افتتح كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية، المكلف بالجالية الوطنية بالخارج، السيد بلقاسم ساحلي أمس بوهران، فعاليات الاجتماع الثاني لفوج العمل المعني بتعزيز قدرات مكافحة الإرهاب في بلدان الساحل، وذلك بمشاركة العديد من ممثلي بلدان القارات الخمس. للعلم، فإن هذا الاجتماع يدخل في إطار المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي يضم عضوية 30 بلدا مؤسسا، ويجمع حوله أهم الفاعلين والمقررين من مختلف الجنسيات في مجال مكافحة الإرهاب. وفي هذا الإطار، أكد السيد بلقاسم ساحلي، أن استضافة هذه الجلسات بالجزائر للمرة الثانية ما هي إلا تعبير من أن الدولة الجزائرية ملتزمة تماما بإنجاح هذه الأعمال، وبالتالي أشغال هذا المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب علما – يقول كاتب الدولة المكلف بالجالية الجزائرية بالخارج - أنه منذ تأسيس هذه المجموعة وهي تواصل تحقيق الإنجازات في مشوارها الثري، وذلك بفضل الالتزام الجماعي ومجهودات الرئاسة المشتركة للكندية سابين نولك والجزائري، السيد محمد كمال رزاق بارة. وفي هذا الإطار، أبرز السيد بلقاسم ساحلي قوة الخطة المنهجية الموضوعة لتنظيم الأشغال والأهداف المسطرة، التي تشمل على وجه التحديد تعزيز التعاون الإقليمي والدولي مع تحديد نقاط الضعف والاحتياجات، بالإضافة إلى تعبئة الموارد وكافة الخبرات إلى جانب تحديد المجالات ذات الأولوية المتمثلة في أمن الحدود والتعاون القانوني والقضائي، إلى جانب التعاون ما بين مختلف أجهزة الشرطة ومكافحة تمويل الإرهاب. وإلى جانب هذا، نوه السيد بلقاسم ساحلي بالإرادة الجماعية لتعزيز قدرات دول الساحل، التي تبقى مفتاحا هاما لتمكين دول المنطقة من التحكم التام في إشكالية الأمن، مشيرا بالمناسبة إلى ورشة العمل حول التطرف العنيف في إفريقيا الغربية التي انعقدت في مدينة واغادوغو في شهر أفريل الماضي، وكذا الاجتماع التقني للخبراء حول أمن الحدود الذي احتضنته مدينة نيامي في شهر ماي من العام الماضي، إضافة إلى مذكرة الجزائر حول الممارسات الحسنة في مجال الوقاية من الاختطافات من أجل طلب الفدية للإرهابيين والقضاء على المزايا المنجزة عن ذلك، تمثل أهم لبنة في العمل التقنيني المحقق، كما ورد في قرار مجلس الأمن رقم 2100 بتاريخ 25 أفريل 2013 حول الوضع في مالي. وفي هذا الإطار، أشار السيد ساحلي إلى التصريح الهام لمجموعة دول الثمانية الكبار الذي رفضت فيه وبشكل قاطع دفع الفدية للمجموعات الإرهابية، مقابل الإفراج عن الرهائن. وبالنظر إلى الوضع الحالي وحالة التهديد الإرهابي والإجرام المنظم العابر للقارات الحاضرين دائما في منطقة الساحل، قال السيد ساحلي بأن تهديد استقرار المنطقة يفرض على كافة الخبراء وضع آليات جديدة وتصورات آنية لمحاصرة تطور انفلات الوضع الأمني، وتقييم التهديد الذي تتعرض له المنطقة برمتها، خاصة وأن المجموعات الإرهابية المنخرطة في الإجرام العابر للحدود لا تزال تشكل خطرا حقيقيا على أمن المنطقة، رغم الخسائر الكبيرة التي لحقت بها، وخير دليل على ذلك، كما قال كاتب الدولة المكلف بالجالية الجزائرية بالخارج، هي العمليات الإرهابية التي استهدفت المنشأة الغازية بتڤنتورين بإن أمناس بالجنوب الجزائري، وكذا مناطق أرليت واغاديس بالنيجر. ليخلص السيد ساحلي في كلمته، إلى أن الترابط القوي ما بين الإرهاب والجريمة المنظمة في منطقة الساحل يفرض القضاء عليهما، لكونهما تشكلان تهديدا واحدا، وبالتالي يتعين تجفيف مصادر الثراء غير الشرعي والإجرامي حتى تتمكن المنطقة من العودة إلى قواعد اقتصاد خلاق للثروات ولمناصب الشغل. أما