدولة وأعضاء من الحكومة وممثلين عن السلك الديبلوماسي المعتمد بالجزائر. وقد توجت هذه الزيارة بتوقيع الجزائر وليبيا أمس على اتفاقية تحدد خريطة طريق لتفعيل تعاونهما الثنائي وتجديده وفق الأوضاع السائدة في المنطقة. ووقع على هذه الاتفاقية عن الجانب الجزائري الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل ووكيل وزارة الخارجية الليبية السيد محمد أمحمد عبد العزيز عن الجانب الليبي. وأوضح السيد مساهل في هذا الخصوص أن هذه الاتفاقية ''تهدف إلى تجديد العلاقات القائمة بين البلدين منذ 1969 وإعادة تكييفها''. وأضاف السيد مساهل في نفس السياق أنه تم ''تشكيل لجنة تشاور سياسية بين البلدين تعنى بالمشاورات حول القضايا الأمنية والقضايا المتعلقة بالجوار ومنطقة الساحل وكذلك التنسيق بين البلدين على مستوى الهيئات الدولية''. وفي الميدان التجاري أشار الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية أنه ''سيتم تنظيم اجتماع بغدامس الليبية لأرباب العمل في البلدين في جويلية القادم'' كما ستتوسع هذه الاجتماعات إلى كل الميادين على غرار الطاقة والاستثمار. وأوضح وكيل وزارة الخارجية الليبية أن توقيع هذه الخريطة هي ''نقلة نوعية وتوجه جديد للعلاقات بين البلدين'' مشيرا إلى أنه تم تحديد جدول زمني لتنفيذها. ومن جهته أضاف السيد امحمد عبد العزيز أن هذه الاتفاقية تعتبر تأكيدا على أن الجزائر ''لها دور محوري في صنع القرار على المستوى الإقليمي''. وقبل ذلك أقام الرئيس بوتفليقة امس بالعاصمة مأدبة غذاء على شرف رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي. وحضر المأدبة التي أقيمت بقصر الشعب أعضاء الحكومة واطارات سامية في الدولة إلى جانب أعضاء من السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر. كما تم امس بمقر رئاسة الجمهورية عقد جلسة عمل بين وفدي الجزائر وليبيا ترأسها مناصفة الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل وعضو المجلس الوطني الانتقالي الليبي السيد سالم مسعود قنان. كما قام المستشار مصطفى عبد الجليل رفقة وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد دحو ولد قابلية بزيارة إلى متحف المجاهد بالجزائر العاصمة. وقدمت لضيف الجزائر الذي أبدى انبهاره بشجاعة وكفاح الشعب الجزائري شروحات وافية حول مختلف مراحل الثورة التحريرية والنضال المسلح الذي خاضه الشعب الجزائري للانعتاق من الاستعمار. كما جاب مختلف أجنحة المتحف الذي يضم صورا لشهداء الثورة التحريرية ومستلزماتهم الشخصية التي كانوا يستعملونها آنذاك. كما اطلع المستشار عبد الجليل على مراحل المقاومات الشعبية التي قادها زعماء من امثال الشيخ بوعمامة وأحمد باي. وتوقف المستشار عبد الجليل مطولا عند الجناح الذي يضم صورا زيتية تمثل أهم المعارك التي خاضها الأمير عبد القادر في كفاحه ضد الإستعمار كما جاب الجناح الذي يضم صورا تعكس جرائم التعذيب التي اقترفها الإستعمار في حق الشعب الجزائري. واختتم المسؤول الليبي زيارته للمتحف بتوقيعه على السجل الذهبي المخصص للشخصيات البارزة، حيث قدم له درع رمزي من المتحف. وفي تصريح للصحافة وصف رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي المتحف الوطني للمجاهد ب''الصرح العظيم الذي يصور مسيرة نضال شعب ضد الاستعمار الغاشم طيلة أكثر من قرن من الزمن''، مشيرا الى ان ''نعمة الاستقلال التي ينعم بها الجزائريون جاءت بعد كفاح طويل مع الاستعمار ولم يكن بالأمر الهين''، داعيا اياهم الى ان ''يراعوا ذلك في واقعهم الحالي''. وفي برنامج اليوم الاول استقبل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي اول امس بمقر اقامته بزرالدة بالجزائر مدربه الجزائري السابق السيد عبد الحميد زوبا، الذي ادى له زيارة مجاملة. وقد أشرف السيد زوبا الذي كان مدربا للفريق الوطني ولاعبا سابقا في صفوف فريق جبهة التحرير الوطني، على تدريب المستشار عبد الجليل الذي كان ينتمي لصفوف فريق ''أخضر البيضاء'' لكرة القدم كلاعب خط وسط وذلك خلال الفترة الممتدة من 1977 الى .1980 كما استقبل المستشار عبد الجليل المدرب الجزائري السابق السيد بوحفص الطيب الذي ادى له ايضا زيارة مجاملة والذي سبق له ان اشرف في سنوات سابقة على تدريب عدة اندية ليبية من بينها أخضر البيضاء وأهلي بنغازي وفريق النصر. من جهة اخرى أقام رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح مساء اول امس بإقامة جنان الميثاق (الجزائر العاصمة) مأدبة عشاء على شرف رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي . وشارك في هذه المأدبة أعضاء من الحكومة وكذا أعضاء الوفد الليبي المرافق للسيد عبد الجليل. كما شكل ملف التعاون الثنائي والقضايا المرتبطة بالأمن الحدودي محور المحادثات التي جرت مساء اول امس بإقامة جنان الميثاق (الجزائر العاصمة) بين الجزائر وليبيا برئاسة وزير الخارجية السيد مراد مدلسي وعضو المجلس الوطني الانتقالي الليبي السيد سالم مسعود قنان. وقد أكد السيد مدلسي في كلمة مقتضبة على وجود ''إرادة سياسية قوية'' و''نظرة واضحة'' لدى الجانبين لتطوير التعاون بينهما مشيرا الى أن زيارة السيد عبد الجليل الى الجزائر من شأنها أن ''تفتح آفاقا جديدة'' لهذا التعاون في شتى المجالات والميادين. من جانبه ذكر السيد قنان بعمق العلاقات الجزائرية-الليبية التي قال إنها ''تاريخية وتمتد الى زمن بعيد'' مشيرا الى أن هذه العلاقات ''تعززت وأصبحت قوية على مر العصور''. وقال ''إننا اليوم في ليبيا نريد بناء علاقات جديدة مع الشقيقة الجزائر ولدينا إرادة في إعطاء تعاوننا الثنائي دفعا قويا حتى يكون بناء ومثمرا''. وأوضح من جانب آخر أن ليبيا ''تقدر وتتفهم المواقف الإنسانية التي اتخذتها الجزائر لدى استضافتها لبعض أفراد عائلة القذافي'' ،غير أننا كما قال ''نريد مساعدة إخواننا الجزائريين خاصة إذا ما صدر عن هؤلاء الأشخاص تصرف أو سلوك يمكنه أن يضر بمصلحة وأمن ليبيا''. وكان السيد مصطفي عبد الجليل قد وصل بعد ظهر اول امس الى الجزائر حيث كان في استقباله بمطار هواري بومدين الدولي رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في زيارة رسمية لها تدوم يومين.