ينتظر أن تعطي الزيارة التي يقوم بها وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي إلى المملكة المتحدة منذ أمس بدعوة من نظيره البريطاني السيد وليام هيغ دفعا جديدا لعلاقات التعاون الثنائية التي عرفت انتعاشا خلال الاشهر الاخيرة لاسيما بعد الزيارة التي قام بها وزير خارجية بريطانيا للجزائر شهر أكتوبر من السنة الماضية والتي مهدت الطريق أمام الزيارات المتتالية للمسؤولين البريطانيين على أعلى مستوى. وتعددت محاور التعاون الثنائي لتشمل مناقشة الوضع السياسي وقضايا مكافحة الارهاب والفرص التجارية بين المؤسسات الجزائرية والبريطانية في مجال الصحة، التعليم، الطاقة، التعاون البرلماني والتجارة من خلال الزيارات المكثفة لبعثات رجال الاعمال البريطانيين الذين أبدوا تفاؤلهم بخصوص فرص الشراكة التي توفرها السوق الجزائرية. من جانبه، كثف الطرف الجزائري من زياراته إلى لندن ولعل أبرزها تلك التي قام بها وفد سونلغاز إلى لندن في شهر جوان الماضي والتي جلبت نتائج إيجابية لكلا الطرفين في مجال التكوين والتعاون التكنولوجي والشراكة التجارية. وكان السفير البريطاني بالجزائر مارتن روبر، قد صرح مؤخرا أن مساعي اليوم تتركز على تعميق التعاون بشكل أوثق وتحقيق نتائج ترضي الطرفين. بمواصلة العمل مع الجزائر على المستوى الرفيع، مشيرا إلى أن "إنجاح أي علاقة ثنائية يستلزم منا بذل جهد مستمر. لكننا نقوم أيضا بالكثير من الخطوات نحو تعميق العلاقة في مجالات أخرى. إن أردنا الوصول إلى نتائج حقيقية. من خلال بذل المزيد من الجهد لتسهيل الاتصال المباشر بين شركات البلدين". وبهدف ترجمة الارادة السياسية لبعث مجالات هذا التعاون، فقد عين الوزير الأول البريطاني، دافيد كامرون، اللورد ريسبي كمبعوث خاص للشراكة الاقتصادية مع الجزائر، مكلف بمهمة ترقية التجارة لفائدة المؤسسات البريطانية. حيث سبق أن قام بزيارة إلى الجزائر في جانفي 2012، ويعكس التعيين رغبة بريطانيا في تدعيم العلاقات الاقتصادية مع الجزائر، حيث تتمثل مهمة اللورد ريسبيفي في لعب دور المسهل، إلى جانب الدور الذي كانت تلعبه لايدي أولغا مايتلاند، رئيسة جمعية الأعمال البريطانية الجزائرية، منذ سنوات عديدة. كما أن هذا التعيين يأتي في الوقت الذي تمول فيه بريطانيا العديد من المشاريع المهمة مع الجزائر. والتي تحمل بعدا اجتماعيا أو اقتصاديا مثل مساعدة الشباب على توسيع فرص العمل. وفي هذا الصدد، فقد تم مؤخرا فتح وكالة بنكية جديدة، وهي أول فرع لبنك "أيتش إس بي سي" بعاصمة الغرب الجزائري والثالث على الصعيد الوطني. وذلك في انتظار فتح وكالتين أخريين تابعتين لنفس البنك، قريبا، بحاسي مسعود وسطيف كما أعلنه مسؤولو البنك الذين أشاروا إلى أن مؤسستهم متواجدة في 85 بلدا بما فيها الجزائر التي يشتغل بها 150 إطارا شابا من الموارد البشرية المحلية. يذكر أن الصادرات البريطانية إلى الجزائر قد فاقت الضعف خلال السنوات الخمس الاخيرة. وفي 2009 ارتفعت بنسبة 22بالمائة مقارنة بسنة 2008 وبلغت 327 مليون جنيه استرليني (نحو 385 مليون يورو). وتعتبر بريطانيا من أكبر مستثمري الاتحاد الاوروبي في الجزائر، حيث استثمرت 115 مليون يورو في 2008. وغالبا ما تستثمر في قطاعي النفط والغاز. وبالاضافة إلى الجانب الاقتصادي فقد كثف البلدان تعاونهما في المجال الامني بإنشاء لجنة ثنائية لمكافحة الارهاب، حيث كان الوزير البريطاني المنتدب المكلف الشرق الاوسط وشمال إفريقيا اليستير بارت قد أوضح بخصوصها أنها (اللجنة) تعد أداة عمل "ستسمح لبريطانيا والجزائر بالعمل على تقاسم المعلومات والتدريب". واصفا الجزائر ب«الشريك الاساسي وأنه "من الضروري أن يعمل البلدان سويا بشكل فعال" في مكافحة الارهاب. أما على المستوى الثقافي فإنه يشهد بدوره نشاطا لاسيما فيما يتعلق بتكوين أساتذة اللغة الإنجليزية عبر الوطن والجمع بين الجامعات الجزائرية والبريطانية بهدف تطوير روابط رسمية، بالإضافة إلى تطبيق المشروع العملاق الذي يحمل اسم "الأطفال يقرأون" والذي يهدف إلى تشجيع تلاميذ المدارس الابتدائية على القراءة من أجل المتعة داخل وخارج المدرسة.