أبرز خبراء وطنيون، أمس، أهمية البرنامج الوطني لإنجاز المدن الجديدة في الجزائر، واعتبروا المشاريع الجارية لإنجاز 5 مدن عبر التراب الوطني، ولاسيما منها بحاسي مسعود وبوغزول تعد بمثابة رؤية جديدة تجمع بين اقتصاد الطاقة والرفاهية البيئية والتنمية المستدامة مع الحفاظ على النموذج المعماري التقليدي. وأوضح المشاركون في اللقاء حول النجاعة الطاقوية في مجال البناء أن المدن الخمس المستدامة المتمركزة بحاسي مسعود وسيدي عبد الله بالعاصمة وبوينان بالبليدة وبوغزول بالمدية والمنيعة بغرداية، تعتبر فكرة معمارية حديثة تلتقي فيها وظائف ترقية النجاعة الطاقوية وتحقيق التنمية المستدامة مع الحفاظ على التراث المعماري الجزائري، وذكر المدير العام لمؤسسة المدينةالجديدة لحاسي مسعود السيد مراد زرياطي بالمناسبة بأن المناقصات الخاصة بإنشاء هذه المدينةالجديدة سيتم إطلاقها العام القادم، بعد أن شرع المجمع الجزائري -الكوري ''دونغميونغ سامان كون مون بيريغ'' في الدراسات الخاصة بتهيئة وتعمير هذا الموقع في جانفي الفارط. في حين أوضحت المهندسة المعمارية أمال ضيف أن التصميم العمراني لهذه المدينة سيكون مجالا لتطبيق أمثل للحلول الأكثر تقدما في مجال الطاقات المتجددة ولا سيما منها الطاقة الشمسية، مع الاستلهام من النموذج العمراني التقليدي المتكيف مع المعايير الاجتماعية والمناخية للمنطقة. ولتحقيق هذه الوظائف العصرية للمدينة الجديدة سيتم خلال عملية إنجازها، حسب المتحدثة، استعمال مواد محلية غير مولدة للحرارة بغرض تحسين التهوئة الطبيعية، فيما تم غرس 65 ألف نخلة وحفر ثمانية آبار وتوفير نظام سقي عن طريق التقطير، الكل على مساحة طولها 6 كلم وعرضها 500 متر، وذلك من أجل تحقيق المفهوم المناخي الحيوي لهذه المنشأة الحضرية.وفي سياق متصل، أشارت السيدة مايا موساوي ممثلة وزارة تهئية الإقليم والبيئة أن المدينةالجديدة لبوغزول المكرسة للطاقات المتجددة والنشاطات الصناعية واللوجستية تقوم هي الأخرى على مبادئ التنمية المستدامة، موضحة بأن هذه المدينة التي ستتربع على مساحة 6000 هكتار من بينها 4000 هكتار قابلة للتمدين، تتضمن كل معايير الجودة البيئية العالية، حيث تعتمد على الهندسة المعمارية المناخية الحيوية والنجاعة الطاقوية للمباني وجمع مياه الأمطار ورسكلة المياه المستعملة وجمع النفايات. كما سيتم بهذه المدينة التي ستحتضن قرابة 35 ألف نسمة إنجاز محطة لتطهير المياه المستعملة بطاقة 38 مليون متر مكعب سنويا، علاوة على محطة هجينة تعمل بالطاقتين الشمسية والهوائية. ومن المقرر أيضا تخصيص أربع فضاءات بحث بهذا الموقع لمعالجة النفايات وإنجاز بنايات تستعمل الطاقة الخضراء. وقد اغتنم المدير العام للوكالة الوطنية لترقية وترشيد استعمال الطاقة السيد محمد صالح بوزريبة فرصة اللقاء ليشدد على أهمية استعمال مواد محلية في إنجاز هذه المدن الجديدة ولاسيما الحجر والطوب المتوفرين بكثرة في الصحراء قصد ضمان اقتصاد الطاقة. وتسعى السلطات العمومية من خلال برمجة المدن الجديدة الخمس واستكمال تهيئتها بشكل كامل في سنة ,2030 إلى بعث أقطاب اقتصادية موزعة عبر مختلف مناطق البلاد، من أجل تفعيل مسعى التنمية المستدامة، حيث عمدت في هذا الإطار ومن خلال الإطار القانوني لسنة 2004 المنظم لهذه المشاريع الحضرية الضخمة، إلى توزيع الوظائف الحضرية والاستثمارية لكل واحدة من المدن الخمس، حيث تتميز مدينة بوغزول بالطاقات المتجددة، ومدينة سيدي عبد الله بالطابع التكنولوجي واقتصاد المعرفة، فيما يرتقب ترقية الاستثمار الرياضي بمدينة بوينان والاستثمار السياحي بمدينة المنيعة، بينما تعرف مدينة حاسي مسعود بالجزيرة الخضراء التي ستعنى هي الأخرى بتطوير وترقية الطاقات المتجددة. وكان وزير البيئة وتهيئة الإقليم السيد شريف رحماني قد انتقد مؤخرا تأخر انطلاق مشروع المدينةالجديدة للمنيعة والذي مرده -حسبه- إلى البيروقراطية التي عطلت استكمال كافة الإجراءات التنظيمية لمباشرة هذا المشروع، محملا اللجنة الوطنية للصفقات العمومية سبب هذا التأخر. وذكر في هذا الصدد بأن مشروع المدينةالجديدة للمنيعة تم تسجيله في 2007 وتم تعيين المؤسسة المكلفة بتسييره ومنحها غلافا ماليا قيمته 1,2 مليار دينار للتسيير، غير أن الأشغال لم تنطلق بسبب رفض لجنة الصفقات العمومية مطلع 2011 دفتر الشروط الخاص بالدراسة النهائية لمخطط التهيئة والذي تم إيداعه في ,2008 ليتم إيداع دفتر جديد في ماي 2011 تم تأجيل البت فيه حتى يتلاءم مع الإجراءات الجديدة لقانون الصفقات، ليتم بعد ذلك إيداع دفتر شروط ثالث وافقت عليه اللجنة في ديسمبر الماضي، وتم على أساسه فتح مناقصة وطنية لإنجاز المشروع. أما بخصوص مشروع المدينةالجديدة لبوينان بالبليدة فقد أرجأت الوزارة الوصية الانطلاق في تجسيده إلى المخطط الخماسي المقبل، وأرجع المسؤول الأول عن القطاع أسباب تأجيله إلى جدول الأولويات التي تقتضيها مشاريع المدن الجديدة التي يجري استحداثها.