لم يقتصر التغيير بمحلات العاصمة على الألبسة الجاهزة للنساء وللرجال على السواء، وإنما نالت ملابس الأطفال حظها الوافر من التجديد. ويمكن للأمهات أن يجدن ضالتهن وبأسعار معقولة جدا، كما يمكنهن كذلك التجوال بين الأسواق والمحلات قبل أن يقررن شراء هذا المنتوج أو ذاك؛ لأن الوفرة ملحوظة، ولا داعي للتسابق والتطابع حتى باقتراب المناسبات. وفرة كبيرة في ملابس الصغار لاحظتها «المساء» خلال جولة لها بمحلات الجزائر الوسطى مؤخرا، فرغم أن أحوال الطقس لم تستقر بعد وماتزال بعض البرودة تطبع أيام الربيع الحالية، إلا أن الألبسة الخفيفة ولا سيما الصيفية، قد وجدت لنفسها مستقرا بأسواق العاصمة الشعبية، ناهيك عن المحلات التجارية لبيع الألبسة الجاهزة الموجَّهة للأطفال. والملاحَظ في مثل هذه الفترة من السنة أن أصحاب المتاجر يلجأون إلى الجمع بين الألبسة للموسمين؛ كأن تجمع الرفوف ما بقي من ألبسة الموسم الشتوي مع اعتماد تخفيض في أسعارها بهدف صرفها. بالمقابل، نلاحظ جديد الألبسة الربيعية والصيفية على السواء، وقد تَفنّن التجار في عرضها بما يجلب الأنظار. ففي محل «أمينو» العملاق المتخصص في ألبسة الأطفال واللعب وحتى الأدوات المدرسية، عمد الباعة إلى رص الفساتين والتنانير وحتى السراويل للجنسين بطريقة تعتمد على إظهار الألوان الزاهية على الواجهة الزجاجية للمحل، وهي طريقة ذكية لجذب أنظار الآباء نحو الملابس؛ بما يوحي أن المحل يعرض ألبسة الربيع والصيف لمن يبحث عنها. وبالمحل تحدّث إلينا أحد الباعة وهو يؤكد أن الألبسة اليوم موجودة بالطريقة التي ترضي أذواق الزبائن وجيوبهم أيضا، ويقصد بذلك أنه بالنظر إلى اتساع الأنشطة التجارية بمجتمعنا، اتسعت معها دائرة المنافسة بما يخدم الزبون في الأخير، وهذا ما يجعل التاجر اليوم يراهن على الجودة؛ «وهذا بالضبط ما نحرص عليه في محلنا هذا. وما لاحظناه أن الآباء حاليا، وخاصة منهم الأمهات، أصبحوا يبحثون من تلقاء أنفسهم عن الملابس الجيدة دون الإمعان في السعر حسب المثل الشعبي القائل: «اغسل والبس»، لأن بعض السلع صينية الصنع لا يتعدى عمرها الغسلتين، لذلك يفضّل بعضهم اقتناء سروال أو فستان بسعر لا يتعدى حدود الألفي دينار مع ضمان نوعيته الجيدة»، يقول ذات البائع. من جهتها، تشير بائعة ملابس الأطفال بمحل بشارع «علي بومنجل»، إلى أنها لاحظت أن الأمهات بدأن مبكرا في سباق التحضير لعيد الفطر قبل انتهاء العام الدراسي، وهي ترى الأمر عاديا جدا من منطلق وفرة المنتوج من ألبسة أطفال متنوعة الخامات والألوان، تقول: «نحن نوفر ألبسة الصغار بحسب المواسم، ولأن تَحسّن الطقس يبدأ عادة مع حلول الأيام الأولى لشهر مارس، فإننا، من جهتنا، نحضّر لمواجهة الطلب على ألبسة الصيف. كما لاحظنا أن بعض ربات الأسر بدأن مبكرا في التحضير لاستقبال عيد الفطر المبارك، وهذا من خلال اقتناء ما يَرينه مناسبا من ملابس لأطفالهن، خاصة أن الألبسة الصيفية متوفرة اليوم، والمناسبة الشريفة ستحل بعد حوالي ثلاثة أشهر وفي عز الصيف». وفي الموضوع، ترى أم أيمن ذي الخمس سنوات، أن ملابس الأطفال مع الوفرة الكبيرة فيها إلا أنها مفروضة، تقول: «عندما أقرر شراء بعض الألبسة لصغاري أقوم بعدة جولات بين عدة محلات، ولكن الملاحَظ أن السلع تتشابه كثيرا، خاصة الألبسة الموجَّهة للبنات، كلها بألوان فاقعة وتُستعمل فيها بعض الزينة المبالَغ فيها. أما بالنسبة لملابس الذكور فهي الأخرى تتشابه؛ «سراويل جينز وتيشورت»، الاختلاف الوحيد الملموس أراه في الأسعار فقط بين محل وآخر». أما السيدة نضيرة فترى هي الأخرى أن فيه تنوعا كبيرا يُرضي جميع الأذواق والمداخيل، وهو الأمر الذي لم يكن ملموسا في سنوات خلت، غير أنها تشير إلى فقدان ملابس الأطفال لسمة الطفولة المعهودة؛ بسبب تشابهها إلى حد التطابق مع ألبسة الراشدين؛ «نبحث عن ملابس للبنات؛ فنجد سراويل «السْليم» الضيقة أو حتى الفساتين ذات ألوان تُلبس عادة في السهرات والمناسبات». وفي السياق، ترى أم أشرف أن المستوردين لهم دور في تغيّر مظهر الطفل الجزائري؛ باستيرادهم لألبسة الأطفال لا تحمل في جوهرها سمة الطفولة، والآباء يجدون أنفسهم مرغَمين على شرائها بالنظر إلى تشابهها في جميع المحلات. وبين هذا وذاك فإن مهرجان الألوان قد بدأ فعلا في محلات ألبسة الأطفال، والأكيد أنه سيعرف ذروته في بداية شهر جوان؛ تحضيرا لاستقبال رمضان وبعده عيد الفطر المبارك، وسيتواصل في استقطاب أنظار الأطفال وجيوب آبائهم، ليمتد إلى استقبال عام دراسي جديد، وهكذا.