تباينت مداخلات نواب المجلس الشعبي الوطني حول مخطط عمل الحكومة بين مؤيد لكل ما جاء فيه ومشكك في نوايا تنفيذه وفي نجاحه، فيما لم تخل العديد من المداخلات من الأفكار والاقتراحات التي من شأنها إثراء التدابير التي جاء بها البرنامج الحكومي ولا سيما فيما يتعلق بتحسين الخدمة العمومية والتكفل بالانشغالات اليومية للمواطن، بينما طالب البعض الآخر بتحديد الآليات التي سيتم بها تنفيذ هذه التدابير. فبالنسبة لنواب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي فإن مخطط عمل الحكومة يتماشى وتطلعات المواطنين، على اعتبار أنه يكرس الإرادة القوية للسلطات العمومية ويضمن متابعة فعلية للأعمال التي تمت مباشرتها لإيجاد الحلول لمشاكل المواطن. وفي هذا الإطار، دعت السيدة نورة بوداود النائب عن الأفالان إلى ضرورة تدعيم جهود الحكومة في مجال التنمية بالاستثمار في الجانب البشري، ولا سيما من خلال إبرام اتفاقيات بين الجامعات ومراكز البحث والتكوين والمؤسسات الإقتصادية، بينما اقترح النائب نوري من نفس الحزب في مجال تحسين عمليات توزيع السكنات، إعادة تنظيم اللجان البلدية لتوزيع السكن وتوسيع عضوية المنتخبين فيها إلى 7 أعضاء، تساوقا مع ارتفاع عدد النواب في البرلمان، كما اقترح رفع قيمة الأجر المطلوب للحصول على السكن الإجتماعي من 24 ألف دينار إلى 35 ألف دينار لتمكين عدد أكبر من المواطنين من الاستفادة من هذه السكنات مع رفع الإعانة العمومية الممنوحة من قبل الدولة لبناء السكن الريفي من 700 ألف دينار إلى مليون دينار، وذلك لمواجهة مشكل ارتفاع أسعار مواد البناء. بدوره، حمل النائب محمد سيدي موسى النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني في مداخلته سلسلة من الاقتراحات التي من شأنها تحسين التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطن بشكل عام، داعيا في هذا الصد إلى ضرورة تفعيل دور الاتصال المؤسساتي وترقية مهام الاتصال داخل مؤسسات الدولة، وذلك من أجل سد الفراغ الحاصل في الفترة الحالية في هذا المجال وقطع الطريق أمام انتشار الإشاعات والحملات المغرضة، أما في مجال التشغيل فقد اقترح النائب إدراج نظام العمل بالدوام الجزئي، كآلية جديدة من شأنها الإسهام في دعم المخطط الوطني لترقية التشغيل ومكافحة البطالة، مستدلا بنجاح هذه الصيغة في الدول المتقدمة، في حين أثار في الشق الخاص بترقية الحكامة وترشيد النفقات فكرة استحداث مراقب الحكامة على مستوى المؤسسات والإدارات المركزية والمحلية وذلك على شاكلة المراقب المالي المنصب على مستوى الوزارات والولايات والدوائر والبلديات. في المقابل، بدا نواب جبهة القوى الاشتراكية متشائمين إزاء نجاح مخطط عمل حكومة عبد المالك سلال، منتقدين غياب آلية واضحة لتنفيذه في الميدان، واعتبر النائب ارزقي درقيني أن “مالم يتم تحقيقه في نصف قرن لا يمكن تحقيقه في سنتين”، بينما أعاب زميله في الحزب نور الدين بركاين على المخطط خلوه من تقييم عمل الحكومة في الفترة السابقة، ولا سيما في مجال مكافحة الفساد، واعتبر في هذا الصدد أن “إعطاء مقر جديد للديوان الوطني لمكافحة الفساد لا يكفي وحده ليرد الاعتبار لهذا الجهاز الذي لم يعد لحد الآن تقريرا حول الفساد في البلاد”، كما دعا المتحدث إلى تفعيل مجلس المحاسبة الذي يعد الهيئة العليا للرقابة بصفته جهازا دستوريا مستقلا . من جهتهم، نواب تكتل الجزائر الخضراء طالبوا بدعم مخطط عمل الحكومة بإجراءات قانونية للدفاع عن مبادئ الهوية الوطنية، ولا سيما منها تعاليم الإسلام واللغة العربية، وأشار النائب حمدادوش في هذا الإطار إلى ضرورة تطبيق الإجراءات التنظيمية المتعلقة بترقية اللغة العربية وتعميم استعمالها في مؤسسات الدولة، معتبرا تعامل الدبلوماسية الجزائرية مع قضية المساس بالدين الإسلامي والإساءة إلى الرسول الكريم “كانت محتشمة”، فيما قدر النائب عبد الرحمان بين فرحات بأن مخطط عمل الحكومة يحمل آمالا كبيرة للشعب الجزائري، ولذا لابد من دعمه بإرادة قوية في التنفيذ، واعتبر في هذا الصدد “هشاشة القرارات السياسية لا تغير من البيروقراطية الإدارية ولا تحد من توسع أخطبوط الفساد”، داعيا لدى تطرقه إلى محور الأمن الغذائي إلى دعم إمكانيات الفلاحين، ولا سيما في بعض الولايات القادرة على تخليص الجزائر من التبعية وحتمية الاستيراد، “مثلما هو حال ولاية الاغواط”. وعاد بعض نواب تكتل الجزائر الخضراء لدى تناولهم مسألة تعديل الدستور إلى التأكيد على أن النظام البرلماني هو الأنسب لخدمة شؤون البلاد. وتتواصل أشغال مناقشة مشروع مخطط عمل الحكومة اليوم في يومها الثالث، على أن تستمر إلى غاية يوم الأحد القادم، حيث ستختتم بمداخلات رؤساء الكتل البرلمانية، فيما سيرد الوزير الأول عن انشغالات النواب بعد ظهر يوم الثلاثاء المقبل، ليتم بعد ذلك عرض المخطط للتصويت.