سطّر المركز الثقافي الجزائري بباريس برنامجا خاصا لشهر سبتمبر المقبل، يتضمن أنشطة فكرية وفنية متنوعة لا تغيب خصوصية النكهة الجزائرية عنها. الانطلاقة ستكون مساء يوم الأربعاء 11 سبتمبر من خلال افتتاح معرض ”الزجاج الملوّن في تحوّل” للفنان لمين عمور دوكمان، والذي تستمر فعالياته إلى غاية 5 أكتوبر 2013. المعرض يعكس رؤئ فنية متعددة، تأخذ الجمهور إلى عوالم سحرية وأصيلة يميّزها الإبداع وقوة الكلمة والرمز، حيث يمنح هذا الفنان بصمات خاصة لأعماله ليلبّي فضول الجمهور ورغبته في السفر إلى عالم عجيب، تتجلى في المعرض معالم التاسيلي الضاربة في التاريخ، كما تتجلى غابات وأشجار قرانا، التي تبدو في حالة احتفال. تحضر أيضا شفاه وعيون نسائنا التي تزدحم مع الزهور والأشكال ذات المواد المختلفة؛ من خيوط وحلفاء وزجاج وقماش وورق مقوى وغيرها. يمتاز دوكمان بقدرته الهائلة على التشكيل والتنويع والسخاء في الإبداع، مما ينعكس في ألوان الزجاج وتحوّل الأربطة (أربطة العنق مثلا). توصّل هذا الفنان إلى إيجاد أسلوب خاص به وتقنيات سمحت له بولوج عوالم مختلفة وجديدة، والذي يعرف هو تماما كيف يستغل الخيال الذي بها. المعروف أن فن الزجاج مثلا فن متعب في إنجازه، خاصة من حيث تجميع القطع الصغيرة وتركيبها وطلائها بحذر، ومراعاة توزع الضوء من خلالها واحترام المساحات هندسيا، إنه فن نقي ومجهد في آن واحد. التحول عند هذا الفنان هو أخذ قطعة ما وإعطاؤها مصيرا آخر مختلفا ومنسجما لتبدو كسمفونية منسجمة. المركز الثقافي الجزائري على موعد أيضا يوم 19 مارس، مع فن آخر لا يقل رقيا ومتعة، وهو الشريط المرسوم؛ حيث سيتم عرض أمسية هذا اليوم شريط ”الجزائر” بحضور المؤلفين لويس ڤارسيا وأدولفو أوسيرو وراوول مورالا والرسام (الشريط المرسوم) فريد بوجلال. اللقاء ستنشطه نعيمة ياحي من ”مغرب زين”. يشار إلى أنه في سنة 1977 لبّى الإسبانيون لويس ڤارسيا وأدولفو أوسيرو (وهما رسّامان) وفليب هرنوداز كافا (سيناريست)، طلب الحكومة الجزائرية لإخراج فيلم أو شريط مصوّر يعرض تاريخ المقاومة الجزائرية إبان الاستعمار الفرنسي؛ أي من 1830 حتى فجر الثورة في 1 نوفمبر 1954، والتي قادتها جبهة التحرير. عمر من العاصمة الجزائرية، كُلف بجمع الوثائق والأرشيف وبالتأطير السياسي للفيلم، لكن بعد وفاة الراحل هواري بومدين صرف النظر عن هذا المشروع لينشر سنة 1979 عند إكوزاجي، وهو ناشر باسكي موهوب. رصد فيلم (الجزائر) يوميات العنف الاستعماري؛ من لا إنسانية وضغط وقانون الأندجينا وتجنيد إجباري أثناء الحربين العالميتين وغيرها من مظاهر القهر والعبودية، كما حمل الفيلم عرفانا لصمود الشعب الجزائري في مسيرته نحو الحرية. يُعتبر هذا الشريط المرسوم الأول من نوعه في الجزائر، الذي يؤرخ لتاريخ الثورة، وهو بمثابة مرجع هام وقيّم، يبرز الفرق بين حق الشعوب وظلم الاستعمار. الموعد الثالث سيكون يوم 26 سبتمبر بلقاء يعرض رواية كتبتها نينا كوريز، والتي سجلت فيما بعد 50 سنة من الاستقلال، ذكريات تضحية أبناء الجزائر خاصة النساء (جزائريات وأخريات من أصل أوروبي)، فضّلن الصمت طوال 50 سنة ولم يعرضن مسار عملهن الذي كان جزءا من حياتهن العادية. كتاب ”نساء ذوات قلب” استطاع أن يجمع نساء لم تجمعهن معرفة سابقة ببعضهن، لكنهن تجاوبن مع المؤلفة وقدّمن شهاداتهن، أغلبهن كانت لديهن حساسية من وسائل الإعلام، لذلك كن يرفضن أي استجواب صحفي مباشر، عذرهن في ذلك تخوفهن من استغلال هذه الشهادات لأغراض ما أو تحريفها أو غيرها من التخوفات. أغلب هؤلاء المجاهدات هن بطلات وضحايا في آن واحد، قررن تقديم شهاداتهن قبل فوات الأوان. واعتبرت الكاتبة هذا الإنجاز سفرا لها عبر الزمن والتاريخ ليس فقط من خلال الشهادات التي جمعتها، بل أيضا من خلال الأرشيف والتسجيلات وكتابات المؤرخين والسياسيين وغيرها. وأشارت الكاتبة إلى أنها تقاسمت مع هؤلاء المجاهدات ذكرياتهن زمن المراهقة وقهقهاتهن، لكنها تقاسمت معهن شعور الخوف والرعب والتعذيب وصولا إلى نسوة الاستقلال. للتذكير، فإن الكاتبة نينا كوريز سبق لها وأن أنجزت فيلما وثائقيا عام 1992 عنوانه ”خريف أكتوبر بالجزائر العاصمة”، والذي كان بداية لالتزامها بقضية المرأة خاصة بدول الجنوب. يحضر في هذا البرنامج الفن ممثلا في المطرب القبائلي عليلو، الذي سينشّط سهرة فنية ليلة 21 سبتمبر، والذي سيحضر بالناي الأصيل وبالأرمونيكا والقيثارة والماندولين، كيف لا وهو العازف المتكامل! الفنان متخرج من المعهد العالي للموسيقى بالجزائر، مولع بالموسيقى القبائلية والغربية، ألبوماته (8 ألبومات) سفر بين مختلف الطبوع وبلمسة خاصة منه. سبق لعليلو أن غنّى في كبريات القاعات، منها زنيث بباريس وقاعة ليون وقصر المؤتمرات والكابري المتوحش والبورصة، وله جمهوره الذي يحضر حفلاته بقوة.