ككل عام، تتزين الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال بألوان العَلم وتتعطر بأريج الوطنية، وترتدي لباس الفرح بتخرّج دفعات من إطارات الجيش الوطني الشعبي من ضباط وقيادات الأركان، والجديد في مراسم الاحتفالية هذا العام -الذي صار إشراف رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني عليه تقليداً متبعاً وسُنّة حميدة- أنّ نسائم خميسنية الاستقلال واقتراب أول دفعة لأشبال الأمة من أسوار قلعة شرشال هو المستحدث، امتزجت برسائل أركان الجيش الوطني الشعبي الواضحة التي تحمل كبير التقدير والامتنان للقيادة العليا للبلاد على رعايتها لمواصلة تجسيد الاحترافية والتفتح والجاهزية لمواجهة الرهانات والتهديدات التي لا تنتهي وفق تكوين متساوق. أشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، أمس، على مراسم الحفل الذي حضره إلى جانب الإطارات السامية في الجيش، بعض الوزراء وممثلي السلك الدبلوماسي، وجمع من أهالي الخريجين، حيث تخرجت الدفعة الخامسة للتكوين العسكري المشترك والدفعة ال43 للتكوين الأساسي والدفعة ال40 لدورة القيادة والأركان، وقد جرت فعاليات الاحتفال، ككل عام، بتسليم الشهادات وتقليد الرتب للمتفوقين الأوائل من طرف رئيس الجمهورية، وقائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح، ووزير الدفاع الوطني عبد المالك قنايزية إلى جانب قائد القوات البرية وقائد الأكاديمية. ولم تغب في احتفالية أمس أجواء التنظيم المحكم والصرامة العسكرية والدقة في إجراء الاستعراضات المشوقة والهادفة في نفس الوقت والتي صار إطارات الأكاديمية يتفننون فيها كل عام، ويخضعونها للمستجدات والمناسبات، مثلما كانت هذه السنة، حيث كرست الجهود لإبراز الاحتفال بخمسينية الاستقلال باعتبارها المناسبة الغالبة والغالية والتي تذكِّر الأجيال بتضحيات جيش التحرير الوطني الذي كان لبنة الجيش الوطني الشعبي وهي الذكرى التي قال بشأنها الفريق قايد صالح أنها "بقدر ما تعيد لنا نشوة انتصار الشعب الجزائري على مستعمره الغاشم، فإنها تعيد إلى الأذهان سمو همّة وصلابة عزيمة جيش التحرير الوطني بالأمس، الذي اعتصم بشعبه وبقيمه الثابتة، فكان له خير عاصم بعد الله سبحانه وتعالى واستطاع بفضل ذلك أن يتغلب على عاديات وأهوال تلك الفترة العصيبة". وأكد قائد الأركان أن الجيش الوطني الشعبي يواصل شق طريقه التطويري العازم مسنوداً إلى الزخم القيمي الوطني الزاخر بتوافق رؤيته الحاضرة والمستقبلية مع الرؤية الصائبة لجيش التحرير الوطني، وأن إرادة المحافظة على ثمرة الاستقلال والسيادة الوطنية والوفاء لقيم نوفمبر والوحدة الترابية رغم كيد الأعداء هي درجات عزم الجيش الوطني الشعبي، وأن جيشنا سيظل منضبطاً ومقدِّساً لمهامه الدستورية متمسكاً دوماً بواجب خدمة البلاد في كافة الظروف وفياً لنهج احترام قوانين الجمهورية" وهي المحفزات على العمل بإخلاص تحت القيادة الرشيدة لرئيس الجمهورية لجعل قواتنا المسلحة مظلة الأمن والأمان التي تحتمي بها الجزائر في كل الأوقات والظروف وتقيها من كافة المخاطر والتهديدات التي أصبحت سمة بارزة من سمات هذا المتغير وغير المأمون". وأشار الفريق أن هذه المحفزات أيضاً جعلت منظومة التعليم والتكوين العسكريين تتحول إلى ورشة حقيقية في مجال توفير كافة الإمكانيات المادية والبشرية والمنشآتية، ومنها تكاثر وتعدد مراسم تخرج الدفعات المختلفة ورفع المستوى التعليمي المحقق، وأخيراً المستويات الراقية التي يحققها أشبال الأمة الذين خاضوا أولى مشاركاتهم في شهادة البكالوريا". وتعهد قائد الأركان بأن الجيش الوطني الشعبي سيبقى يعمل تحت القيادة السامية على تأمين كل أسباب الأمن في بلادنا وتوفير الأجواء الآمنة لمواصلة مشوار نمائها وتقدمها الاقتصادي وتضييق الخناق على بقايا الفلول الإرهابية ومطاردة أعوانها من عصابات التهريب والجريمة المنظمة، والأخذ في الحسبان مجريات وتطور أحداث المرحلة العصيبة الحساسة التي يمر بها محيطنا الإقليمي لاسيما الساحل الصحراوي الذي يستوجب التجند والجاهزية". كما أكد أن كل الأبواب مفتوحة أمام الشباب في الجيش حتى يثبتوا ذاتهم أكثر وتسمو قدراتهم المهنية ومردودهم العلمي وخصالهم الأخلاقية إلى ما يوصلهم عن جدارة واستحقاق إلى خوض معترك الحياة المهنية العسكرية بكل متطلباتها. من جانبه، كشف قائد الأكاديمية العسكرية العميد سيداني علي أن فتح بوابة إلكترونية لحملة البكالوريا الراغبين في التكوين بالأكاديمية حقق نتائج هامة ومكّن من انتقاء أحسن المستويات وانعكس ذلك على مستوى التكوين خاصة مع تعاون الأكاديمية مع الجامعات وتبادل الخبرات والمعلومات، مذكراً بأن الأكاديمية قامت بعدة إصلاحات بيداغوجية ومنها تجسيد نظام "أل أم دي"، موصياً الخريجين بأن يكونوا قدوة لمرؤوسيهم والالتزام بالقوانين والنظم لتحقيق الارتقاء والتدرج في المسؤولية. للتذكير فقد تم تسمية الدفعات المتخرجة باسم المجاهد المرحوم بلحاج بوشعيب المدعو أحمد الذي ساهم في التحضير للثورة من خلال مشاركته في اجتماع مجموعة ال22، وكان ضمن منفذي هجومات الفاتح نوفمبر 1954 رفقة الشهيد سويداني بوجمعة على ثكنة عسكرية بمنطقة البليدة، وعيّن فيما بعد نائباً ثانياً للمجاهد المرحوم رابح بيطاط في قيادة المنطقة الرابعة، وهو من مواليد 13 جويلية 1918 بعين تيموشنت.