تتواصل الجهود والمساعي الحثيثة لتهدئة الأوضاع في الولايات المتوترة بجنوب البلاد، وطمأنة الشباب الغاضبين وتحسيسهم بأهمية الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتكفل العاجل والاستثنائي بانشغالهم المرتبط بظروف التشغيل في هذه المناطق. وقد أكد الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، السيد عبد المجيد سيدي السعيد، في اجتماعه، أول أمس، بممثلي الشباب والحركة الجمعوية والمجتمع المدني والمنتخبين بولاية ورقة وبحضور الوالي، أهمية انتهاج أسلوب الحوار كوسيلة لتسوية المشاكل المتعلقة بالتشغيل، داعيا في نفس الصدد إلى التحلي بالوعي والمسؤولية لفتح قنوات الحوار والبحث سويا عن الحلول للانشغالات الشرعية لشباب المنطقة. وشكل اللقاء فرصة لممثلي الشباب والحركة الجمعوية والمجتمع المدني المحلي لطرح عدة انشغالات ذات الصلة بمسألة التشغيل والتنمية المحلية وتكافؤ الفرص، منددين بالمناسبة بكل محاولات توجيه واستغلال المطالب الاجتماعية لشباب الولاية. وتركزت الانشغالات المطروحة بوجه خاص حول ضرورة مضاعفة الجهود لتوفير عروض العمل في قطاع الطاقة ومراقبة آليات التوظيف والتصريح بعروض العمل وإعطاء الأفضلية لشباب المنطقة في التوظيف وفتح قنوات مباشرة وجادة للتواصل مع البطالين. كما ألح المشاركون على ضرورة الربط بين التكوين والتشغيل ومكافحة أشكال التفرقة في التوظيف، وطالبوا أيضا بضمان وجود ممثلين نقابيين في مؤسسات المناولة ومعالجة الغموض التام الذي يحيط حسبهم بتسيير صناديق الخدمات الاجتماعية للمؤسسات الأجنبية العاملة في المنطقة، داعين في نفس السياق إلى السهر على تنفيذ الأحكام القضائية بخصوص النزاعات المهنية وفتح وحدات جديدة للإنتاج خارج المحروقات ومنح حصص للشباب في برامج السكن وتحسين الإطار المعيشي العام بالولاية. كما شدد المسؤول النقابي في لقاء آخر بحاسي مسعود جمعه بالأمناء العامين ل13 ولاية من جنوب البلاد على ضرورة مساهمة مجمل الفاعلين النقابيين في حل معضلة البطالة بالجنوب، داعيا سكان هذه الولايات إلى الابتعاد عن كل سلوك قد يمس باستقرار البلاد والالتفاف حول القرارات والمخططات المتخذة التي من شأنها الاستجابة لانشغالات الشباب. وأوصى المتحدث في هذا الإطار بتنصيب لجنة دائمة تضم أعضاء عن الاتحاد العام للعمال الجزائريين والسلطات المحلية وممثلين عن المجتمع المدني تعنى بانشغالات الشباب في ولاية ورقلة ثم تعمم على سائر ولايات الجنوب، وتتكفل بالوقوف على عملية التشغيل بهذه الولاية وتوفير مناصب شغل للشباب بحسب اختصاصاتهم. وتجدر الإشارة إلى أن الأجهزة العمومية للتشغيل مكنت في 2012 من استحداث أكثر من 3000 منصب شغل بولاية ورقلة، فيما تم بولاية الاغواط استحداث حوالي 12600 منصب شغل في إطار جهاز المساعدة على الإدماج المهني خلال نفس السنة، غير أن المشاكل المطروحة في مجال التشغيل بولاية الجنوب، تتعدى مجال الوفرة المتاحة في مناصب العمل، وترتبط بالأساس بالاختلالات الحاصلة في عمليات التوظيف والمعتمدة من قبل بعض الشركات ومؤسسات المناولة وكذا بالفوارق المسجلة في هذه العملية والتي تنمي إحساسا بالظلم والإقصاء في نفوس شباب ولايات