لم تخرج الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف هذا العام عن إطارها المعتاد المتعارف عليه، فالألعاب النارية والمفرقعات التي أضاءت ليلة الاحتفال بمدننا صنعت أجواء استثنائية وفرحة كبيرة خاصة لدى الأطفال، لكنها جرت معها مآسي أكبر بسبب الإصابات المسجلة والتي راح ضحيتها طفل في 12 من عمره بولاية غليزان، بالإضافة إلى بتر أصابع طفل آخر بولاية الجزائر ناهيك عن تسجيل 9 حرائق بعدة ولايات أبرزها العاصمة.. وأمام تكرار نفس المشاهد والسيناريوهات التي يشجعها غياب وعي المواطنين تتحمل الدولة التبعات الخطيرة للمفرقعات والألعاب النارية التي لا تخلف سوى الأضرار منها الصحية الخطيرة التي تقع مسؤولية استشفائها على المصالح العمومية وأخرى مادية تتحملها خزينة الدولة. هدأت أجواء الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في ساعات متأخرة من ليلة أمس، مما سمح لمصالح الحماية المدنية بالركون للراحة وضبط حصيلتها الأولية للحوادث المسجلة خلال 24 ساعة من الاستعمال المفرط للمفرقعات والألعاب النارية التي خلفت قتلى وإصابات وحرائق متعددة عبر عدد من الولايات، يبقى وعي المواطن وخاصة الأولياء غائبا في ظل صمت تام وعدم حراك على مستوى مصالح البلديات والمراقبة وكذا جمعيات حماية المستهلك الغائب الأكبر عن الساحة. وخلال الفترة الممتدة من 13 إلى 14 جانفي الجاري، أي خلال 24 ساعة، سجلت مصالح الحماية المدنية 2200 تدخل في مختلف المجالات استجابة للاتصالات الطارئة والمستعجلة للمواطنين المرتبطة أساسا باستعمال المفرقعات، وقد تدخلت مصالح الحماية المدنية في 15 حالة خطيرة جدا بكل من العاصمة، غليزانوالأغواطوقسنطينة والبليدة وتيبازة وتلمسان، وتمثلت التدخلات في إسعاف الأشخاص المصابين ونقلهم نحو المستشفيات وكذا إخماد الحرائق الناجمة استعمال هذه المواد. ونقلت وحدات التدخل للحماية المدنية بولاية غليزان طفلا في 12 من عمره جثة هامدة بعد أن هوى وراء مفرقعة أردته قتيلا، وقد لقي الطفل مصرعه بعد سقوطه من شرفة عمارة بالمكان المسمى عمارة بن زينب ببلدية زمورة وكان الضحية بصدد استعمال المفرقعات عندما فقد توازنه وسقط أرضا. وبقسنطينة، التي حجزت بها مصالح الأمن أزيد من 67 ألف وحدة مفرقعات، سجلت إصابة 15 شخصا تتراوح أعمارهم ما بين 14 و18 سنة جراء الاستعمال المفرط للمفرقعات. أما وحدات التدخل بولاية الجزائر فنقلت بشكل طارئ طفلين ومراهقين تعرضا لجروح خطيرة على إثر انفجار "قنابل" مفرقعة، وذلك بكل من بلديات الحراش وبلوزداد وبراقي، فيما سجلت أخطر الحالات بحي الدهاليز الثلاثة بالحراش، حيث فقد طفل أصابعه الثلاثة جراء انفجار مفرقعة قوية المفعول بيده.. ولم تقل خطورة الحالات الأخرى عن سابقتها، حيث اضطرت المصالح الاستشفائية إلى إبقاء المصابين بالمؤسسات الاستشفائية المتخصصة. كما سجلت مصالح الحماية المدنية خمسة حرائق تم إخمادها بولاية الجزائر بسبب المفرقعات والاستعمال السيئ للشموع بعدة نقاط منها حريقان بحي القصبة وبباب الزوار وآخر بالرغاية وحريق ببلدية المقرية كما تم تسجيل أربعة حرائق بولايات كل من الأغواط، قسنطينة، تيبازة وتلمسان تم إخمادها بفضل التدخل السريع لوحدات الحماية المدنية. وإن كان الإقبال على اقتناء المفرقعات خلال العام قد عرف تراجعا نسبيا مقارنة بالسنوات الماضية بسبب ارتفاع أسعارها بأزيد من 40 بالمائة، إلا أن ذلك لم يمنع الجزائريين من صرف مبالغ خيالية للاحتفال بهذه الطريقة التي تطلبت صرف ما لا يقل عن ال10 ملايير دج تم استهلاكها خلال فترة لا تتعدى الثمانية أيام، وحسب اتحاد التجار فإن أزيد من 30 ألف شخصا يقومون بالبيع الفوضوي لهذه الممنوعات التي تلج أصلا أسواقنا بطريقة موازية علما أن من 30 إلى 40 بالمائة من المفرقعات والألعاب النارية تدخل عن طريق التهريب وما يقارب ال60 بالمائة منها تمرر عن طريق الاستيراد. وكانت المديرية العامة للحماية المدنية قد حذرت المواطنين من الإفراط في استعمال الألعاب النارية، خلال الاحتفالات بذكرى المولد النبوي الشريف، لاسيما منها المفرقعات القوية التي تسبب كل عام حوادث جسيمة، وصلت حد التسبب في إعاقات، وقد وضعت مديرية الحماية المدنية جهازا أمنيا وقائيا تحسبا لمجابهة أي حادث قد ينجم عن استعمال الألعاب النارية والشموع خلال المولد النبوي الشريف، وتم تسخير إمكانيات بشرية ومادية، معتبرة لمجابهة الحوادث التي يذهب ضحيتها العديد من المواطنين والممتلكات. كما ذكرت المديرية بأهم الإرشادات الوقائية في هذا الصدد وعلى رأسها مراقبة الأولياء لأبنائهم وتوعيتهم بخطورة استعمال المفرقعات، وكذا عدم رمي هذه الأخيرة بصفة عشوائية على الأشخاص والممتلكات، إضافة إلى وضع الشموع فوق دعائم ثابتة وغير قابلة للاحتراق كالأثاث المنزلي والافرشة وفي أماكن بعيدة عن الأشياء سريعة الالتهاب، بالإضافة إلى تجنب استعمال هذه الألعاب النارية "داخل البنايات السكنية وأمام محطات توزيع الوقود وداخل مواقف السيارات وبجانب المؤسسات الاستشفائية.