السيدة سابين نولك (كندا)، رئيسة مجموعة العمل في منتدى مكافحة الإرهاب بدول الساحل، فقد أكدت في كلمتها، أن وجود ممثلي المجتمع العالمي في وهران لحضور والمشاركة في المنتدى، هو في حد ذاته نجاحا كبيرا لمواجهة الإرهاب الأعمى المستشري في دول الساحل، كما تبين من جهة أخرى، إصرار ممثلي مختلف دول العالم على محاربة هذه الظاهرة السلبية التي لا مجال لوجودها، خاصة بعد الاعتداء الإجرامي الجبان على منشاة تيڤنتورين التي خلفت ضحايا كثيرين، من بينهم إطارين كنديين وأناس آخرين من مختلف الجنسيات. وفي هذا الإطار، عادت السيدة سابين نولك إلى هجوم تيڤنتورين، معتبرة إياه تعديا على واحد من رموز الشراكة العالمية، كونه يلم شمل العديد من الجنسيات ومن الخبرات الكبيرة والهائلة التي كانت متمركزة بعين المكان، من أجل تقديم الخدمات الجليلة لكافة سكان المعمورة، لذا - تقول السيدة سابين – بأن كل الذين كانت لهم أهداف اقتصادية بهذه المنشأة قد لحقهم الضرر جراء هذا العمل الجبان، الذي يجب محاربته بكل الوسائل الشرعية الممكنة، وعدم إتاحة الفرصة لتكرار مثل هذه الاعتداءات التي تهدف إلى المساس بأمن وسلامة أناس أبرياء، مستدلة في ذلك بمقولة لوزير الخارجية الكندي، السيد جون بيرد، خلال أزمة الهجوم على منشأة تيڤنتورين، بأن كندا مستعدة تمام الاستعداد للمشاركة كشريك فعّال في كل الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب وكل إشكاله. أما المستشار لدى رئيس الجمهورية، السيد محمد كمال رزاق بارة، فقد كان صريحا جدا في الكلمة التي ألقاها بالمناسبة حول تعزيز قدرات مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، قائلا :«إن هذه الآلية هي دعامة إضافية للمنظومة العالمية لمكافحة الإرهاب العابر للأوطان"، مضيفا أن الضربات الإرهابية التي تعرضت لها دول الساحل قبلها، الجزائر، لن تزيدنا إلا عزما على حماية الشعوب وأمن الأوطان بكل حزم وقوة". السيد بارة تناول بإسهاب التنامي الخطير للجريمة العابرة للأوطان وتأثيرها الخفي، كونها أصبحت عاملا لزعزعة شاملة تهدد الاستقرار والتناسق الاجتماعي في بلدان منطقة الساحل كاملة، خاصة بعد أن اتضح أن أموال الفدية جراء عمليات الاختطاف ومختلف أشكال التهريب هي المورد الرئيسي والأساسي، الذي يتيح لهذه المجموعات تمويل جزء كبير وهام من نشاطاتها الإرهابية، الأمر الذي كشف الطابع المعقد الذي يميز الإشكالية الأمنية في منطقة الساحل التي أصبحت تعيش اليوم تطورات كبيرة وكثيرة منذ انتشار المجموعات الإرهابية بشمال مالي في الأشهر الأخيرة، وهو ما جعل السلطات المالية الانتقالية تطلب المساعدة من كافة الشركاء في المنطقة ومن خارجها في إطار تنفيذ اللائحة الأممية رقم 2085 الصادرة عن مجلس الأمن، إلى جانب المطالبة بنشر قوات أممية ضمن إطار أوسع وأشمل، مما كان عليه الأمر في السابق. ومن هذا المنطلق، قال السيد كمال رزاق بارة، بأن مكافحة الإرهاب العابر للقارات تستدعي حتمية القضاء على الآفات التي يتغذى منها، وفي مقدمتها الفقر والتهميش والنقائص في الحكامة، وهو الأمر الذي يتطلب بذل المزيد من المجهودات وتكثيف الإرادات من أجل رفع التحديات، لأن الأمر مقلق جدا رغم التقدم الحاصل في الميدان وعلى الأرض. ولتحقيق هذا المبتغى، يؤكد السيد كمال رزاق بارة، أن الأمر يتطلب الآن مزيدا من التشاور والتبادل والعمل الموحد وتنسيق الجهود لواقع أحسن، وذلك لن يتم التوصل إليه حسب مستشار رئيس الجمهورية، إلا من خلال تقييم ما تم إنجازه منذ اجتماع الجزائر خلال شهر نوفمبر2011، وبالتالي تشخيص النقائص المحتملة وصياغة التوصيات التي يتعين العمل بها مستقبلا.