تهافت مواطنو جنوب إفريقيا على دور السينما لمشاهدة فيلم "مانديلا، رحلتي الطويلة إلى الحرية" منذ وفاة بطل مقاومة التمييز العنصري الأسبوع الماضي عن عمر 95 عاما، مغتنمين فرصة أخيرة لتأمّل حياته، وبدأ عرض الفيلم الذي يصور حياة مانديلا ومدته 150 دقيقة، حيث يقوم بدور البطولة فيه الممثل البريطاني إدريس إلبا قبل أيام معدودة من وفاة أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا، الفائز بجازة "نوبل" للسلام في منزله في جوهانسبورغ. أوقفت دور السينما في جنوب إفريقيا عرض الفيلم في اليوم التالي لوفاة مانديلا، لكنها منذ ذلك الحين تقدم عروضا إضافية لتلبية الإقبال الشديد على مشاهدة الفيلم، وقال تشيرش شيكوامبانا (28 عاما) الذي شاهد الفيلم في العاصمة بريتوريا؛ "من حقه عليّ بعد وفاته أن أذهب وأعرف المزيد عن حياته". افتتح الفيلم الذي يقوم على السيرة الذاتية التي كتبها مانديلا عام 1994 في لندن، يوم الخميس الماضي، في عرض حضرته ابنتان من أبناء منديلا والأمير وليام حفيد الملكة إليزابيث وزوجته دوقة كمبردج، ويرصد الفيلم حياة نيلسون مانديلا منذ طفولته في قرية ريفية حتى تنصيبه كأول رئيس منتخب في جنوب إفريقيا، الفيلم من بطولة إدريس إلبا في دور نيلسون مانديلا وناعومي هاريس في دور ويني مانديلا. قضى مانديلا نحو ثلاثة عقود من الزمن في السجن وانتخب كأول رئيس أسود لجنوب إفريقيا في انتخابات متعددة الأعراق عام 1994، أنهت حكم الأقلية البيضاء للبلاد وتحدّثت زيندزي مانديلا ابنة بطل مكافحة النظام العنصري نلسون مانديلا عن تأثّرها بالفيلم الذي يمتد على ساعتين من الزمن، يروي مسيرة والدها منذ طفولته حتى خروجه من السجن عام 1994. وقالت قبل العرض الأول المغلق للفيلم بحضور شخصيات سياسية ومسؤولين؛ "كانت لحظة مؤثرة جدا بالنسبة لي"، وأضافت وهي تقاوم دموعها؛ "هناك مشهد يصوّرنا أنا وشقيقتي وحدنا في المنزل، بعدما جرى توقيف والدتي.. كانت شقيقتي تهتم بي وتحاول أن تعد لي طعام الإفطار". وتابعت قائلة؛ "هذا المشهد البسيط أعادني إلى كلّ تلك الذكريات من حياتي، وإلى الأوقات التي شعرت فيها بغياب الوالد والحرمان من الحياة العائلية العادية، كل هذه الأوقات من الوحدة واليأس التي لم يأت فيها أحد لمساعدتنا"، وخلصت إلى القول؛ "بصراحة، الفيلم قاس، أعتقد أنني بحاجة لمشاهدته مجدّدا"، مشيدة بقدرته على تلخيص مسيرة حياة مانديلا بعدد من المشاهد. لكن ما يميز الفيلم الجديد أنه حاول نقل صورة أصلية لكل الأحداث، مرتكزا على بحث معمق في محفوظات مركز نلسون مانديلا، كما عمد إلى تصوير الحياة الشخصية والعائلية لمانديلا، وقال مخرج الفيلم البريطاني جاستن شادويك؛ "حاولنا أن نفهم البعد الشخصي للرجل، وليس الأمور التي يعرفها كل الناس، أردنا أن يتناول الفيلم العائلة، الحب والمسامحة". إذا كان الفيلم يؤرخ لحياة مانديلا، فإنه يلقي أيضا الضوء على مواطني جنوب إفريقيا الذين شارك منهم عدد كبير في المشاهد التي تصوّر أعمال العنف إبان الصدامات العرقية في البلاد، حيث يقول المخرج؛ "أردنا أن نرسم صورة شاملة حقيقية للناس الذين يظهرون في الفيلم".