الجنوب. وفي نفس السياق، شرعت مختلف الهيئات والمؤسسات المعنية بمجالي التشغيل والتكوين في تنفيذ تدابير تعليمة الوزير الأول لتسيير سوق الشغل في ولايات الجنوب، حيث تتزامن عمليات تنصيب اللجان الولائية المكلفة بالمتابعة، مع الإعلان عن إدراج الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب لبنود جديدة في عقود الشراكة بين الشركات الكبرى ومؤسسات المناولة، وإطلاق دورات تكوينية في مجال المحروقات، وذلك في خضم مساع حثيثة لطمأنة الشباب في الجنوب ودعوتهم إلى التحلي بالمسؤولية واتباع طريق الحوار كأسلوب أمثل لحل المشاكل المطروحة. فقد أعلن المدير العام للوكالة الوطنية للتشغيل، السيد محمد الطاهر شعلال، أمس، أنه في إطار تطبيق إجراءات تعليمة الوزير الأول عبد المالك سلال، أدرجت الوكالة بنودا جديدة في عقود الشراكة بين الشركات الكبرى الأصلية والمؤسسات المناولة، وذلك بالنظر إلى كون أكبر مشكل يطرح في مجال تشغيل بولايات الجنوب والذي أثار حسبه احتقانا لدى الشباب الطالبين للعمل مرتبطا بطرق التوظيف التي تقوم بها مؤسسات المناولة المتواجدة في المنطقة. وأشار المتحدث في حديث للإذاعة الوطنية إلى أن عمليات الرقابة والتفتيش التي قامت بها مفتشية العمل في 2012، كشفت بأن مؤسسات المناولة ترفض 90 بالمائة من طلبات العمل التي تتقدم بها الوكالة الوطنية للتشغيل، "في وقت يستفيد أشخاص من ولايات أخرى من 97 بالمائة من عمليات التوظيف التي تقوم بها هذه المؤسسات دون المرور عبر الوكالة". وفي سياق متصل، اعترف السيد شعلال بوجود فوارق كبيرة في أجور نفس المناصب لعمال مؤسسات المناولة مقارنة مع أجور الشركات الكبرى الأصلية، والتي لا تكلف نفسها على حد قوله، عناء توفير فترات تكوين لتأهيل الموظفين الجدد، مثلما ينص عليه القانون في بعض الحالات، مذكرا بأن تعليمة الوزير الأول التي جاءت لحل معضلة التشغيل في هذه الولايات تنص على عقوبات إدارية وقضائية ستطبق ضد المؤسسات التي تخالف هذه الإجراءات الجديدة. وفضلا عن الإجراءات المتخذة من قبل الوكالة الوطنية للتشغيل، فقد انطلقت في بعض ولايات الجنوب عمليات تنصيب اللجان الولائية القطاعية المكلفة بمتابعة تنفيذ تدابير تسيير ملف التشغيل المتضمنة في تعليمة الوزير الأول، حيث تم بولاية غرداية التنصيب الرسمي لهذه اللجنة التي يترأسها الوالي وتضم عدة قطاعات وزارية ومديريات تابعة لقطاعي التشغيل والتجارة. وستستهل اللجنة عملها وفقا لتعليمات الوالي السيد أحمد عدلي بإعداد تشخيص حقيقي لقطاع التشغيل من أجل إيجاد حلول ملائمة تستجيب لتطلعات السكان، على أن تجتمع مرة في الأسبوع لدراسة الوضعية ورصد مواطن الضعف، وتقديم الحلول الكفيلة بتقليص البطالة. وفي سياق متصل، أعلنت وزارة التكوين والتعليم المهنيين عن إطلاق برنامج تكويني مكثف بالتعاون مع فروع مجمع سوناطراك، يشمل تنظيم دورات تكوينية في مجال المحروقات بولايات الجنوب وذلك قبل نهاية مارس الجاري، موضحة بأن هذه الدورات التي يجري الاتصال حولها في الوقت الحالي مع بعض فروع المجمع النفطي ستمكن شباب الجنوب من تعلم بعض المهن على غرار صناعة الأنابيب والتلحيم والكهرباء الصناعية وتركيب أنابيب نقل النفط.