حملة دولية لفضح انتهاكات المغرب لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية توالت مواقف التأييد الدولية للقضية الصحراوية وحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، منذ إصدار المحكمة العسكرية بالعاصمة الرباط أحكاما جائرة بلغت حد المؤبد في حق 24 ناشطا حقوقيا صحراويا، ذنبهم أنهم دافعوا عن فكرة استقلال بلدهم. ويتأكد من خلال ردود الفعل المنددة بهذه الأحكام، أن السلطات المغربية أخطأت تقدير الموقف بعد أن انعكست هذه الأحكام سلبا على صورة "ديمقراطية" لمملكة استبدادية. فقد نددت الحركة المناهضة للعنصرية ومن أجل الصداقة بين الشعوب ب«الصمت المطبق" التي تلتزمه السلطات الفرنسية بخصوص هذه الأحكام، وأكدت أنه "منذ 17 فيفري تاريخ إصدار هذا الحكم الجائر، ورغم تزايد التصريحات المشيدة بإرادة فرنسا في الدفاع عن حقوق الإنسان في كل مكان، إلا أنها تحدث الاستثناء كلما تعلق الأمر بقضية الصحراء الغربية، حيث التزمت باريس صمتا مطبقا بلغ حد التواطؤ مع هذه المهزلة القضائية". وأضافت المنظمة أن "الدبلوماسية الفرنسية تنوه بعلاقاتها الجيدة مع السلطات المغربية، معتبرة أن حقوق الإنسان محترمة في المغرب بدعوى وجود مجلس وطني لحقوق الإنسان"، وأعربت الحركة عن استغرابها كون هذا المجلس "لم يصدر حتى الآن أي رد فعل حول هذا الموضوع". وحثت لأجل ذلك السلطات الفرنسية بإبداء موقف واضح، والمطالبة بإلغاء هذه الأحكام وإطلاق سراح الحقوقيين الصحراويين. كما طالبت أحزاب إسبانية ببلدية فوينلا براثة بمقاطعة العاصمة مدريد، السلطات المغربية بالإفراج عن المعتقلين السياسيين الصحراويين وعلى رأسهم مجموعة أكديم إيزيك الذين مثلوا أمام محكمة "لا تتوفر على أبسط شروط المحاكمة العادلة"، بعد أن اعتمدت على محاضر أمنية ملفقة وتهم لا أساس لها من الصحة، على اعتبار أن اعترافات النشطاء الصحراويين أخذت تحت طائلة التعذيب. وطالبت هذه القوى بتوسيع صلاحيات بعثة "مينورسو" لتشمل مراقبة وحماية حقوق الإنسان في المدن الصحراوية المحتلة. وفي نفس السياق، طالبت جمعيات الصداقة والتضامن مع الشعب الصحراوي الباسكية وجمعيات الجالية الصحراوية بمدن بيلباو وفيتوريا وسان سيباستيان المجتمع الدولي، بممارسة المزيد من الضغط على الحكومة المغربية لإرغامها على إطلاق سراح كافة المعتقلين الصحراويين، بعد أن اعتبرت المحاكمة التي أخضع لها نشطاء مخيم أكديم أزيك "انتهاكا سافرا" لحقوق الإنسان. وقاطعت كارين وولد سميث النائب الأوروبية عن حزب التقدم ونائب رئيس المجموعة الأوروبية الديمقراطية في المجلس الأوروبي، اجتماعات المجلس في المغرب شهري مارس وأفريل القادم، احتجاجا على "المحاكمة الظالمة ضد أبطال ملحمة أكديم إيزيك وعدم وجود تقدم في معالجة مسألة حقوق الإنسان في المغرب". ويبدو أن متاعب السلطات المغربية مع المنظمات الحقوقية الأوروبية والدولية لن تنتهي، وخاصة بعد إقدام الرباط مؤخرا على طرد وفد برلماني أوروبي كان يعتزم زيارة مدينة العيونالمحتلة للوقوف على حقيقة الانتهاكات المغربية لأدنى حقوق الإنسان الصحراوي، حيث انتقد مراقبون أوروبيون سياسة "العنف والإهانة" التي تنتهجها سلطات الرباط ضد المراقبين الأجانب الذين يبدون رغبة في التوجه إلى إقليم الصحراء الغربية المحتل. وقال البرلماني الليبرالي ووزير خارجية سلوفينيا السابق إيفو فاغل أن طرد وفد البرلمان الأوروبي ومنعه من زيارة الأراضي الصحراوية يعد "تصرفا مهينا وغير مقبول". وهو ما جعله يطالب ب«منع سفير المغرب ببروكسل من ولوج مقر البرلمان الأوروبي" كرد فعل على تصرف السلطات المغربية. كما أشار كوهن بانديت نائب الخضر في البرلمان الأوروبي، إلى أنّ المغرب يريد من وراء سياسته الجديدة "إخفاء الحقيقة" في الصحراء الغربية في توافق مع مضمون تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، الذي طالب بضرورة تمكين بعثة المينورسو من القيام بكافة صلاحياتها بما فيها الاتصال بالمواطنين الصحراويين والتقرير عن كل ما يجري في هذا الإقليم المحتل. وقال إن كفاح الشعب الصحراوي أوصل المغرب إلى "قمة التناقضات"، بحيث "لم يبق أمامه إلا أن يختار بين مواصلة الاحتلال والاستمرار في سياسة التعذيب أو طي صفحة التعنت والامتثال للشرعية الدولية". ولفت البرلماني الأوروبي إلى أن السلطات المغربية لم تمنعهم فقط من الوصول إلى المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، وإنما طردتهم من المغرب نفسه وهو ما يتطلب كما قال "ردا واضحا وموقفا صارما" من الإتحاد الأوروبي والمجموعات البرلمانية. ومن جهتها، اعتبرت إيزابيلا لوفين النائب الأوروبية السويدية عن كتلة الخضر أن ترخيص الصيادين الأوروبيين الصيد في المياه الإقليمية للصحراء الغربية "انتهاك" للقانون الدولي و"مساس" لحقوق الشعب الصحراوي والإنسان. وأكدت رفقة النواب الذين منعوا من زيارة الصحراء الغربية أن "المغرب ينتهك حقوق الصحراويين"، مطالبة ب"إلغاء" اتفاق الصيد مع احترام اتفاق الصيد الذي يربط الاتحاد الأوروبي والمغرب للقانون الدولي.