للمسلمين في شهر رمضان المعظم العديد من العادات والتقاليد التي تختلف باختلاف البلد التي يعيشون فيها، فبالإضافة إلى الفروض والطاعات التي يدعو الدين الإسلامي إلى الالتزام بها في شهر رمضان، تفرض الثقافات المختلفة عاداتها وتقاليدها على سلوكيات المسلمين خلال الشهر الكريم، والهند ليست استثناء من هذه القاعدة، فهذا البلد يعتبر من البلاد متعدّدة الثقافات في العالم، وبالتالي فالمسلمون الهنود لهم من العادات والتقاليد ما يخالف عادات وتقاليد المسلمين خارج هذه البلاد، بالنظر إلى احتكاكهم بالثقافات المختلفة المتواجدة داخل هذا البلد الذي تجاوز عدد سكانه المليار نسمة. تحتل الهند المركز الثاني على مستوى العالم في عدد السكان، حيث يبلغ تعداد السكان الهنود حوالي مليار و450 ألف نسمة، يعيشون في مساحة قدرها 3.3 مليون كيلومترا مربعا، ومن أهم المدن؛ «نيودلهي» العاصمة، «أحمد آباد»، «بانجلور»، «آجرا» و«مدراس»، وتعتبر الهندوسية دين الأغلبية، حيث يدين بها نحو 83% من إجمالي عدد السكان، ويتحدّث السكان عددا كبيرا من اللهجات واللغات مثل؛ السنسكريتية والعربية. المسلمون في الهند دخل الإسلام بلاد الهند قبل نحو 11 قرنا، أي في حوالي القرن ال13 الميلادي، وقد استمر المسلمون في حكم الهند لمدة نحو 800 عاما انتهت ببدء الاستعمار البريطاني للبلاد، وقد خلف المسلمون في الهند تراثا علميا، فكريا ومعماريا بارزا أثر في الحضارة الهندية عامة، ومن أهم الآثار الثقافية للمسلمين في الهند؛ نقل الثقافة اليونانية واللاتينية إلى هذه البلاد عن طريق ترجمة كتب هاتين الحضارتين إلى اللغة العربية، ثم نقلها إلى اللهجات الهندية المحلية، كذلك كان العمل الموسوعي الذي قام به «أبو الريحان محمد البيروني» وهو كتاب «تاريخ الهند» الذي قام فيه بالتوثيق لبلاد الهند جغرافيا، اجتماعيا وثقافيا. أحوال المسلمين الآن في الهند يبلغ تعداد المسلمين في الهند حاليا نحو 150 مليون نسمة، أي ما يعادل أكثر من 10% من إجمالي تعداد السكان، وللمسلمين في الهند قوانين خاصة بهم أقرها الدستور الهندي في القضايا الاجتماعية والشخصية مثل؛ الزواج، الميراث وما يتعلق بها، ولهم حرية العبادة، الإبداع، نشر الدين والدعوة إليه بلا إجبار، لكن في الفترة الأخيرة، بدأت العديد من المشكلات في مواجهة المسلمين الهنود بالنظر إلى غياب الزعامة الإسلامية القوية، وتنفذ الهندوس المتعصبين في جميع مرافق الدولة، ومن أهم هذه المشكلات، حرق المساجد وهدمها، ولعل أزمة مسجد «بابري» التاريخي أبرز نموذج على اضطهاد الهندوس للمسلمين، حيث يريد الهندوس هدم المسجد وتحويله إلى معبد هندوسي. المسلمون الهنود في شهر رمضان المعظم يعتمد المسلمون في التيقن من ثبوت هلال الشهر الكريم على القضاة الشرعيين، لكن في المناطق والقرى التي لا يوجد بها هؤلاء القضاة، فإنّ الأهالي يعتمدون في ثبوت الأهلة على أبرز العلماء أو أئمة المساجد المعروفين، وهناك من يعتمد على الحسابات الفلكية ولكنّهم قلّة. ويستعد المسلمون في الهند لاستقبال شهر رمضان المعظم من نهايات شهر شعبان الكريم، حيث يقومون بتحضير المستلزمات الرمضانية وبدء الزيارات الأسرية، بالإضافة إلى أن المطاعم التي يملكها مسلمون تغلق أبوابها طوال نهار أيام الشهر الفضيل، كما أن الإذاعة والتليفزيون يقدمان برامج رمضانية مختلفة يوميا مثل؛ الخطب والمناقشات الإسلامية، كذلك تضم الصحف والمجلات أبواب متعلقة بشهر رمضان، وتنظم اللجان الإسلامية فعاليات رمضانية مختلفة مثل؛ المسابقات العلمية والندوات الثقافية، وفي شهر رمضان يلتزم المسلمون الهنود بأداء الصلاة في أوقاتها، كما أن هناك الكثير من المحاضرات والدروس الدينية التي تلقى في المساجد بعد كل صلاة، ويحرص المسلمون في الهند على أداء صلاة التراويح، إلا أنه توجد خلافات بين الأئمة بعضهم البعض وكذلك بين المصلين على عدد الركعات المفروضة في صلاة التراويح، لكن هذه الخلافات لا تتجاوز الحدود العادية التي نلاحظها في أي بلد إسلامي، ولا تصلي النساء في المساجد في الغالب، ولكن يخترن زاوية أو مدرسة دينية قريبة من أجل أداء الصلاة فيها، ويقبل الكثير من الهنود على ختم القرآن الكريم في شهر رمضان وبخاصة السيدات. وبخصوص تعامل الدولة في الهند مع شهر رمضان الكريم، فإنها تقدّم للمسلمين التسهيلات في أداء شعائرهم ومناسكهم الرمضانية، كذلك في تنظيم الفعاليات الثقافية والدينية خلال هذا الشهر، لكن ليس هناك إجازة رسمية ولا تعديل في المواعيد الرسمية سواء عمل أو دراسة خلال الشهر، أما عيدا الفطر والأضحى، ففيهما إجازة عامة على مستوى البلاد، كما يراعى أن تبتعد مواسم الامتحانات العامة والانتخابات عن شهر رمضان والأعياد.