عرض أوّل أمس الفيلم الوثائقي الجزائري «سينمائيو الحرية» بحضور مخرجه سعيد مهداوي وجمهور من المتتبعين ضمن الدورة الخامسة والثلاثين من مهرجان القاهرة السينمائي وبمناسبة الاحتفال بخمسينية استقلال الجزائر. قدّمت بالمناسبة على لسان مجموعة من الروّاد الأوائل لسينما الثورة في الجزائر، وكذا سياسيين وأكاديميين، لمحة عن دور وسائل الاتّصال في دعم ثورة التحرير الوطني مع التركيز بصفة خاصة على مساهمة الفيلم والصورة في نقل صورة وصوت الثورة إلى الرأي العام العالمي. في هذا السياق، أشار سعيد مهداوي إلى أنّه بسبب ندرة المادة الأرشيفية التاريخية المصوّرة، تمّ اللجوء إلى جمع شهادات الشخصيات التي ساهمت من قريب أو بعيد في سينما الثورة من أمثال روني فوتي، بيار شولي، لمين مرباح وأحمد راشدي ومسؤولين أثناء الثورة، للتعريف بما قام به هؤلاء من أعمال لصالح الثورة بمساهمة مجموعة أخرى من السينمائيين والمصورين الجزائريين والأجانب، ومنهم فرنسيون وأمريكيون وصرب وكروات، رافقوا بكاميراتهم المجاهدين وصوّروا أفلاما وألبومات عن عمليات عسكرية ومعارك ضدّ قوات المستعمر الفرنسي نقلت شهادات حية للرأي العام العالمي عن حقيقة الحرب الجارية في الجزائر، ودفعت بالقضية الجزائرية إلى البروز على الساحة الدولية. وأضاف مخرج «سينمائيو الحرية»، أنّ الروبورتاجات المصوّرة التي أعدّها هؤلاء عن الوضع المزري وحالة الفقر المدقع لآلاف اللاجئين الجزائريين على الحدود وصوّر عمليات القمع والقتل الممنهج ضدّ الجزائريين في الداخل، أحدثت صدمة كبيرة للرأي العام العالمي والمنظمات الإنسانية وكانت نتيجتها اتّساع رقعة حملات التضامن مع الشعب الجزائري من أجل نيل الحرية. ويسلّط «سينمائيو الحرية» الضوء على العقيدة الاستعمارية عبر الصورة والفيلم وكتاب لتجسيد النظرة الكولونيالية تقنيا في الأفلام والصور التي تناولت الحياة في الجزائر في تلك الفترة وتم تقديمها للرأي العام الغربي على أنّها الحقيقة قبل أن تنشئ الثورة جهازها الإعلامي والدعائي المضاد. من جهته، ابرز الإعلامي جمال حازورلي في مداخلته، أنّ السينما الجزائرية التي ولدت من رحم الثورة كان لها دور كبير في فك الحصار الإعلامي الفرنسي عنها ونقل القضية الجزائرية إلى المحافل الدولية، لا سيما هيئة الأممالمتحدة. وأضاف أنّ السينما الجزائرية تأثّرت بالثورة أيضا فيما بعد. حيث أصبحت المادة الملهمة لأشهر الأعمال السينمائية الجزائرية التي دخلت نطاق العالمية. ومن جهته، تطرّق الناقد المصري احمد فايق إلى «السينما الجديدة في الجزائر» والتي بدأت تتّجه في موضوعاتها إلى جوانب أخرى من الحياة المجتمعية مثل موضوع المرأة والصراع بين التقليد والمعاصرة. مشيرا إلى أنّ هذه الموجة من السينمائيين الشباب استطاعت كسر العديد من الطابوهات المجتمعية التقليدية، منوّها بجوّ الحرية السياسية وحرية الرأي في الجزائر الذي ساعد هذه السينما على البروز وطرق باب الشهرة على الساحتين العربية والدولية. وفي نفس السياق، عرض أوّل أمس أوّل عرض لفيلم «التائب» للمخرج الجزائري مرزاق علواش المشارك في مسابقة الأفلام السينمائية الدولية، والذي يروي ما خلّفه الإرهاب الهمجي في الجزائر من ويلات طيلة عدّة سنوات، ومن خلال شخصية بطل الفيلم « التائب» حاول المخرج خلق شخصية سينمائية مثيرة في سياق درامي مشوق يعتمد الغموض والحبكة البوليسية في بعض مقاطعه. ويجمع المخرج مرزاق علواش شخصياته الثلاث الرئيسية في رحلة طويلة تحتل الجزء الاخير من الفيلم، وهي رحلة يحتل الصمت جانبا منها فتبدو الشخصيات الثلاثة فيها ترزح تحت ثقل مآساة الإرهاب الوحشي الذي عاشته البلاد. ومن بين الأفلام التي ستتنافس على جوائز المسابقة الدولية فيلم «مصور قتيل « للمخرج المصري كريم عادل، الفيلم العراقي «مثلث الموت» لعدنان عثمان، «تورا بورا» للمخرج الكويتي وليد العوضي، «مملكة النمل» للتونسي شوقي الماجري، الفيلم الإيراني «حياة السيد والسيدة ميم الخاصة» للمخرج روح الله حجازي، الفيلم الأذري «رجل السهول « للمخرج شامل علياف، الفيلم التركي «الحب في حديقة الأسرار» للمخرجة زينب أوسستينيبك، والفيلم الصيني «طرد» للمخرج لوو جيايونج، والبريطاني»الرحلة الأخيرة لأبوجا» من توقيع أوبي إيميلوني، إلى جانب أفلام من اليونان، إيطاليا، إسبانيا، البرازيل وفينزويلا، وكذا المغرب ولبنان.